بقدر ما كانت فرحة معلمى الأزهر بالنتيجة المرتفعة لاختبارات الكادر كبيرة، بقدر ما كانت المفارقات فى هذه النتيجة مؤشرا هاما على الاتجاه الذى يسير فيه التعليم الأزهرى، فلم تفلح النسب المرتفعة التى تتخطى حاجز الـ 99 %، إخفاء النسبة الضئيلة التى منيت بها تخصص القراءات التى لم تتعدى 81.3%، وهى أقل نسبة فى النجاح مقارنة بباقى التخصصات، وهو ما يستدعى تساؤلا هاما حول أسباب تدنى هذا المستوى فى مادة هى المحور الرئيسى فى التعليم الدينى عموما والأزهرى بالأخص؟
لغة الأرقام تؤكد أن السبب بالطبع ليس فى عدد معاهد القراءات أو خريجيها سواء تلك التى تتبع الأزهر أو الجمعية الشرعية أو الخاصة، فبحسب آخر إحصائية هناك ما يقرب من 110 معاهد قراءات للفتيات. يدرس بها حوالى 25 ألف طالبة، إضافة إلى 130 معهد بنين يدرس بها حوالى 32 ألف طالب، إلا أن الشيخ عبد الفتاح دردير رئيس قطاع المعاهد الأزهرية لم يقتنع بهذا الرأى، مبررا ذلك بأن مادة القراءات فى القرآن وعلومه من أصعب التخصصات التى تدرس فى الأزهر، وبالتالى فإن عدد المتخصصين قليل لأنه لابد لمن يدرسه أن يكون فاهما فيه ومحبا له، وليس مجرد خريج معهد قراءات فقط.
وعلى الرغم من أن القرآن هو من المواد الأساسية فى كل مراحل التعليم الأزهرى، وبالتالى فهى تحتاج إلى معلم على درجة عالية من التخصص، إلا أن دردير أبدى عدم تخوفه من هذا الأمر، مبررا ذلك بأن نسبة النجاح فى الكادر بالنسبة لتخصص القراءات ليست بهذا السوء، فرقم 81.3 % هو رقم مبشر ولا يدعو للقلق، فهى فى رأيه نتيجة جيدة لمادة بهذه الصعوبة.
تفاؤل مسئولى الأزهر من نسبة النجاح فى تخصص القراءات لم يكن كافيا لقتل القلق الذى اشتعل فى نفوس الأزهريين مما وصفوه بتدهور حال الأزهر ككل، فالدكتور عبد المنعم البرى الأستاذ السابق بجامعة الأزهر، يرى أن الإهمال فى هذا التخصص ناتج عن إغفال قيادات الأزهر لأهميته، وتجاهلهم لما أسماه "مخطط محاربة القرآن واللغة العربية" وتساءل عن سر فرحة هذه القيادات بنسبة نجاح مثل هذه، وعلق على ذلك بقوله "لابد أن يبدى مسئولو الأزهر أولا اهتماما باللغة والقراءات حتى يشعر مرؤوسوهم بهذه الأهمية، فلن يستقيم الظل والعود أعوج"
البرى أيضا أبدى تحسره على الماضى حيث الكتاتيب التى كانت منتشرة وبعضها يشرف عليه الأزهر والأوقاف ووزارة المعارف وتلك كانت أكبر مدرسة لتعليم الناس القراءات وتحفيظهم القرآن، بينما الأزهر بكل ميزانياته ومؤسساته لا يستطيع أن يضطلع بهذا الدور، كما طالب البرى بأن يلجأ الأزهر لهذه الكتاتيب ومراكز التحفيظ مرة أخرى مادام لا يهتم بمعاهد القراءات.
بعد تدنى نسبة النجاح فى تخصص القراءات..
أزهريون يطالبون بعودة الكتاتيب ومراكز التحفيظ
الخميس، 16 أبريل 2009 10:23 ص