قصة تتكرر كثيراً دون أن نلاحظها فمن يشاهد «رومانى» 17 سنة، وهو جالس فوق كوبرى إمبابة يدخن سيجارة وبجواره حقيبة صغيرة تظنه أحد الطلاب الهاربين من المدرسة، فلا تتخيل أن خلف هذا الصبى رحلة مئات الكيلو مترات.
بدأت رحل اغتراب «رومانى إبراهيم» منذ سن 15 سنة، عندما اختلف مع والده ليترك له بلدته فى أسيوط ويركب قطار القاهرة الذى يكلفه 15 جنيها، لا يدرى إلى أين يذهب أو ماذا يصنع، عمل «رومانى» بعدد من الأعمال لمدة عامين، بداية من سباك صحى إلى نجار إلى بائع فى متجر، سوء المعاملة كان يجبره دائماً على ترك المهن السابقة التى لم يتقن أياً منها بسبب قصر فترة عمله بها.
جرب «رومانى» السفر إلى الإسكندرية والعمل فى معرض ألومنيوم لمدة شهرين أدخر خلالهما 500 جنيه قبل أن يترك الإسكندرية عائداً إلى أهله مرة أخرى، من أجل اللحاق بموعد الامتحانات حيث يعود كل تيرم من أجل اللحاق بها، ولكنه قرر ألا يعود إلى الإسكندرية مرة أخرى «لأن العيشة هناك غالية».
الاستعداد لعيد القيامة تلزمه ملابس جديدة، مما دفع «رومانى» للنزول إلى القاهرة للبحث عن عمل من جديد يوفر له ثمن تلك الملابس، فيحكى متاعبه بعد مضى أول يوم على وصوله قائلاً: «نزلت كلمت أصحابى أبات عندهم ماحدش منهم بيرد على موبايله، فبت على كرسى فى القهوة لحد تانى يوم» واستمرت رحلة رومانى فى البحث عن عمل لمدة يومين حتى قابلناه جالساً على كوبرى إمبابة وقد قرر إن لم يجد عملاً حتى نهاية اليوم فسوف يستقل القطار العائد إلى بلدته تجنبا لمزيد من البهدلة: «حاجة تكسف إنى ألف على الناس أدور على شغل، لأن ماحدش بيشغل حد عنده وهو مايعرفوش من غير ضامن ليه».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة