◄الكفراوى مكن بن لادن من أراضى الساحل الشمالى وسليمان بنى القصور للوزراء والمغربى يدير الوزارة من «شقة» جاردن سيتى
◄لماذا تجاهل المغربى التحقيق الذى أجراه الكونجرس الأمريكى فى فساد مشروعات المياه والصرف الصحى؟
◄اللواء المقرحى: الكفراوى بكى أمام وزير الداخلية لإخفاء مخالفات موظفيه.. ومنح وزارة الإسكان فى العهد الحالى امتدت إلى البرلمان
وزارة الإسكان لا تحتمل ترف المقدمات عندما نكتب أو نتحدث عنها، فقد صنعت الشىء مشروعات ومناصب.. مليونيرات يعيشون فى قصور.. وضحايا يموتون تحت الصخور.. مياه شرب تغرق الشوارع ومناطق أخرى لا تصل إليها قطرة ماء، قرارات تخصيص بملايين الأمتار تسدد أسعارها على طريقة حين ميسرة.. وكانتونات مغلقة للأثرياء وأبراج خالية.. وسكان مقابر. يذهب وزير ويأتى آخر وتظل وزارة الإسكان كما هى، وكر المتناقضات. وطول الفترة من نهاية السبعينيات حتى الآن توالى 4 وزراء للإسكان كانت لكل منهم مشكلاته وقضاياه.
هل تذكرون أجريوم؟.. المشروع الذى أرادت شركة كندية متخصصة فى الكيماويات تنفيذه فى دمياط ولكنه قوبل بموجة رفض شعبية. السؤال المنطقى وما العلاقة بين هذا وذاك؟ باختصار شديد العلاقة بين وزارة الإسكان وأجريوم «الأرض».. التى جمعت بين أطراف سيطرت على وزارة الإسكان، بداية من المهندس حسب الله الكفراوى، والدكتور محمد إبراهيم سليمان، والمهندس أحمد المغربى، واللواء أحمد عبدالرحمن رئيس هيئة الرقابة الإدارية السابق.
تفاصيل هذا اللغز، تعود إلى يونيو 2008 عندما تقدم الكفراوى، ببلاغ إلى نيابة الأموال العامة، اتهم فيه الرئيس السابق لهيئة الرقابة الإدارية، اللواء أحمد عبدالرحمن، وورثة الأمير فيصل بن فهد، بالاستيلاء على أموال إحدى الشركات، والتسبب فى ضياع 5 ملايين دولار على الدولة، وجاء فى البلاغ: أن الكفراوى عقب خروجه من وزارة الإسكان، تلقى اتصالا هاتفيا من الأمير فيصل بن فهد، يطلب مقابلته لأمر مهم، وتمت المقابلة فى فرنسا واتفقا على إقامة 5 شركات فى عدة دول بينها مصر.
على أن يتولى الكفراوى إدارة هذه الشركات، مقابل %10 من الأرباح، والباقى يذهب للعائلة المالكة السعودية، وعقب وفاة الأمير فيصل بن فهد، تولى أحد ورثته إدارة الشركات، وأجبر الكفراوى على الرحيل دون الحصول على نصيبه.
ثم فوجئ الكفراوى، بأن اللواء أحمد عبدالرحمن، الرئيس الأسبق لهيئة الرقابة الإدارية، يتولى إدارة الشركات بدلا منه، وبعد مرور سنتين تقريبا، اكتشف الكفراوى أن اللواء أحمد عبدالرحمن والأمير السعودى باعا معدات الشركة وقيمتها 20 مليون دولار، دون إخطار هيئة الاستثمار، الأمر الذى اعتبره الكفراوى تبديدا لأموال الدولة.
السطور السابقة هى نصف الحقيقة ولكن النصف الآخر منها كان فى وزارة الإسكان، وتحديدا بهيئة المجتمعات العمرانية التى تحتفظ بملف باسم «الشركة المصرية السعودية للاستثمار والتنمية العقارية»، حصلت على 273 فدانا، بتاريخ 12/ 8/1996، بتوقيع محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان، ثم عادت وحصلت على 177 فدانا، بتاريخ 12/12/1997 واستغلت الشركة 22 فدانا للأنشطة الصناعية وتبقى لها 211 فدانا بدون استغلال، أى أنها احتفظت بالأرض، بدون استغلال طوال 10 سنوات، وفى عام 2007 تقدمت بطلب لوزارة الإسكان للموافقة على بيع 150 ألف متر مربع من الأراضى المخصصة لها لشركة «أجريوم» الكندية.
وفى ظل انشغال الجميع بمقاومة أجريوم لم يلتفت أحد إلى أن الشركة التى تسعى لبيع الأرض هى شركة سعودية مصرية، حصلت على الأرض عن طريق التخصيص، وكان يتولى رئاستها وزير الإسكان حسب الله الكفراوى.
هل كانت وزارة الإسكان فى عهد المغربى مغيبة، لا تدرى شيئا عن هذه الأرض طوال 10 سنوات أم كانت تدرى ولكنها تنتظر الفرصة المناسبة.. التى جاءت عندما طلبت الشركة المصرية السعودية السماح ببيع جزء من الأرض لأجريوم؟.
هيئة المجتمعات العمرانية استغلت الموقف لصالحها هذه المرة.. وأصدرت قرارا بسحب الأرض بدعوى أنها تقاعست عن استغلالها واعتبرت وزارة الإسكان أن احتفاظ المصرية السعودية هو التسقيع بعينه.
هيئة المجتمعات العمرانية طرحت فكرة استغلال الأرض لإقامة منشآت فندقية وسياحية، دون إشارة واضحة إلى الجهة التى سيتم التخصيص لها، القصة لم تنته عند هذا الحد بل تطورت إلى تبادل الاتهامات خلف الغرف المغلقة.
تخصيص من سليمان، صمت من الكفراوى طوال عشر سنوات، فكرة استثمار سياحى من المغربى على الرغم من أن نشاط هيئة المجتمعات العمرانية، لا يتضمن الأنشطة السياحية.. الأمر الذى دفع اللواء أحمد عبدالرحمن، رئيس الرقابة الإدارية، لتصعيد الأمر إلى رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف
هكذا سارت الأمور بين ثلاثة وزراء للإسكان؟
ولكن ماذا عن المهندس صلاح حسب الله الذى قضى عامين فقط فى وزارة التعمير? أسلوب علمى أراد صلاح حسب الله تطبيقه فى وزارة التعمير بعدما وجد فيها، ما يزيد على 100 مشروع مفتوح البطن تركها الكفراوى، اجتمع وقال لهم: لابد أن نركز العمل فى عدد معين من المشروعات ننفذها بكفاءة بدلا من «العك» وإهدار الأموال بعد ذلك فى عمليات الصيانة بعد فترة جاءت الاتصالات العليا تطالب صلاح حسب الله، بتجهيز مشروعات جديدة ليتم افتتاحها فى الأعياد الوطنية، اعتذر الرجل فجاءت الانتقادات اللاذعة: ماذا تفعلون كل هذا الوقت، تخطيط إيه وبتاع إيه أنتو فاكرين نفسكم فى شركة!، ضاق الكيل بصلاح حسب الله، صرح للبعض قائلا «أنا كنت ملك جار علىّ الزمن.. وبقيت وزير» بعدها خرج من الوزارة.. وصدر قرار دمج وزارتى التعمير والإسكان ليتولى الاثنان محمد إبراهيم سليمان.
البدايات دائما ما تكون مبشرة ولكن النهاية لا تكون كذلك، ونظرا لضخامة المهام التى تؤديها وزارة الإسكان بعد قرار الدمج، اعتمد محمد إبراهيم سليمان على وكيل لوزارة الإسكان ووكيل لوزارة التعمير، وكان سليمان معجبا بالتجربة الإنجليزية فى إدارة الوزارة، التى تقوم على فكرة وجود وكيل دائم يكون ملما بالنواحى الإدارية والفنية ويستطيع تسيير دولاب العمل، غير مرتبط ببقاء الوزير أو رحيله من الوزارة، ليتفرغ الوزير لأداء دوره السياسى.
ولكن التجربة لم تستمر، فقد شعر محمد إبراهيم سليمان، بالخطر، عندما أثنى الرئيس مبارك على محمود السرنجاوى، وكيل وزارة الإسكان فى افتتاح معرض آفاق التعمير، وبدأ فى تصفية الكفاءات من الوزارة خوفا أن يحظوا بالثناء فتكون نهايته على الرغم من أنه جاء إلى الوزارة، مدعوما بصداقة بعض الشخصيات النافذة فى الحكومة، من خلال «لسان الوزراء» بالإسماعلية، الذى أشرف فيه سليمان على بناء بعض القصور هناك باعتباره استشاريا.
فى ذلك الوقت لم يكن الساحل الشمالى قد استحوذ على اهتمام الجميع، لدرجة أن الأرض التى حصل عليها خالد بن لادن لبناء مجموعة من الفيلات للعائلة، بقرار تخصيص من الكفراوى ظلت مهملة على الرغم من أنه قام بدفع مليون دولار مقدما على أن يتم السداد فيما بعد.
وبعد أن تولى سليمان الإسكان، عارض بشدة فكرة حصول عائلة بن لادن على أراض فى الساحل الشمالى، وألغى قرار التخصيص الذى أصدره الكفراوى، ولكن سرعان ما تراجع عن الرفض، بعدما عرض بن لادن بناء 20 عمارة لإسكان الشباب.. ولكن غير معروف هل سدد بن لادن باقى سعر الأرض أم لا؟ ولكن الشىء المؤكد أن بن لادن لم يوف بوعده لإقامة مساكن الشباب.
بعد هذه الواقعة تحديدا ظهر فى سماء وزارة الإسكان العديد من الكلمات: تخصيص، قروض من البنوك بضمان الأرض، قضايا رشاوى، عمولات، سمسرة.
قرارات الإسناد المباشر وغيرها من عمليات تسهيل التربح داخل وزارة الإسكان لم تكن بالشىء الجديد، فهى موجودة من أيام عثمان أحمد عثمان، وإن كانت تتم بالتراضى على اعتبار أن شركات المقاولات قليلة ولم تكن هناك صراعات على العمولات.
والأمور كان من الممكن السيطرة عليها، مثلما حدث مع حسب الله الكفراوى، عندما قدم أحد المقاولين رشوة للعاملين فى جهاز 15 مايو، وعلمت بها مباحث الأموال العامة، وكان اللواء فاروق المقرحى، هو المسئول عن ضبط هذه العملية وفقا لما رواه لـ«اليوم السابع» وأضاف المقرحى أن الكفراوى بمجرد علمه بهذه الواقعة سارع بالتوجه إلى وزير الداخلية اللواء حسن أبوباشا، وتوسل إليه أن يتكتم على هذه الفضيحة، يقول المقرحى- إن الكفراوى كاد أن ينهار فى مكتب أبو باشا من شدة البكاء وطلب ألا تصل هذه الواقعة إلى مسامع الرئيس.
رغبة الكفراوى فى التعتيم على الفضيحة لم تكن خوفا من أنه متورط فيها، ولكن الرجل كان يخشى على وضعه ومركزه الأدبى ولكن بعد ذلك تغيرت الأمور فى عهد محمد إبراهيم سليمان، والحديث مازال على لسان اللواء المقرحى، قائلا: إن الجرائم فى وزارة الإسكان لم ولن تتوقف لأن ذلك مرتبط بشكل أساسى بعمليات تخصيص الأراضى للأفراد وللشركات، والمناقصات فى عهد سليمان، أما أيام الكفراوى فكانت تتم فى جهات الإسناد الخارجية فى بعض الشركات التى كانت تتعامل مع وزارة الإسكان مثل شركات: حسن علام ومختار إبراهيم والمقاولون العرب، فالرشوة فى قطاع المقاولات والإسكان قد تأخذ العديد من المسميات.
سألنا اللواء المقرحى عن أسباب تفشى الظاهرة فى وزارتى سليمان والمغربى، فقال: إن جرائم وزارة الإسكان فى عهد محمد إبراهيم سليمان لم يقتصر وجودها داخل الوزارة والأجهزة التابعة لها، وإنما تخطاها إلى مجلس الشعب، لافتا إلى أن الفترة التى كان يتولى فيها سليمان وزارة الإسكان كان محمد أبو العينين رئيسا للجنة الإسكان، وكم من الأراضى التى حصل عليها هذا الرجل عن طريق التخصيص. أيضا الفترة التى تولى فيها أحمد المغربى وزارة الإسكان، كان طارق طلعت مصطفى، رئيسا للجنة الإسكان، إذن المسألة لا تخلو من تبادل المنافع والأداور، لذلك انعكست هذه الظواهر على العاملين فى الوزارة.
طول بقاء الوزير فى منصبه، خاصة مع ارتفاع معدل الجرائم فى وزارته من أهم الأسباب التى يرى المقرحى أنها تؤدى إلى حدوث الجريمة المنظمة أو تصبح الرشوة والعمولة هى منهج العمل فى الوزارة -لافتا إلى أن 13 عاما تولى فيها سليمان الوزارة- ولكن بداية المتاعب كانت مع القضية رقم 656 لسنة 2005 التى عرفت بقضية رشوة المقاولات وكان المتهم الأول فيها هو المهندس سعد الدين محمد رئيس مجلس إدارة شركة النصر للمرافق والتركيبات، وقد وجهت إليه النيابة تهمة تقديم مبالغ مالية للدكتور ضياء الدين المنيرى لاستغلال نفوذه لدى صهره وزير الإسكان لإسناد عملية إنشاء محطة مياه المحلة.
و فساد وزارة الإسكان لم يطف على السطح إلا بعد خروج حسب الله الكفراوى، أما فى عهد محمد إبراهيم سليمان فمعظم البلاغات التى تم تقديمها من منافسين.
وفى الحقيقة أن المغربى لم يتستر على أحد، وإن كان اتبع سياسة ترويض المعارضين داخل الوزارة وخارجها، ولكن اللواء المقرحى يقول إن المغربى لم ينجح فى تعديل مسار وزارة الإسكان أو الانطباع السلبى عنها، رغم المحاولات الشكلية التى قام بها فى البداية عن طريق البيع بالمزادات، وغيرها من الطرق.
ودلل على قوله: بعد فترة وجيزة من مزاد الشاليهات فى منتصف عام 2006 تم إلقاء القبض على عصمت أبوالمعالى وكيل وزارة الإسكان، رئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر وأمانى أبوخزيم المذيعة بالتليفزيون المصرى بتهمة الحصول على رشاوى واستغلال الوظيفة العامة فى التربح من خلال تخصيص أراضى مدينة السادس من أكتوبر لأمانى أبوخزيم على أن تقوم ببيعها بأسعار مضاعفة. المشكلة الحقيقية، كما يرى المقرحى التى وقع فيها المغربى أنه اعتمد فى إدارة وزارة الإسكان على مساعده محمد الدمرداش، واكتفى هو بالمتابعة من شقته الخاصة بجاردن سيتى وفضل الصمت على العديد من التجاوزات التى حدثت من قبل.
السؤال الذى طرحناه على الاستشارى صلاح حجاب عضو جمعية رجال الأعمال: لماذا الجرائم فى وزارة الإسكان يظهر معظمها فى هيئة المجتمعات العمرانية، أى مرتبطة بالأرض؟ قال لأن الأسلوب الذى تدار به هيئة المجتمعات العمرانية الآن لا يتوافق مع الغرض الذى أسست من أجله وهو إعادة توزيع السكان، ولكن تحول دورها إلى سمسار أراض، وهذا ليس دورها، بل دورها أن تقوم بعمل بنية أساسية للمشروعات المستهدفة.
وما يحدث الآن للتنمية العمرانية ما هو إلا خلط بين أدوار الوزارت التى تقوم بأداء لا يتفق مع بعض القوانين بدعوى حسن النية، دون البحث عن أصل المشكلة، ويضيف بعدا آخر وهو أن الهيئة قد تتجمل، وتسال الخبرات الفنية، وقد تضعها فى الاعتبار شريطة أن تتطابق مع رؤيتها التى تؤثر فيها السياسة كثيرا.
مفاجأة من العيار الثقيل فجرها الدكتور رضا حجاج أستاذ التخطيط العمرانى، بجامعة القاهرة عندما قال إن هناك جرائم حدثت فى وزارة الإسكان لم يكشف عنها الستار فى مصر، بينما تم التحقيق فيها فى الكونجرس الأمريكى، وهى المخالفات المتعلقة بمشروعات المياه والصرف الصحى الممولة من المعونة الأمريكية، وأكد حجاج أن التحقيقات تناولت حجم العمولات التى تم دفعها، وأضاف حتى على المستوى المحلى هناك العديد من الجرائم فى وزارة الإسكان لم يعلن عنها كلها مرتبطة بقروض تم الحصول عليها من البنوك بضمان الأراضى، ذهب معظمها للبورصة، حجاج تساءل: لماذا لم يقم مجلس الوزراء حتى الآن بتطبيق البرنامج الحازم الذى وضعه الجهاز الوطنى لحماية أراضى الدولة للحفاظ على ما بقى من أراضى وزارة الإسكان.
لمعلوماتك...
◄77 تولى الكفراوى الوزارة حتى عام 93
◄2004 تولى أحمد المغربى حتى عام 2009
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة