أثيرت الأسبوع الماضى ضجة حول قيام الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالانحناء إجلالا أمام العاهل السعودى الملك عبدالله خلال قمة العشرين، وتركزت هذه الضجة حول سؤال محورى: "هل من المناسب أن يقدم الرئيس الأمريكى الولاء لديكتاتور أجنبى"، وفى هذا الصدد تتساءل صحيفة فورين بوليسى، ما هو شكل العالم بدون النظام السعودى الراديكالى الديكتاتورى؟ وقالت الصحيفة فى تعليقها على الحدث إن تحالف الملك عبدالله مع الولايات المتحدة، والذى يجمع فى طياته الثروة النفطية للعاهل السعودى، سمح بازدهار الإسلام الراديكالى "الوهابية" وتسميم الشرق الأوسط بها. وتكمل الصحيفة تساؤلاتها، فهل من غير المعقول أن نتوق إلى عالم لا وجود فيه للنظام السعودى الحالى؟
تؤثر أسرة آل سعود فى العالم عن طريق ثلاث وسائل، فهى أكبر منتج للنفط فى العالم، صاحب الجزء الأكبر من سوق الطاقة الإنتاجية الفائضة، وهى بمثابة الحارس للأماكن الإسلامية المقدسة ومركز دينى للمذهب السنى، فعندما يتعلق الأمر بالعنصرين الأولين، سنجد أن عالما خاليا من المملكة العربية السعودية لن يكون بالضرورة أفضل. وطالما ظل النفط وقود نظم النقل العالمية، فأمن الطاقة سيبقى هدفا بعيد المنال حتى دون إنتاج المملكة العربية السعودية التوجيهى. كما أن اختفاء السعوديين لن يهدئ من التوتر الدينى فى الشرق الأوسط، ولكن على العكس من ذلك، هناك فراغ فى مختلف الطوائف الإسلامية التى تنافست للسيطرة على مكة المكرمة والمدينة المنورة مما يسمح لإيران تجسيد طموحاتها فى تمكين الهيمنة الشيعية فى الخليج الفارسى.
وبالنظر إلى العنصر الثالت وهو ما يتعلق بالوهابية، فإن عالم بلا النظام السعودى يكاد يكون تفكيرا مخلا، فبعد سنوات من اعتداءات 11 سبتمبر، مازالت المملكة السعودية محورا عقائديا، ومحرضا وممولا للإرهاب، ولقد قال ستيوارت ليفى وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشئون الإرهاب والاستخبارات المالية لشبكة أيه بى سى عام 2007 "لو كنت أستطيع أن أمد أصابعى وأقطع التمويل من أحد البلدان، سيكون من المملكة العربية السعودية".
واتهمت الصحيفة السياسات السعودية بأنها السبب الرئيسى وراء "غسيل دماغ" الذى تعرض له الأطفال الصغار وحثهم على كراهية المسيحيين واليهود وغيرهم من "الكفار" من خلال المدارس الدينية التى تمول بأموال سعودية فى كل من بنجلاديش، والبوسنة والهرسك، وإندونيسيا، وأوزبكستان، وإسبانيا، وحتى فى الولايات المتحدة، وفى باكستان وحدها نحو أكثر من 12ألف مدرسة دينية، وكثير منها ذات تمويل سعودى. فالوهابية لا توفر فقط تربة خصبة يزدهر فيها التطرف الإسلامى، ولكنها تهدد أيضا الاتجاهات الإسلامية المعتدلة.
ورغم كل ذلك، فإن تأثير المملكة العربية السعودية فى الاقتصاد العالمى، سيجعل واشنطن تقبل سجل حقوق الإنسان السيئ، ومعاملة النساء وغير المسلمين كمواطنين من الدرجة الثانية، والدعم المالى للمؤسسات الإسلامية المتشددة. فمن دون الدولة السعودية، يمكن أن تنجلى وبسرعة قشرة اللياقة السياسية التى اتسمت بها الولايات المتحدة تجاه الوهابية، وفى هذه الحالة ستكون الولايات المتحدة حرة فى قتال الإسلام المتطرف علنا وبشكل حاسم. ومثل هذا العالم قد لا يكون خاليا من الإرهاب، ولكنه على الأقل سيجنب الأمريكيين الدفع لكلا الجانبين فى الحرب على الإسلام الراديكالى.
فورين بوليسى: النفط وراء انحناء أوباما للملك عبدالله
الأربعاء، 15 أبريل 2009 04:34 م
ضجة بسبب انحناء أوباما أمام العاهل السعودى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة