محمد حمدى

فزاعة الإخوان

الأربعاء، 15 أبريل 2009 03:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جاء صوته على الهاتف المحمول غاضبا وثائرا، يختلجه الخوف، قال: اسمى إيهاب وأنا طالب بالمعهد العالى للتكنولوجيا ببنها، لدينا مشكلة ومصيبة!
قلت: خير؟
أجاب: رئيس تحرير جريدة الجمهورية كتب أننا تابعون لجماعة الإخوان المسلمين وهذا ليس صحيحا ونريد من ينفى عنا هذه التهمة.

ثم أرسل لى إيهاب على البريد الإلكترونى ملفا وافيا عن مشكلة المعهد، ونفى تهمة الانتماء للإخوان المسلمين. ويهمنى التوقف أمام ما نشره الزميل محمد على إبراهيم فى جريدة الجمهورية بعد تهديد وزير التعليم العالى بالانتحار إذا تم تحويل معهد بنها إلى كلية للهندسة، فنفى الطلاب لهذه التهمة جازم، وقال إيهاب فى رسالته الإلكترونية ما يلي:
"الشعور بالظلم إحساس مرير ولكن الأشد مرارة عندما يرفع الإنسان صوته ليدفع الظلم الذى وقع عليه فيجد ظلما أشد من كل الناس، نحن طلاب أصحاب قضية ومطلب عادل نحترم النظام ونحترم حكومتنا جدا، لأنهم قبل أن يكونوا ممثلين للحكومة فهم آباؤنا ونحن أولادهم، ومطلبنا ليس له علاقة بالسياسة فنحن لا نهاجم أحدا، وإنما نطالب بحقوقنا بكافة السبل المشروعة قانونا".

ويضيف إيهاب: " تم اختيارنا لتمثيل طلاب المعهد ولم نلجأ لجماعة ما أو حزب فمطلبنا طلابى من الدرجة الأولى، ولم يوجهنا أحد على الإطلاق، بدليل أنه تم رفض إنهاء الاعتصام أكثر من مرة، بعد حضور بعض أعضاء مجلس الشعب والشورى المنتخبين ببنها، منهم أحمد نصر عبد الستار نائب الوطنى ومحسن راضى نائب الإخوان المسلمين عن دائرة بنها والحارس القضائى لنقابة المهندسين مهندس جمال المهدى عضو بمجلس الشورى".

هذا ملخص رسالة إيهاب نيابة عن طلاب المعهد العالى للتكنولوجيا ببنها الذين يطالبون بتحويل معهدهم إلى كلية للهندسة، وسواء كان المطلب عادلا .. أم لا، فإن التسرع باتهام الطلاب بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين على غير حق، كما يقول إيهاب، أمر فى غاية الخطورة ويستحق الاهتمام.

ففى ظل حالة العداء غير الخافية بين الدولة والإخوان يصبح اتهام أحد بالانتماء للإخوان وكأنه إبلاغ رسمى للسلطات، وقد يكون بلاغا على غير الحقيقة لكنه فى معظم الأحوال سيؤدى إلى إفساد حياة هؤلاء الطلاب، خاصة وأن تهمة الانتماء للإخوان لا تسقط إلا بالموت.
أتذكر أن والدى رحمة الله عليه انضم للإخوان وهو طالب فى مدرسة الملك الكامل الثانوية فى المنصورة فى الخمسينيات، لكنه ترك الجماعة بعد تخرجه من الجامعة.

لكن خروجه منها لم يلغ ملفه فى أمن الدولة، وأتذكر أنه أراد الترشح لانتخابات الاتحاد الاشتراكى فى الستينيات، فتم استبعاد اسمه من كشوف المرشحين، وخلال رحلته فى الحياة تنقل للعمل فى عدة مدن مصرية، وكان حين يذهب إلى أى مدينة يتم استدعاؤه إلى مكتب أمن الدولة لإخباره أن ملفه الأمنى سبقه قبل وصوله..وظل هذا الملف قرينا له حتى بعد تركه الإخوان بثلاثين عاما، ولا أعرف هل تم التخلص من الملف بعد وفاته أم أنه انتقل للورثة!

أذكر هذه الواقعة وأنا أهيب بكل الزملاء الصحفيين وكل حاملى الأقلام تحرى الدقة فيما يكتبون، حتى لا نتسبب فى تصعيب الحياة على الناس أكثر مما هى صعبة، لكن الأهم أن المخالفين للإخوان بمثل هذه التصرفات قد يدفعون الشباب إلى أحضان الجماعة خاصة بعد أن تلصق بهم التهمة.

فى التسعينيات، وأثناء المواجهات الدامية بين الدولة والجماعات الإسلامية، توسعت الشرطة فى القبض على المنتمين للجماعة والمشتبه فى انتمائهم، وكان من بينهم أطفال ومراهقون لا تتعدى أعمارهم الرابعة عشرة، قال لى أحدهم: "فى اليوم الأول فى المعتقل، خفت من الظلام وبكيت"، لكنه أصبح بعد ذلك أحد الكوادر المهمة، فقد احتواه أعضاء الجماعة فى السجن وواصلوا مرحلة تجنيده، والسيطرة على دماغه.. بينما لو لم يتم اعتقاله لربما استطعنا تحويل مساره بالعقل والفكر وإعادة التأهيل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة