حذر تقرير حقوقى من إصرار الحكومة على الاقتراض وتطبيق سياسات البنك الدولى مشككا فى النتائج التى حققتها المشروعات التى مولها بقروض خلال الفترة من 1990 وحتى عام 2007 فى مصر، مشيرا إلى أنها لم تحقق المستهدف منها فى قطاعى الزراعة والرى، وهو ما يعكسه الواقع الزراعى فى مصر.
وكشف التقرير الذى أعده مركز الأرض لحقوق الإنسان، وشارك فى إعداده عدد كبير من الحقوقيين وخبراء الاقتصاد الزراعى والريفى عن حجم الفساد فى مصر الذى أدى إلى إهدار القروض خلال الثلاثين عاما الماضية، حيث احتلت مصر المركز 115 من 180 دولة على مستوى العالم بالنسبة لمؤشرات الفساد، مشيرا إلى أنه خلال الـ 32 عاما الماضية ومن خلال 457 اتفاقية دولية حصلت الحكومة المصرية على مبالغ وصلت إلى 9.7 مليار دولار، منها 4 مليارات دفعة واحدة، تم إهدار مبلغ 2.11 مليار دولار منهم بالإضافة إلى مبلغ 54 مليون دولار تم الاستيلاء عليها.
ويكشف التقرير الصادر فى 13 إبريل الجارى أن مصر لم تستفد إلا بـ 57% من القروض وبنسبة 54% من المنح وبنسبة 48% من اتفاقيات المخاطر، ويؤكد أيضاً على أن الفساد كان وراء إهدار تلك الأموال بالإضافة إلى عجز الأجهزة الحكومية وعدم وجود دراسات واقعية عن المشروعات وغياب ممثلى ومنظمات المجتمع المدنى أثناء إعداد أو تنفيذ المشروعات.
التقرير أكد أن البنك الدولى قد كشف عن حقيقة نفسه حين أعلن فى بيانه الذى أصدره عام 2008، بأنه خلال العامين الماضيين كشفت إدارة النزاهة التابعة للبنك عن 441 حالة احتيال وفساد فى مشروعات يمولها البنك، لذلك فرض حظرا على التعامل مع 58 شركة و54 فردا حيث تم اعتبارهم غير مؤهلين للمشاركة فى أى مشروعات يمولها البنك.
ولفت التقرير الانتباه إلى أن البنك الدولى لم يكن يوما "مؤسسة ديمقراطية" بسبب الإصرار على ترأسه بشخصية أمريكية والسرية التى تحيط بمعظم أنشطته وحرمان معظم دول وشعوب الجنوب من اتخاذ القرارات أو الرقابة على مشروعاته، وقد اعترف البنك الدولى مؤخراً بأضرار هذه السياسة السرية، ولذا يقوم بمراجعة سياسته خلال عام 2009، حيث يقوم خبراؤه حاليا بإعداد "ورقة مفاهيم" عن مراجعة سياسة الإفصاح، ومن المتوقع أن يقوم البنك بتنظيم جلسات مشاورات واسعة النطاق خلال شهرى مارس وإبريل من عام 2009، فى خمس بلدان من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمراجعة تلك السياسيات.
ويوضح التقرير مسيرة علاقة مصر بالبنك الدولى ومنذ بناء السد العالى حتى توصيل الغاز لإسرائيل والتأثيرات السلبية لتلك العلاقة، خاصة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وقيمة وحجم القروض والإغراءات والضغوط التى يمارسها البنك على الحكومة لقبول شروطه والنتائج الكارثية لتحرير الأسواق وتنفيذ شروط البنك على أوضاع حقوق الإنسان فى مصر.
كما يستعرض التقرير مشروعات البنك الدولى المقترحة فى مصر خاصة مشروعات إعادة هيكلة الهيئة القومية للسكك الحديدية وتطوير القاهرة الكبرى والتأمين الصحى وتكامل محافظات الوجه القبلى وتطوير الطاقة فى العين السحنة بتكلفه تقدر بـ 1145 مليون دولار. ويوضح مضمون المشروعات الحالية لمؤسسة التمويل الدولية خاصة مشروع سويس النيل وبنك الإسكندرية ومستشفيات أندلسية وعمر أفندى والسيولة المصرية بما قيمته 212.9 مليون دولار. والمشروعات المقترحة من مؤسسة التمويل الدولية خاصة مشروع الحبالى بوادى النطرون وصندوق سيفيكس وأملاك مصر بما قيمته 70 مليون دولار.
ثم استعرض التقرير المشروعات الممولة من مجموعة البنك الدولى فى قطاع الزراعة والرى خلال الفترة من 1990 – 2007، خاصة مشروعات غرب الدلتا ودعم شركة الأندو مصرية للأسمدة وتنمية المناطق الريفية بسوهاج، وإعادة تأهيل محطات الصرف ومشروعات شرق الدلتا وتحسين طرق الرى والمشروع القومى للصرف بما قيمته 600 مليون دولار، مشيرا إلى الآثار الاجتماعية لتطبيق تلك المشروعات فى الريف، خاصة أنها أدت لتزايد معدلات العنف والجرائم ونسب البطالة والفقر، وأكد التقرير أن السياسيات الزراعية الراهنة أدت لإهدار حوالى 25% من الأراضى الزراعية فى مصر البالغة 8.7 مليون فدان بسبب تزايد مشكلة الملوحة.
وطالب التقرير منظمات المجتمع المدنى بمساندة وتدعيم الحقوق الإنسانية لصغار المزارعين والعمل معا لتغيير السياسيات الراهنة للحكومة المصرية والبنك الدولى لبناء عالم جديد مختلف أكثر أمناً لجميع شعوب الأرض، ووطن يكفل لكل أبنائه المساواة والآمان والعيش الكريم.
تقرير حقوقى يكشف إهدار 2 مليار جنيه من قروض البنك الدولى للزراعة
الأربعاء، 15 أبريل 2009 10:30 ص