العملية العسكرية التى قامت بها الولايات المتحدة لتحرير قبطان السفينة الأمريكية التى احتجزها القراصنة، دفعت الخبراء للتساؤل عن سر تأخر الإدارة الأمريكية فى التدخل العسكرى لمواجهة ظاهرة القرصنة على السواحل الصومالية، حتى تم اختطاف سفينة أمريكية بشكل مباشر؟ ولماذا غابت الولايات المتحدة عن ترتيبات أمنية عديدة قام بها العديد من الدول الأوروبية ودول المنطقة المعنية بالظاهرة؟
الدكتور عبده يوسف الباحث بمعهد الدراسات الأفريقية، أكد أن الولايات المتحدة لم تتدخل من قبل لمواجهة القراصنة، لأن تلك هى الحادثة الأولى التى يتم فيها اختطاف سفينة أمريكية، على الرغم من تعرض سفن من جنسيات مختلفة لهذا الموقف من قبل مثل إيطاليا وألمانيا وفرنسا وماليزيا، وأضاف أنه على الرغم من أن الإدارة الأمريكية لجأت للتفاوض لتأمين الرهينة الأمريكى، إلا أنها كانت متشددة فى أمرين هما مسألة دفع الفدية، وترك القراصنة يهربون بسلام، مشيراً إلى أن الإعلام الأمريكى هو الذى طالب بالتدخل العسكرى، وأن العملية العسكرية جاءت بأمر مباشر من أوباما، مما يوضح أن المفاوضات كانت للمراوغة ومفاجأة القراصنة بالهجوم.
سؤال آخر يبدو بديهياً فى مسألة علاقة القراصنة بالولايات المتحدة، منذ أن بدا للعالم أن ظاهرة القرصنة والاستيلاء على السفن أصبحت تهدد جميع الدول بلا استثناء، أبقى القراصنة على مسافة بينهم وبين الولايات المتحدة، فلم تتعرض أى سفينة أمريكية من قبل لاعتداءاتهم، مما يثير الدهشة من سبب استثناء القراصنة للسفن الأمريكية، رغم أن أعداداً كبيرة منها تمر فى مناطق استهدافهم، وهل كانت الولايات المتحدة تنتظر أن تتضرر سفنها بشكل مباشر حتى تتدخل عسكرياً لمكافحة الجرائم التى ظهرت فى المياه الصومالية والمياه الإقليمية المحيطة بها منذ بداية عام 2002.
يجيب اللواء طلعت مسلم الخبير الإستراتيجى على هذه التساؤلات قائلاً، إن الولايات المتحدة لن تعمل كحامى المنطقة، وخصوصاً فى عهد أوباما، وبمنطق المصالح، ولهذا السبب تأخر التدخل الأمريكى حتى استهدف قراصنة الصومال مصالحها مباشرة.
هذا فيما يرى محمد إبراهيم الباحث الصومالى، أن الولايات المتحدة تسعى دائماً لحصد مكاسب إستراتيجية دون ثمن، فهى ترغب فى أن يكون لها وجود فى المنطقة، لكن بأقل التكاليف. وأضاف أن تضرر دول المنطقة مثل مصر واليمن وجيبوتى وإريتريا والسودان والدول الأخرى التى تطل على البحر الأحمر من وجود القراصنة، فى صالح أمريكا.
وفسر رأيه بأن تهديد هذه الدول يبرر أن تقوم الولايات المتحدة بإجراءات تدخلية باستخدام حجج من نوع محاربة الإرهاب، بينما تسعى فعلياً لمد نفوذها بالمنطقة، ويقول إن ظاهرة القرصنة لم تكن لتمنح أمريكا حجة شرعية لتحقيق مكاسب، وبالتالى عزفت عن التدخل، أما حين تصاب مصالحها فى مقتل، مثلما حدث باختطاف سفينة ترفع العلم الأمريكى، يصبح التدخل مشروعاً مهما كانت التكاليف.
لماذا تأخرت أمريكا فى التدخل العسكرى ضد القراصنة؟
الثلاثاء، 14 أبريل 2009 10:35 ص