يكثر الحديث فى فرنسا بلا توقف عن الإسلام والمساجد والقرآن، وتشهد أسواق الكتب مؤخرا فيها عددا هائلا من الإصدارات الفرنسية الخاصة بتلك الموضوعات. ولكن ماذا عن أئمة فرنسا؟ هل يعرف أحد من هم أئمة فرنسا؟ من أين أتوا؟ ما هو التعليم الذى حصلوا عليه؟ هل يتأقلمون جيدا فى هذا المجتمع الغربى؟ تساؤلات عديدة خطرت على بال الصحفى جون فرنسوا موندو، فذهب لمقابلة عدد من الأئمة فى محاولة للبحث عن إجابة لها، فجاء ميلاد "أئمة فرنسا" الصادر عن دار نشر Stock، والذى كان له الفضل فى جمع خمسة عشر بورتريها لأئمة فرنسا فى كتاب واحد.
يتميز هذا الكتاب بثراء مادته، حيث أخذ موندو على عاتقه انتقاء أكثر الأمثلة تعبيرا عن الوجوه المتعددة والمتباينة فى آن واحد للأئمة فى فرنسا. فجاءت معايير اختياره على أساس تباين أصولهم القومية وأماكن ممارسة عملهم وأعمارهم وخلفياتهم الثقافية، وكذلك اتجاهاتهم وأساليب تفكيرهم، ما بين أئمة الإسلام التقليدى الهادىء، مثل بشير نصرى إمام مدينة أوبرفيلية، والدعاة الشباب الذين يرتدون الملابس العصرية، مثل حكيم صدمى إمام مدينة فيترى سور سين، أو أيضا الأئمة السلفيين مثل عبد الهادى، إمام مدينة مارسيليا، وغيرهم من الأئمة الذين لا يواجهون مشكلة فى التكيف مع العادات الغربية.
ويشير موندو فى كتابه إلى ثلاث مشكلات رئيسية يواجهها الأئمة فى فرنسا، وهى قلة عدد الدعاة الذين يتحدثون الفرنسية، ونقص مستوى تعليمهم الدينى، بالإضافة إلى حياتهم المنغلقة التى تنحصر بين الجامع والمنزل، حيث يشاهدون التلفزيون الذى لا يعرض سوى قناة "الجزيرة" القطرية !! يتطرق الكاتب أيضا إلى المنافسة التى تجرى بين الأئمة على إدارة المساجد، إذ "تثير أموال المؤمنين الكثير من المطامع"، كما يلاحظ موندو.
وقد تحدثت مجلة الإكسبرس الفرنسية عن هذا الكتاب ووصفته بأنه عمل بارع وأن فكرة تقديم تلك المجموعة من البورتريهات لأئمة فرنسا هى بالفعل فكرة مبتكرة لم يسبق لها مثيل، إذ يرسم هذا العمل لوحة مضيئة تعكس حقيقة الدين الإسلامى فى مساجد فرنسا. من خلال عرض تلك البورتريهات الحية، يقدم كتاب "أئمة فرنسا" أفضل صورة لما هو عليه الإسلام الآن فى واقعه اليومى.. هذا الواقع لا يمت إطلاقا بصلة بما يعتقده الكثيرون فى الغرب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة