محمد حمدى

لولا التحريم لدعوته للانتحار

الإثنين، 13 أبريل 2009 01:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأسبوع الماضى أتحفنا الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى بأحدث تحف ودرر الحياة السياسية فى مصر، حينما هدد بالانتحار إذا تم تغيير اسم المعهد العالى للتكنولوجيا ببنها إلى كلية للهندسة، حسبما دعا بعض أعضاء لجنة التعليم بمجلس الشعب تعاطفاً مع مطالب طلاب المعهد، وتحول الأمر إلى أزمة سياسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، واضطر رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحى سرور إلى الإدلاء بتصريح رسمى يعلن فيه أنه ليس من سلطة نواب الشعب تغيير مسمى أى مؤسسة تعليمية فى البلد.

جاء تضامن رئيس مجلس الشعب مع وزير التعليم الحالى لحقن الدماء ومنع الوزير من الانتحار وإزهاق روحه بنفسه، فشكراً للسيد رئيس البرلمان على تدخله وإنقاذ حياة المواطن هانى هلال، ولولا أن الانتحار حرام، والمساعدة عليه تساوى قتل النفس لدعوت وزير التعليم العالى، وربما ساعدته فى التخلص من حياته، فربما يأتى وزير آخر يؤمن بأهمية التعليم الجامعى ويعمل على إصلاحه.

عرفت وزير التعليم العالى الدكتور هانى هلال لأول مرة عام 1989، حينما تحمس لحماية الآثار المصرية من العبث الذى تتعرض له، ونظم مؤتمراً علمياً قيماً فى كلية الهندسة جامعة القاهرة، لمناقشة حالة المناطق الأثرية، وأحدث الطرق العلمية لترميم المتداعى منها للحفاظ عليها، لكننى لم أعرف عن السيد المهندس وزير التعليم العالى أية خبرة فى طرق التعليم، والتعامل مع مشاكله، وكيفية إصلاحه.

وحين عكف الدكتور أحمد نظيف على تشكيل حكومته الثانية، اختار للتعليم وزيرين من خريجى الهندسة، أى من زملائه فى الجامعة، ولم أستطع أن أفهم وقتها سر اختيار المهندسين يسرى الجمل لوزارة التعليم وهانى هلال للتعليم العالى، إلا إذا كان رئيس الحكومة قد قرر تغيير الوظيفة الرئيسية للتعليم من "التربية والتعليم" إلى "الهندسة والتعليم".

وحتى لا يتسبب لى هذا المقال فى مشاكل من الإخوة المهندسين، فإننى أشدد على احترامى لهم، وعلى مهنتهم العظيمة، فلا يوجد أفضل فى الحياة من البنائيين، سواء كانوا مهندسين أو غيرهم، لكن اختيار الوزراء فى كل أنحاء العالم يجرى وفق طريقتين، لا ثالث لهما، الأولى من السياسيين العاملين فى الشأن العام، والثانية وزراء من الخبراء فى مجالهم لأداء مهمات محددة، وغالبا ما تكون إصلاحية ومحددة المدة وانتقالية.

لكن المشكلة فى مصر أنه جرى التوسع فى توزير الخبراء "التكنوقراط" حتى ولو فى مجال آخر غير مجال تخصصهم، فلم يعد لدينا لا الوزير السياسى، ولا الوزير الخبير، وإنما أصبحنا نتمتع بالوزير المهندس والوزير رجل الأعمال، والوزير صديق رئيس الحكومة بغض النظر عن مؤهلاته، لذلك ليس غريباً أن تجد وزيراً مثل المهندس هانى هلال يهدد بالانتحار خلال مناقشة برلمانية، لأن النواب يخالفونه الرأى حول تسمية معهد.

وسبق أن شاهدنا فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، نائب رئيس وزراء الدكتور عبد الرزاق عبد المجيد المسئول عن المجموعة الاقتصادية، يقسم برحمة أمه أمام البرلمان أيضاً أن الاقتصاد بخير، ثم يتضح بعدها أن الاقتصاد "متنيل بستين نيلة".

مرة أخرى لولا التحريم لدعوت الدكتور هانى هلال للانتحار لعله يرتاح ويرحينا، ويا حبذا لو انتقلت عدوى الانتحار إلى وزراء آخرين، خاصة وأن الناس الطيبين فى هذا البلد أصبحوا يعرفون جيداً من هو الوزير الذى يحافظ على الدستور والقانون، ويرعى مصالح الناس كما أقسم حين تولى مهام منصبه، كما يعرف ناسنا أيضاً من هم الوزراء الذين وضعوا الدستور والقانون فى الثلاجة، وحولوا مهامهم الوزارية إلى مهمة خاصة للكسب والتربح، وزيادة الثروات الشخصية على حساب الناس الغلابة الذين يموتون من الجوع فى هذا البلد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة