فى العام الأول لصدور مجلة "الأهرام العربى" قبل أحد عشر عاماً، سافر الصديق والزميل أحمد عبد الحكم "مدير تحرير المجلة الآن" إلى العراق، الذى كان يعانى حظراً جوياً وعقوبات دولية عقب غزو الكويت، وأجرى عبد الحكم مجموعة تحقيقات ومقابلات صحفية عن العراق تحت الحصار، كانت فى غاية الأهمية، لكن أحداً لم يلتفت إليها.
واختتم عبد الحكم تغطياته الصحفية من العراق بحوار ممتع مع المطرب العراقى الشهير سعدون جابر، وجه خلاله بعض الانتقادات لزميله المطرب العراقى كاظم الساهر، لا أتذكر نص الحوار أو الهجوم الذى شنه سعدون جابر الآن، لكننى لا أنسى أبداً كم الرسائل البريدية النسائية والمكالمات الهاتفية التى وصلت المجلة، للدفاع عن كاظم الساهر والهجوم على سعدون جابر ومجلة الأهرام العربى وكل العاملين بها.
واتضح أن حزب نساء كاظم الساهر أكبر وأقوى من المهتمين بالدفاع عن العراق تحت الحصار، أو المتعاطفين مع الأطفال الذين كانوا يلقون حتفهم بسبب نقص الغذاء أو بالأمراض السرطانية التى تسبب فيها اليوارنيوم المخصب، الذى كانت تستخدمه القوات الأمريكية فى هجماتها العسكرية المتوالية على الشعب العراقى.
تذكرت نساء كاظم الساهر وغيرتهن للدفاع الشديد عنه، وأنا أتلقى سيلاً من الهجوم والشتائم من القراء تعليقاً على مقال لى بالموقع الإلكترونى لليوم السابع أمس، حمل عنوان "نصر الله ..ليتك ظللت سيداً"، لم أتعرض فيه بشكل شخصى للسيد حسن نصر الله، وإنما انتقدت سياساته الأخيرة فى لبنان وتجاه مصر، منذ عام 2006 حتى الآن.
ورغم تأكيدى بإعجابى وانحنائى واحترامى للدور النضالى الكبير الذى لعبه حزب الله فى لبنان لمقاومة الاحتلال الإسرائيلى للجنوب، حتى جلاء الاحتلال وهو يجر أذيال الخيبة، ويتجرع مرارة الهزيمة، فإن ما كتبته ليس أكثر من انتقاد سياسى لمواقف الحزب المناضل، بعدما وجه البندقية إلى صدور أبناء الوطن الواحد، وحسم خلافاً سياسياً داخلياً بالقوة، بعد أن عطل الحياة النيابية، وشل العمل السياسى اليومى، ولم يرتضِ بحكم الجماهير التى وضعته هو وحلفاءه فى مواقع الأقلية.
نصر الله كان مناضلاً فى سبيل قضية عادلة وقفنا جميعاً خلفه، ودعمناه وتغنينا لانتصارات المقاومين اللبنانيين، لكن حين انتهت حربه وخلع ثوب المناضل ونزل إلى العمل العام، فقد قداسته التى حصل عليها من المقاومة، وأصبح مثله مثل أى سياسى يخطئ ويصيب، نشيد به إذا أصاب وننتقده حين يخطئ، ولا نمنحه قداسة، ولا نرفعه لمرتبة الأنبياء، ولا نعبده، وإلا حولناه إلى صنم!
أما حزب المدافعين عن السيد نصر الله، فلهم كل الحق فى الدفاع عنه والتغنى بأمجاده، لكن عليهم فى الوقت نفسه، احترام آراء الآخرين، عملاً بمقولة الإمام الشافعى "رأيى صواب يحتمل الخطأ.. ورأيك خطأ يحتمل الصواب".. وفى هذه العبارة تلخيص مهم لآداب الحوار، وفن الاختلاف حتى لا نكون مثل نساء كاظم الساهر، أو المدافعين عن حزب الله بالشتائم.
ويقول الإمام الشافعى أيضاً:
نعيب زماننا والعيب فينا .. وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ..ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب.. ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
ويا حبذا لو تفكرنا كثيراً فى كلام الإمام الشافعى، وتركنا لغة الشتائم والتخوين، والكف عن اتباع حماقة الرئيس الأمريكى الراحل غير مأسوف عليه جورج بوش "من ليس معنا فهو ضدنا".. لأننا جميعاً أبناء أمة واحدة.. نتشارك نفس القضايا ونفس الهموم.. ونحلم نفس الأحلام.. فقط نختلف فى طرق المواجهة.. والعلاج!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة