الدكتور محمد حلمى: الخلط بين الدين والدولة لصالح النظام

الأحد، 12 أبريل 2009 01:04 م
الدكتور محمد حلمى: الخلط بين الدين والدولة لصالح النظام الدكتور محمد حلمى عبد الوهاب: على جماعة الإخوان فصل الدين عن الدولة لا عن السياسة
حوار: دينا عبد العليم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المقدس والمدنس... الدينى والسياسى فى فكر الحركات الإسلامية، عنوان الكتاب الجديد الصادر عن دار العين للنشر للدكتور محمد حلمى عبد الوهاب أستاذ الفلسفة السياسية، والذى تناول العلاقة بين الدين والدولة والسياسة على مستوى العصور المختلفة، وأشكال هذه العلاقة، عن هذه العلاقة وأشكالها ودورها الحالى فى مصر.

اليوم السابع أجرى حواراً مع صاحب الكتاب

من أين نشأت العلاقة بين الدين والسياسة؟
الإشكالية تأتى من خلط المفاهيم، فنحن لدينا ثلاثة مصطلحات لابد من التفرقة بينهما، وهم الدين، الدولة، السياسة، وكثيرون لا يفرقون بين الدولة والسياسة، وهذا ما يؤدى للخلط، فالدين معروف والسياسة هى القوانين والأحكام، أما الدولة فهى المؤسسات، وهى التى يجب أن تبقى بعيداً عن الدين، وهذه هى الإشكالية، "علاقة الدين بالسياسة وخلط الدين بالسلطة"، علاقة لا يمكن أن تنتهى، لأن القوانين تستمد من الأخلاق والقيم التى تضعها الأديان أياً كانت، أما خلط الدين بالسلطة أو الحكم أو المؤسسات، فهو توظيف الدين لخدمة النظام أو الحاكم، وهذا ما يمثل الإشكالية الأساسية.

وكيف تطورت تلك العلاقة؟
العلاقة بينهما بدأت من قديم الأزل، فالبداية كان شخص بين كل قبيلة على صلة خاصة بالإله، ومسئول عن الوساطة بين أفراد القبيلة وبينه، تتطور الأمر بعدها واتخذ هذا الشخص شكل الكاهن، وأصبح لديه قداسة من نوع ما، وأصبح الكاهن لديه سلطة دينية على الأخرى السياسية، وبعد فترة أصبح الكاهن هو الحاكم، ولديه السلطتان معاً، فأصبح الحاكم مقدساً دينياً وسياسياً، لدرجة وصلت باعتقاد الشعب أن الحاكم هو الإله أو ابنه، بعدها تغيرت هذه الرؤية، لكن ظل الكاهن أو رجل الدين له تأثير على الحاكم، فبدأ الثانى باستخدام الأول لصالحه.

ما هى أشكال العلاقة بين السلطتين؟
هناك ثلاثة أشكال، الأول "استقلال" وهو ما حدث فى بداية الدولة الإسلامية، حيث كان هناك فصل بين الدولة وبين الدين، حيث كانت المؤسسات لا تفرق بين أصحاب الديانات المختلفة ولا يؤثر على قراراتها الدين، بينما كانت القوانين والسياسات مستمدة من روح الدين، والشكل الثانى هو "التحالف" وهذا حدث بعد فترة الخلافة، حيث بدأ التوظيف السياسى للفقهاء، وهنا كان لكل فريق حسبته الخاصة، فالفقيه لديه مصلحة لدى الحاكم يعمل على الوصول لها، عن طريق طاعته للحاكم وحث الناس على هذه الطاعة تحت دعوى "وأطيعوا الله والرسول وأولى الأمر"، كما هو الحال دائماً، بالإضافة إلى الفتاوى التى تخدم مصلحة الحاكم والنظام، أما الشكل الثالث فهو "التصادم" وهذا الشكل له مستويان، الأول على مستوى القرارات، وهنا تكون التضحية بالدين وكلمة السياسة تكون العليا، وقرار الحاكم الذى هو بالطبع مخالف للقرار الدينى هو الذى ينفذ، والمستوى الثانى يكون تصادماً شخصياً بين الدين والنظام، وهنا أيضاً يكون للنظام الكلمة العليا، حيث يتم تصفية الشخص بقتله أو عزله
أو اتهامه بالكفر.

كيف كان شكل التوظيف السياسى للدين؟
هناك العديد من الأحكام الخاطئة سواء على المستوى التاريخى أو الحالى، على علاقة الدين بالسياسة فى الدولة الإسلامية، فالسائد أن الدينى يغلب على السياسى فيها، بينما العكس صحيح تماماً، فعلى مدار العصور المختلفة كانت الغلبة للسياسة على الدين، ومن هنا جاء توظيف الدين لخدمة السياسة، حيث كانت كل المعارك الدينية الدائرة بين الفرق الإسلامية والمذاهب المختلفة دينية الشكل سياسية الجوهر، فالتنافس على الخلافة والحكم وغير ذلك كان أساس الاختلاف، وبعد فوز فريق على الآخر كانت السياسية تدار باسم الدين فى صالح الحاكم، حيث كان الفقهاء أتباع للحاكم ويفتون تبعاً للرغبة السياسية أو رغبة الحاكم ومصلحته.

كيف ترى العلاقة بين الدين والسياسة فى مصر حالياً؟
العلاقة تختلف باختلاف المذهب والفرقة وغيرها، وكل فرقة علاقتها مختلفة بالسلطة، فهناك الدعاة الجدد والدعاة السلفيون، هناك الشيعة، وهناك الصوفية، وهناك رجال الأزهر والإفتاء، وكل منهم له علاقته الخاصة بالسلطة وطبيعة تحالفه معها.

كيف يتم استخدام السلطة للدين مع كل الفرق؟
رجال الأزهر والإفتاء دورهم معروف، فهم رجال النظام، وبالتالى التحالف بينهما موجود، أما الدعاة فلديهم تأثير أكبر، حيث إنهم مؤثرون تماما فى الشعب، واستطاع النظام توظيف ظاهرة الدعاة لصالحها بعد أن رأت مدى تأثيرهم فى الناس، خاصة الدعاة الجدد، بالرغم من أنهم لا يقربون السياسة أو يستخدمونها، لكن هذا البعد عن الأمور السياسية وعن تناولها فى الخطاب الدعوى، فى حد ذاته، توظيف للدين من الحاكم الذى يحاول السيطرة على خطاب هؤلاء الدعاة بحيث لا يتعارض مع مصالحهم، أما الدعاة السلفيين فقد يكون خطابهم غير موجه سياسياً، لكنه يصب فى صالح الحاكم، حيث يذهب بالناس لمناطق الغيب والجنة والنار وطاعة الحاكم ويلهيهم عن حقوقهم وعن أغلب أمور الدنيا، وبالتالى فقد يكون غير موجه لصالح الحاكم أو النظام عن قصد، لكنه بالطبع يصب فى مصلحته.

هل هؤلاء الدعاة السلفيون غير موجهين حتى من أنظمة أخرى؟
بالطبع خطابهم موجه، ويعملون لصالح النظام السعودى، ويحاولون نشر الفكر الوهابى السلفى الذى هو بعيد كل البعد عن طبيعة المصريين، فقد يكونوا موظفون سياسياً لصالح هذا النظام، كما أنهم بالطبع يخدمون النظام المصرى بالابتعاد بالناس عن التوعية السياسية وخلافه.

نعود لباقى الفرق، كيف تستخدم لصالح السياسة؟
هناك الشيعة، والموقف معهم متأثر بموقف النظام من إيران، كما أن الدولة لا تهتم بهم وليست متخوفة منهم دينياً فى شىء، لأنهم بعيدون كل البعد عن السياسة حالياً، وهو فى حد ذاته مكسب للنظام، أما الصوفية فالعلاقة بينهم وبين السلطة مختلفة، فهناك تحالف بينهما يتمثل فى تأييد الصوفية للنظام وإعلان الولاء له مقابل مراعاة النظام لهم، وسيظل الوضع هكذا طالما أن ليس لهم قيادات لها تطلعات سياسية أو غيره.

وماذا عن جماعة الإخوان؟
الإخوان جماعة دينية إن استطاعت فصل الدين عن الدولة كما أشرنا من قبل لا عن السياسة العامة، فلن تكون هناك إشكالية، لكن مشكلة الأخوان أنهم يحاربون على أكثر من جبهة، الأولى الجبهة الأمريكية ويناضلون فيها من أجل تحسين صورتهم فى الخارج وتوضيح أنهم ليسوا إرهابيين أو غيره كما يقال عن الجماعات الإسلامية، والجبهة الثانية هى جبهة النظام، الذى يحاول قمعهم والسيطرة عليهم، ومحاولاته المستمرة والمستميتة لعدم وصولهم للحكم أو السلطة، وهنا يجب توضيح أن الموقف ليس دينياً، وإنما هو سياسى، فالنظام كان سيتعامل بنفس الطريقة التى يعامل بها الأخوان مع الشيوعيين أو الليبراليين لو أن لهم نفس تأثير وقوة الأخوان.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة