هل ينجح الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى كبح جماح وزير خارجية إسرائيل أفيجادور ليبرمان، وإجباره على التخلى عن مواقفه السياسية، والاعتراف باتفاقات السلام الموقعة مع الفلسطينيين؟ هذا التساؤل طرح نفسه مؤخراً عقب تصريحات ليبرمان التى شكلت قلقاً لدى الولايات المتحدة، وخصوصاً إدارة أوباما، التى تطرح حل الدولتين كأساس لحل الصراع العربى الإسرائيلى. الخبراء انقسموا بين رأيين، الأول يرى أن أوباما سيحاول الضغط على ليبرمان والحكومة الإسرائيلية ولكن نجاحه سيكون محدوداً، بينما رأى البعض الآخر أن الإدارة الأمريكية لن تخاطر بالضغط على إسرائيل وستكتفى بتوجيه النصح فقط.
الدكتور جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أكد أن وزير خارجية إسرائيل ليبرمان سيبدأ مهمته من موقف صعب لأن العالم ينظر إليه بطريقة غير إيجابية، وخصوصاً أن ليبرمان والحكومة الإسرائيلية ككل ستتعرض لضغوط دولية كثيرة من أطراف عديدة حول العالم لتقديم تنازلات حقيقية لإقرار السلام.
تلك الضغوط ليس متوقعاً أن تأتى بالنتائج المرجوة، ولكنها ستنجح فى تقليل الخطر الناتج عن وجود شخصية متطرفة مثل ليبرمان، وستساعد فى تقصير فترة وجوده فى هذا المنصب هو وكل الحكومة اليمينية التى شكلت مؤخراً، لأن هناك إجماعاً من المجتمع الدولى والولايات المتحدة على إعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية.
بينما أشار الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى أن نجاح جهود أوباما فى كبح جماح ليبرمان صعب، ولكن المؤكد أنه سيحاول، وكانت بداية تلك المحاولات عن طريق تصريحاته التى علق فيها على عدم ذكر الحكومة الإسرائيلية الجديدة لقيام الدولة الفلسطينية، موضحا أن إدانة أوباما لسياسة ليبرمان والحكومة الإسرائيلية الجديدة جاءت فى صورة توجيه، فهو لن يضغط بشكل مباشر من البداية ولكنه يسعى فى الوقت الحالى إلى تعبئة الجالية اليهودية فى الولايات المتحدة لتتقبل فكرة قيام الدولة الفلسطينية، وقد بدأ خطابه للقيادات الإسرائيلية ومنهم ليبرمان، بالتوجيه، وسيتم تصعيد حدة الخطاب تدريجياً لتصل إلى شدة اللهجة أخيراً.
"أوباما يريد أن يحقق نتيجة إيجابية فى القضية الفلسطينية ولكن حظه سيئ" هكذا أضاف سعيد، موضحاً أنه يواجه أزمة مالية تعد الأهم فى أجندته حالياً، بالإضافة إلى وجود الجالية اليهودية التى تعارض مساعيه نحو قيام الدولة الفلسطينية، ولهذا فإن المتوقع قيام أوباما بالعمل على حل الأزمة المالية التى تواجه بلاده حالياً وإذا نجح فى تجاوزها، سيكون لديه رصيد كافى يمكنه من أخذ موقف أقوى فى القضية الفلسطينية، لأنه ليس من مصلحة أوباما أن يتعرض لتوترات سياسية بسبب القضية الفلسطينية بينما تواجهه العديد من الأزمات الأهم بالنسبة له فى الوقت الحالى.
وعلى الجانب الآخر، يختلف الدكتور أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مع كل من عبد الجواد وسعيد، مؤكداً أنه ليس متوقعاً أن يمارس أوباما أى ضغوط فعلية على ليبرمان أو على سلطة اليمين المتطرف بقيادته مع نتانياهو، وإنما يمكنه توجيه فقط النصح والإرشاد تجاه ضرورة إعلانهما قبول حل قيام الدولتين ولو شكلاً، واستئناف المفاوضات والبعد عن التصريحات المتشددة وتخفيف الحصار عن الفلسطينيين.
