صادرت السلطات السعودية كتاب "الخليج البريطانى.. كيف صنعت بريطانيا دول الخليج العربى" للكاتب الصحفى إيهاب عمر، فى 12 مارس الماضى، الغريب أنه لم يحاول أن يثير الأمر فى الفترة الماضية مطلقاً، وكأن الكتاب ليس كتابه، وظل الأمر طى الكتمان بعيداً عن الصحافة إلى أن نشر اليوم السابع اعتذار يحيى هاشم للسلطات السعودية، الذى جاء فيه أنه سيسحب الكتاب من السوق المصرية، وهو ما أصاب جميع الأطراف بالضيق الشديد، بعدها أرسل يحيى هاشم بياناً جاء فيه أن الاعتذار بالتنسيق مع إيهاب عمر، وهو ما يرفضه إيهاب بشدة، فكان لا بد من لقائه، وإلى الحوار..
كيف عرفت بمصادرة كتابك الخليج البريطانى، وما الأسباب؟
ما وصلنى أن الكتاب تمت مصادرته دون أن أعرف الأسباب، ومن عنوان الكتاب يتضح سبب المصادرة.. كيف صنعت بريطانيا دول الخليج العربى، ومن هنا كانت الأزمة، فالكتاب عبارة عن دراسة عن علاقة بريطانيا مع شبه الجزيرة العربية على مدار ثلاثة قرون وإبان الانتداب البريطانى لعدد من دول الخليج العربى، بالإضافة إلى احتلال بعض الدول، وعبر 106 مصادر وكتب منشورة بالفعل منذ سنوات، ومطروحة فى الحقل الثقافى.
لكن هذا ليس مبرراً للمنع؟.. ما السبب الرئيسى لمنع الكتاب فى السعودية من وجهة نظرك؟
الكتاب أتى بوقائع عن قيام بريطانيا بتأسيس الدول المتعارف عليها الآن فى شبه الجزيرة العربية، وتنصيب الأسرة الحاكمة المتواجدة الآن على هذه الدول، وأعتقد أن الجزء الخاص بالأسرة الحاكمة فى السعودية هو السبب فى المنع رغم أننى معتمد فى هذا الجزء على ثلاثة مراجع رئيسية وذكرتها دلالة على أن الكتاب ليس به ابتكار أو اختراع، وحتى بعض النقاد والأصدقاء عابوا على أننى لم أقل رأيى فى الكتاب، ولكننى أردت أن أضع الصورة بين يدى القارئ كما هى دون أن أشوش عليها برأيى الخاص.
وماذا حدث بعد المصادرة؟
وصلنى من يحيى هاشم أنه تمت مصادرة الكتاب وباقى كتب الدار من معرض الرياض فى 12 مارس الماضى، وقال لى إن أيمن شوقى جرى التحقيق معه لمدة 4 ساعات وأوقف عن العمل وممنوع من السفر، وتمت إقالة وكيل وزارة الثقافة والإعلام لديهم.. وقتها لم أفكر فى معرفة مصدر المعلومات على اعتبار أن هناك ثقة متبادلة بيننا، وأمام تخوفى وتخوف يحيى على أيمن وعلى توزيع كتب "دار اكتب" فى الخليج، رأيت من الظلم أن يتعطل توزيع أكثر من 200 كتاب فى الخليج بسبب كتابى، حتى لو كان توزيع الكتاب أو إرساله إلى السعودية ليس مسئوليتى
واتفقت مع يحيى هاشم أن أكتب رسالة للمسئولين هناك، أوضح فيها أننى أصدرت الكتاب على نفقتى الخاصة دون تكليف من دار النشر وأننى أحترم المملكة السعودية، وتعهدت باسم الناشر بسحب الكتاب من السوق السعودية، علماً بأن مثل هذا الإجراء ليس مسئوليتى.
لكن الاعتذار الرسمى الذى نشره هاشم يعلن سحب الكتاب من السوق المصرى؟
أخبرنى يحيى هاشم أنه قد يسعى إلى سحب الكتاب من الأسواق المصرية واختلفت معه فى ذلك، ورفضت وانتهت اتصالاتى معه عند هذا الاختلاف
لكن أيمن شوقى يكذب خبر المصادرة؟
اتصلت فى اليوم التالى بعبد الله العقلا المستشار الإعلامى للدار فى الخليج، وأخبرنى أن ما جرى صحيح، وما زلت أحتفظ برسالته، كما عرفت من شاعر مصرى مقيم فى السعودية، مع ملاحظة أن تفاصيل التحقيق مع أيمن شوقى لا يعرفها إلا أيمن شوقى نفسه، وصرح بها لهاشم عبد الله العقلا، وبدورى اعتمدت على كلامهما، وبالتالى كان غريباً فيما بعد أن يكذّب أيمن شوقى هذا الكلام لأنه هو مصدره، وكأنما يكذب نفسه.
لكن ما مصلحته فى هذا؟
تحيرت وعلمت أيضاً أن يحيى نفسه متحير فى الأمر، علماً أن لدى رسائل يقول فيها أيمن هذا الكلام، لكن مصادر موثوق فيها فى السعودية أكدت أن التحقيق مع أيمن نقطة فرعية.
لكن صاحب دار "اكتب" يحيى هاشم أصدر بياناً يؤكد فيه أنك وافقت على سحب كتابك من السوق المصرية وإعدامه ..هل هذا صحيح؟
فوجئت به يفعل ذلك، ويقول للصحفيين إن هذه الرسالة بالتنسيق معى، وهنا أطرح سؤالى إذا كان هذا حقيقياً، فكيف أفضح نفسى وأبدى دهشتى العلنية من رسالة يحيى هاشم، وبالتأكيد لا يوجد أى كاتب فى الدنيا يقبل أن يسحب كتابه من تلقاء نفسه، خاصة إذا كان دفع من عمره ثلاث سنوات فى كتابته، ودفع من جيبه الخاص مبلغاً لنشره، كما أن الكتابة بالنسبة لى هى ساحة للجهاد وليست للتربح والارتزاق، وبالتالى لا يمكن أن أقبل أن أى دولة تمدد وصايتها على الخصوصية المصرية، مع كامل الاحترام والتقدير للسعودية، وأرفض تعهد يحيى سحب الكتاب وإعدامه كما قال للمسئولون السعوديون، ولا أعرف لماذا فعل ذلك، فهو ظلمنى، والغريب أن يحيى هاشم لم يسحب الكتاب كما قال وكأنه يضحك على المسئولين السعوديين