أشار مراسل صحيفة لوموند فى بروكسل اليوم، الجمعة، إلى الضغوط المتزايدة التى تمارسها تركيا من جانبها بهدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، خاصة بعد المساندة القوية التى حصلت عليها مؤخرا من الرئيس الأمريكى باراك أوباما، والمفاوضات المتعلقة باختيار الأمين العام الجديد لحلف الناتو، والتى ظنت تركيا أنها قد نجحت فيها.
تضيف الصحيفة أن بروكسل تعيش حالة من الانزعاج ونفاذ الصبر نتيجة ما تشيعه الخارجية التركية من أن دول الاتحاد الأوروبى الـ27 سيظهرون من جانبهم نوعا أكثر من "المرونة" خلال مباحثات انضمام تركيا إلى الاتحاد. وقد دعا الرئيس عبد الله جول أمس الخميس، الأوروبيين إلى تهدئة انتقاداتهم للسياسة الخارجية لبلاده لأن ذلك الأمر يشكل "خطرا كبيرا" سيؤثر سلبا على التعاون الأمنى فى الدول الغربية مهددا بدوره، كما جاء فى حديثه لصحيفة فاينينشيل تايمز.
وقد أسفرت المفاوضات المكثفة، التى جرت فى الثالث والرابع من إبريل الجارى، بشأن إلغاء الفيتو التركى ضد اختيار الدانماركى أندرس فوغ راسموسن فى منصب الأمين العام للحلف الأطلسى، عن نتائج إيجابية بالنسبة لأنقرة. فقد تؤدى وساطة أوباما فى الخلاف بين تركيا والدول الأوروبية المؤيدة لراسموسن (الذى لا يحظى بشعبية كبيرة فى الدول الإسلامية نتيجة موقفه المؤيد لكتاب الرسوم الكاريكتيرية المسيئة للنبى محمد) إلى تعيين أحد الأتراك فى منصب الأمين العام المساعد، والذى ستنصب مهمته على العلاقات مع العالم الإسلامى، فضلا عن إمكانية تعيين ضباط أتراك فى مناصب هامة فى القيادة العسكرية لحلف الناتو.
وفى السياق ذاته، تطرقت أنقرة إلى انضمامها إلى الوكالة الأوروبية للدفاع وإلى فكرة موافقة الاتحاد الأوروبى (بما فيه فرنسا وألمانيا المعارضتين لانضمام تركيا إلى الاتحاد) على إجراء مفاوضات بهذا الصدد فى 2005.
وتقول الصحيفة إن أقاويل تركيا قد تسببت فى حالة من الاستياء العام فى بروكسل، حيث أكد المتحدث الرسمى باسم الاتحاد الأوروبى أن قرار انضمام تركيا يتطلب موافقة الدول الأعضاء بالإجماع، فى حين تهكم من جانبه أحد السفراء لدى الاتحاد الأوروبى قائلا: "الناتو شىء، والانضمام للاتحاد شىء آخر تماما".
تضيف الصحيفة أن ملف انضمام تركيا يضم 33 فصلا فى مجمله يحتاج إلى مباحثات، من بينها فصل أغلقت المشاورات فيه مؤقتا، وخمسة فصول آخرين ألغيت بصفة غير رسمية (من قبل فرنسا وقبرص) بالإضافة إلى ثمانية فصول تم تجميدها.
وبعيدا عن الجدل حول انتخاب راسموسن، فإن ما يمثل مشكلة حقيقية بالنسبة لبروكسل هى تلك الطريقة التى تتبعها أنقرة، كما يشير أحد الديبلوماسيين فى بروكسل. فالأسلوب الذى لجأ إليه أردوغان فى تنصيب نفسه كمتحدث رسمى باسم الدول الأسلامية، وهو الأمر الذى أثار استياء الكثيرين، إنما يطرح علامات استفهام حول عزم بلاده الحقيقى احترام حرية التعبير، التى تمثل إحدى الشروط الأساسية فى نظر المفاوضين الأوروبيين.
ومن جانبه، انتهز برنار كوشنير، الذى صدم بتوجه تركيا نحو ما أطلق عليه "تزايد النزعة الدينية، وتراجع العلمانية"، تلك الفرصة وصرح يوم الثلاثاء 7 إبريل الجارى، رفضه لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبى. فى الوقت الذى حول فيه بعض رجال السياسة الفرنسيين، مثل رئيس حزب الجبهة الوطنية الفرنسى اليمينى المتطرف جون مارى لوبان، القضية التركية إلى حجة انتخابية من خلال اتهامه للرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى لعدم قيامه بوقف مفاوضات الانضمام وقت رئاسة فرنسا للاتحاد.
أما فى ألمانيا وهولندا، فقد لاقت مسألة انضمام تركيا تعبئة من قبل أكثر التيارات راديكالية فى البلدين.
لوموند: انزعاج ببروكسل لأسلوب تركيا فى الانضمام للاتحاد الأوروبى
الجمعة، 10 أبريل 2009 10:16 م