صدر ضمن سلسلة الكتاب المرفق بمجلة دبى الثقافية هذا العدد، كتاب "قصائد من شعراء نوبل" اختيار وترجمة د.شهاب غانم. يعرض الكتاب للشعراء الفائزين بنوبل منذ فوز الشاعر الفرنسى سلى برودوم بأول جائزة للنوبل عام 1901، وحتى فوز الشاعر الإنجليزى هارولد بنتر بجائزة عام 2005، وهى آخر نسخة من الجائزة تمنح لشاعر.
يؤرخ المترجم د.شهاب غانم فى مقدمة الكتاب للشعراء الفائزين بالجائزة العالمية، وتاريخها، وأهم المحطات المهمة فى تاريخ الجائزة الشعرى. فمن خلال الكتاب يستطيع القارئ الاطلاع على بانوراما لشعراء نوبل، ويستطيع التعرف على سيرهم الذاتية وترجمة لإحدى قصائدهم أو مقطع منها، فيما يلى عرض لأهم الفائزين بنوبل من الشعراء:
أهم محطات قطار نوبل الشعرى:
سلى برودوم أول من حصل على الجائزة عام 1901
سلى برودوم يأتى فى مقدمة الأدباء والشعراء الذين حصلوا على الجائزة عام 1901، لإبداعه الشعرى الذى يهتم بالقيم المثالية العالية والإتقان الفنى فى آن واحد، جامعاً بين العاطفة والفكر"، ويترجم غانم له قصيدة "المزهرية المشروخة" التى يقول فى مقطع منها:
نقرة خفيفة من مروحية يد
كانت كافية لكسر شظية صغيرة
من هذه المزهرية
التى تذوى فيها الأزهار الآن.
لم تحدث النقرة صوتاً
ولكن شرخاً ضئيلاً كشعرة
لا يكاد يرى
بدأ ينمو ببطء فى جدار المزهرية
وتسرب الماء ببطء
وجف النسغ الحيوى
فى سويقات الورود..
رابندرانات طاغور أول شرقى يحصل على نوبل عام 1913
يعرض الكتاب لتجربة شاعر الهند العظيم رابندرانات طاغور الحاصل على الجائزة عام 1913، وهو أول أديب شرقى يحصل على الجائزة، والذى يتسم شعره بصوفية هادئة ورؤية نافذة، وجاء فى تقرير فوزه بالجائزة "منح الجائزة لشعره العميق الحساسية والجميل المنعش"، واختار المترجم له قصيدة قصيرة بعنوان "الهدية"، نقرأ فيها:
أريد أن أهبك شيئاً يا فتاتى
إذ بينما يجرفنا تيار الحياة
سوف تتفرق بنا السبل
وسيطوى حبنا النسيان
ولكن لم تبلغ بى السذاجة أن آمل
أن أتمكن من أن اشترى قلبك بهداياى..
ت. س. إليوت .. المجدد الأعظم ونوبل 1948
تصل مسيرة نوبل إلى الشاعر الإنجليزى العظيم ت.س إليوت الذى غير من شكل الشعر الحديث وغير من خارطته الحديثة، والذى حاز على الجائزة عام 1948، وهو صاحب القصائد الشهيرة "الأرض الخراب" و"أربعاء الرماد" والمسرحية الشهيرة "حفل كوكتيل" و"جريمة قتل فى الكاتدرائية" وغيرها من الأعمال، ويترجم له شهاب غانم قصيدته الشهيرة "الرجال الجوف" والتى يقول فيها إليوت:
نحن الرجال الجوف
نميل معاً
برءوس مملوءة بالقش يا للحسرة!
أصواتنا الأجشة عندما نهمس لبعض
خافتة من دون معنى
كالرياح فى العشب الجاف
وكأصوات أقدام الفئران على الزجاج المهشم
فى قبونا الجاف ..
شكل من دون تشكيل، تلوين من دون لون.
طاقة مشلولة، إشارة من دون حركة.
الشاعر الروسى بوريس باسترناك ودكتور زيفاجو .. نوبل 1958
يصل قطار نوبل بعد ذلك لجائزة عام 1958، والتى يحصل عليها الشاعر الروسى بوريس باسترناك، والذى تصادف أن تجنى روايته الوحيدة "دكتور زيفاجو" شهرة واسعة وتثير الكثير من ردود الفعل ضده فى الاتحاد السوفيتى، يقول باسترناك فى قصيدته الشهيرة "إلى آنا أخما توفا":
أظننى أستطيع أن أستعدى كلمات
سوف تبقى: أنت هناك فيها
ولكن إذا لم أستطع، ومهما كان الأمر
فسوف ألحَّ ولن أبالى..
الشاعر والمناضل اليسارى العظيم الشيلى بابلو نيرودا .. نوبل 1971
وفى عام 1971 يحصل الشاعر والمناضل اليسارى العظيم الشيلى بابلو نيرودا، والذى توفى عام 1973 إثر انقلاب أطاح بالرئيس الشيلى سلفادور ألليندى وأدى إلى مقتله، ويعد نيرودا قائد تيار كامل من أدباء أمريكا اللاتينية الكاتبين باللغة الأسبانية، يقول نيرودا فى قصيدة بعنوان "الشعر":
وكنت فى تلك السن ..
حين أتى الشعر يبحث عنى
لا أعرف، لا أعرف من أين جاء
من النهر أو من الشتاء
لا أعرف كيف ومتى
لا، لم تكن هناك أصوات
لا صمت، ولا كلمات
ولكن استدعيت من الشعر
من أفنان الليل
فجأة من قبل الآخرين
بين الحرائق العنيفة
أو بينما كنت عائداً وحدى،
كنت هناك من دون وجه
ولقد لمسنى.
1986 .. الشاعر النيجيرى وول سوينكا أول أفريقى يفوز بنوبل
عام 1986 يحصل الشاعر النيجيرى وول سوينكا (المولود عام 1943 والذى لا يزال يعيش حتى الآن) على الجائزة، ليكون بذلك أول أفريقى يفوز بها، لتفتح أفاق العالم على الأدب الأفريقى ليفوز بها بعد ذلك نجيب محفوظ، وتبزغ أسماء أفريقية كبيرة فى عالم الأدب والكتابة، يقول سونيكا فى قصيدة بعنوان "مدنى وعسكرى":
آمل يوماً ما
وأنا مصممّ على مهنة عيشى
أن يوقفنى فى سيرى
شبحك فى خندق
وهو يؤشر: إننى عسكرى
عندئذ لن يكون هناك تردد
سأطلق عليك الرصاص بوضوح وعدالة
من لحم وخبز، وقرعة مليئة بالنبيذ
وتهدل أثداء من كل ساعد
وذلك السؤال الوحيد
هل تعرف يا صديقى، حتى الآن
ماذا كان الهدف من كل ذلك؟
الإنجليزى هارولد بنترن آخر الشعراء الفائزين بنوبل 2005
يصل قطار نوبل فى آخر محطاته الشعرية ليتوقف عام 2005 عند الشاعر والمسرحى الإنجليزى هارولد بنترن، والذى توفى عام 2008 متأثرا بإصابته بالسرطان، والتى يقول فى إحدى قصائده واصفاًَ معاناته بالإصابة بالمرض والتى جاءت باسم "خلايا سرطانية":
لقد نَسيَتْ كيف تموت
ولذلك تُمدد حياتها القاتلة..
أنا وسرطانى نتقاتلُ بعنفٍ
دعنا نأمل أن يكون هناك مصرع مزدوج
أريد أن أرى سرطانى صريعاً
سرطان ينسى أن يموت
ولكن يخطط لتقلى بدلاً منه
غير أننى أتذكر كيف أموت
على الرغم من أن كل شهودى ميتون
ولكنى أتذكر ما قالوه
عن سرطانات أحالتهم عمياناً وأغبياء
كما كانوا قبل ولادة ذلك الداء الذى أتى بالسرطان
الخلايا السود سوف تجف وتموت أو تغنى فى سرور وتنتصر
إنها تتكاثر بهدوء ليلاً ونهاراً
وأنت لا تعرف لأنها لا تتحدث.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة