إن الكتابة عن واقعنا فن لا يجيده الجميع.. فكما أن المديح والرثاء والهجاء عوامل لا يمتلك كل كاتب أو شاعر وسائل الجودة والإبداع لبلوغ حدودها.. أيضاً واقعنا بماضيه وحاضره يفترض أبجديات لا يمتلكها ولا يفهمها الجميع..الشاعرة والكاتبة (فاطمة ناعوت) كاتبة تتميز عن الآخرين بالقدرة على التوغل فى جراحنا اليومية، وفى التفوق فى التعبير عن واقعنا، وهى كاتبة لا تدع لقارئها مجالاً للراحة.. بمشرطها تتوغل فى الخاصرة المصرية تذكرها بكل الحروف الأبجدية المغسولة بالحزن.. تشعل القناديل داخل العيون الباحثة عن النوم!! تسحب وسائد الهدوء من تحت الجماجم المكسوة باللحم وبالتبلد.. ترغم قارئ حروفها على المشى حافى القدمين فوق أرصفة اللهب وجمرات الشعور بالألم ولا تتعامل مع عبارات التهدئة وجرعات السكينة.. ميزتها أنها ترسم لوحاتها بريشة الواقع كما هو.. الواقع الذى لا نحاول الاقتراب منه.. الواقع كما هو.. وليس كما نتخيله نحن بطمأنينة وبلاهة أحيانا.. والكاتبة (فاطمة ناعوت) تتميز بصدق التصوير ودقة الوصف، لا تحاول تغيير الألوان أو تحييدها.. ولا تضيف إلى الخطوط المائلة.. المنحرفة.. المستقيمة.. أى خط زائد.. إنها فقط تقف خلف جهاز دقيق.. وحساس.. ومرهف.. ومن خلال هذا الجهاز الشفاف.. تلتقط الصورة.. والأخرى.. والأخرى.. من واقعنا الأليم.. ثم تجمعها وتعيد ترتيبها.. وتترجمها إلى حروف.. ونقاط.. وعلامات تعجب وتوجهنا إلى واقعنا كما هو.. وتقف خلف جهازها المرهف.. الحساس.. لتعاود التصوير.. وتعاود التوغل فى الشرايين المصرية.. والماسى المصرية، ونتعثر فوق جمرات الواقع.. ولهب الثوانى.. ونتذكر أننا أحياء.. وما أقسى أن نحتاج لمن تذكرنا بأننا ما زلنا أحياء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة