فى الاجتماع الأخير لوزارة الزراعة والذى عقد لمناقشة مبادرة الرئيس مبارك بتخفيض ديون الفلاحين المتعثرين لبنك التنمية والائتمان الزراعى فشلت وزارة الزراعة وبنك التنمية فى الخروج بحلول جذرية للأزمة، رغم وجود الحل الذى طرحه الرئيس، وفضلت أن يقوم نجل الرئيس بحلها.
مبادرة الرئيس مبارك التى وضعت وزارة الزراعة فى ورطة منذ إطلاقها، لاقت قبولا من جميع الإطراف، ورغم التشكيك فى صحتها إلا أن عراقيل تقابل هذه المبادرة، منها إصرار وزارة الزراعة على تحديد المستفيدين منها فى فئة واحدة، وهم المقترضون لقروض زراعية، وكذلك للحائزين على مساحة 5 أفدنه والمديون للبنك بأقل من 25 ألف جنيه، وهو ما جعل لجنة الزراعة تصر أيضا على مطالبها بإلغاء كل هذه الاشتراطات حتى يستفيد الجميع من المبادرة، وأخيرا تم وضع الأمر كله فى لجنة السياسات دون أن تستفيد وزارة الزراعة من الحل "الجاهز" الذى بين أيديها.
ولكن وبعد ماراثون طويل مع الأزمة، هل سينجح جمال مبارك فيما فشلت فيه وزارة الزراعة؟ ولماذا سيكون جمال مبارك بالتحديد هو الرجل الوحيد القادر على حل الأزمة؟ وإذا لم يتم الوصول إلى حلول فهل ستتأثر الزراعة فى مصر؟
أكد مصدر مسئول بوزارة الزراعة، أن الأزمة وأثناء انعقاد الاجتماع لن يتم حلها بهذه الطريقة وهو ما حدث بالفعل، فقد اقترح أن تقوم وزارة الزراعة بمبادرة جديدة يتم من خلالها حساب مديونيات الفلاحين الفعلية، ويتم تحميلها على الأسمدة بمعنى أن تقوم وزارة الزراعة بالتعاقد مع شركات الأسمدة الموجودة فى مصر على شراء الأسمدة منها بزيادة 100 جنيه للطن، يتحملها الفلاحون من المتعثرين، ويتم تحصيل هذه المبالغ وتحويلها مباشرة لحساب بنك التنمية والائتمان الزراعى وأعتقد ـ والكلام للمصدرـ أن الأزمة يمكن حلها خلال عامين فقط.
طابع سياسى
يرى د.وحيد مجاهد أستاذ الاقتصاد الزراعى بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعى، أن المشكلة الآن تحولت من الطابع الفنى إلى الطابع السياسى، وذلك بعد تدخل الرئيس مبارك فيها وأعتقد -والكلام لمجاهد- بعد الخلافات التى حدثت فى لجنة الزراعة بمجلس الشعب، وبعد فشل الاجتماع الأخير فى إدارة المبادرة للخروج من الأزمة أن اللجوء لجمال مبارك جاء لوضع حل نهائى لن يختلف عليه أحد.
قال مجاهد، إن المشكلة هنا ليست فى الشخصية التى ستضع حلولا، إنما تكمن فى سياسات البنك فعلى مدار هذه الفترة فقد الفلاحون الثقة فى بنك التنمية، وعليه فلا بد من أن يقوم بنك التنمية والائتمان الزراعى بتغيير سياساته الإقراضية حتى يستطيع الفلاحون العودة للزراعة، فالبنك لم ينشأ لخدمة المزارعين إنما أنشأ وزارة الزراعة وهنا الفرق الذى لا يعرفه إلا القليلون.
وأكد مجاهد أن الفلاحين لن يثقوا فى بنك التنمية والائتمان الزراعى مرة أخرى، خاصة بعد تحوله من بنك زراعى إلى بنك تجارى.
