وصفه البعض بالرجل الغامض، ولاحقته اتهامات العمالة والتربح.. وبقى لغزا لا يملك الكثيرون مفاتيحه، لكن تاريخ مهنة الصحافة سيتوقف طويلاً أمام هشام قاسم، أول من حمل لقب "ناشر"، وإن كنت أنا شخصيا أفضل تسميته بـ"صانع صحف" من طراز مصطفى أمين وشقيقه على، اللذين غيرا مفاهيم صناعة الصحافة فى منتصف القرن الماضى وغيرها قاسم أوائل هذا القرن.
فى حواره معنا بمنزله لما يقارب الساعة والنصف، أباح هشام قاسم بأسرار كثيرة، وفكر أمامنا بصوت عال، فاتحا الأبواب أمام رياح يثق فى قدرته على مواجهتها. وفى السطور التالية "جزء" من حوارنا مع الناشر المصرى هشام قاسم
أستاذ هشام.. دعنا نبدأ من مشروعك الصحفى الجديد "الكرنك"؟
ـ الاسم ليس نهائيا وهناك أكثر من اقتراح مازالت جميعها أمام المساهمين للمفاضلة والاختيار.
وما هى الاقتراحات الأخرى؟
ـ المسلة..البردية
تبدو المقترحات كلها ذات صبغة فرعونية.. ولا توجد صحيفة توحى بهذه الصيغة سوى جريدة الأهرام.. هل لذلك دلالة معينة؟
ـ ليست دلالة، ولكن هذا مقصود بهدف تقديم اسم غير متداول أو مسبوق عربيا كالنهار أو الأخبار مثلا، وفى العراق جريدة بابل وعندما تسمع الاسم لا تخطئ ولا تخلط بينها وبين أخرى.
ولماذا لا تطلق عليها اسما مصريا حديثا؟
ـ هذا وارد وقد تم اقتراح "الوادى".
إلى أى مدى وصلت فى الخطوات التنفيذية؟
ـ نحن حاليا فى مرحلة التفاوض على المقر، وقد تقدمت بعرض جيد جدا لنقابة الصحفيين لاستئجار دور بمبنى النقابة.
وهل وافقوا؟
ـ دعنى أقول إننى لو كنت أفاوض رجل أعمال يملك هذا المكان لكنا توصلنا إلى اتفاق منذ زمن، ولكنى ما زلت فى انتظار رد أعضاء المجلس.
وما هى تفاصيل العرض الذى تصفه بأنه جيد جدا؟
ـالعرض يتضمن استئجار دور فى مبنى النقابة بـ360 ألف جنيه شهريا تزيد بشكل سنوى لتصل فى نهاية العقد إلى 850 ألفاً، أى أن إجمالى ما تحصل عليه النقابة لمواردها يتجاوز ثمن المبنى.
ولو رفضوا؟
ـ الحقيقة "هما زهقوا هيكل قبل منى" ولو لم أحصل على موافقة سأظل أبحث عن مكان ملائم، وأنا أفضل وسط البلد، لكن لو اضطررت سأذهب إلى المهندسين وأبحث حاليا عن سينا مغلقة أو مخزن أو أى مكان يلائم شروطى.
هل ذهبت إلى النقابة بحثا عن غطاء من نوع ما؟
ـ أنا أوراقى سليمة ولا أخشى اتهامات من أى نوع ولا أحتاج لغطاء أو حماية، بل أبحث عن موقع ومسطح لا يقل عن ألفى متر، وهذا موجود فى النقابة.
تقول إنك لا تخشى الاتهامات.. فهل تشير إلى اتهامات التمويل الأجنبى لمشروعك السابق "المصرى اليوم"؟
ـ لا توجد صحيفة مصرية ممولة من أمريكا وأنا أقول هذا الكلام وأعنيه تماما فالأمريكان والأوربيون لديهم قواعد صارمة تمنع حدوث مثل هذه الأمور.
ما دمنا تحدثنا عن المصرى اليوم.. دعنا نتوقف قليلا أمام التجربة الأهم فى حياتك المهنية.. حتى الآن على الأقل.. لأسألك عن علاقتك بها.. كيف بدأت؟
ـ كان مشروع الجريدة قائما بالفعل عندما انضممت إليها بصفتى خبيرا فى إصدار الصحف وانسحبت اعتراضا على غياب مرجعية للجريدة.
قيل إن انسحابك سببه الاعتراض على الراحل مجدى مهنا؟
ـ ليس سرا أننى كنت رافضا لتوليه رئاسة التحرير رغم تقديرى الكبير له كاتبا، ولكن المشكلة كانت المرجعية، وعندما أعيد التفكير فى المشروع كلمنى صلاح دياب هاتفيا وقال لى "إيه رأيك نجرب اللى بتفكر فيه " فوافقت.
كنت موافقا على رئاسة أنور الهوارى للتحرير ثم اصطدمت به مبكراً؟
ـ كما قلت لك دورى كعضو منتدب هو المحافظة على المرجعية، ومنذ اليوم الأول قلت للهوارى "هاتمشى فى السكة دى هاطيرك "، وحدث هذا أمام شريف عبد الودود.
ولكن هذا تدخل فى صميم عمله كرئيس للتحرير؟
ـ صميم عملى أن أحافظ على خط الجورنال، "يعنى جريدة ليبرالية يقلبها رئيس التحرير إلى الخط الإسلامى وأقول هذا صميم عمله"؟ !!
دعنى أسالك عن علاقتك بالمصرى اليوم حالياً؟
ـ علاقتى انتهت والنسبة التى كنت مشاركا بها حصلت عليها.
وكيف تقيمها كخبير؟
ـ أعتقد أن الأداء التحريرى لم يتطور وانضم إليها كتاب كان لا ينبغى أن يتواجدوا على صفحاتها.. دعنى أقول إن صفحات الرأى تعرضت للغزو.
وما الجديد الذى تقدمه فى "الكرنك " مؤقتا لتتفوق على المصرى اليوم؟
ـ لا أضع فى ذهنى المصرى اليوم أو الشروق، بل أصدر جريدة لتكون الأولى ولأتفوق على السوق، وأعمل على مشروعى منذ عامين وبذلت فيه جهدا أعلم تماما حجمه وقيمته.
وما الجديد الذى تقدمه؟
ـ أراهن على العمق فى التغطية الخبرية وعلى الصحافة الاستقصائية، وهذا ما تفتقده الصحافة المصرية، وكذلك الاهتمام بموضوعات لا تجد حظها كالعلوم، أنا شخصيا أرى أنه من المخزى أن يحدث انفجار كونى فى سويسرا ولا تغطيه الصحف المصرية.
والشكل التحريرى؟
ـ سيكون مختلفا و"المية تكدب الغطاس".. سنعيد تعريف التغطية الخبرية ونقدم وظائف جديدة فى الصحافة المصرية.
هل اخترت رئيس التحرير؟
ـ نعم وجلسنا طويلا مع بعضنا البعض وأعلن اسمه بعد الاستقرار على مقر الجريدة.
هل حددت موعد الإصدار؟
ـ تجهيز المقر يستغرق ثلاثة أشهر والأعداد التجريبية قد تستمر لستة أشهر أخرى، وعموما الموعد المبدئى هو الربع الأخير من هذا العام.
ما الفرق بين موقعك فى المصرى اليوم وموقعك فى الإصدار الجديد؟
فى المصرى اليوم كانوا مجموعة من رجال الأعمال، طلبوا منى كرجل مهنى إصدار جريدة، ولكن هذه المرة أنا رجل مهنى أجمع أموالا لإصدار الصحيفة.
وكيف ستنتقى كوادر جريدتك الجديدة؟
سيكون هناك موقع للجريدة يعلن فيه جميع الوظائف المطلوبة برواتبها وجميع التفاصيل الخاصة بها، ويكون التقديم من خلال الموقع، وستكون هناك طريقة جديدة، نريد أن نعطى الفرصة للجميع بدون أى وساطة، فالمجاملة فى الأفراح والأحزان فقط.
ولماذا لا تستقطب أسماء لها ثقل؟
فى تجربة المصرى اليوم، عرض على صلاح دياب استقطاب هيكل، طبعا أنا عارف أن هيكل من الصعب موافقته على جريدة قبل صدورها، ورغم ذلك اقترحت أن نصنع هيكل جديدا يخرج من الجورنال، مثلا فى جريدة الشروق أتى بجميع الموجودين بالسوق، فما الجديد الذى أقدمه إذن؟! مجرد أننى أخذت أشخاصا من صحف أخرى، وهذا غير منطقى، فأعتقد أننى قدمت فى المصرى أسماء جديدة أول مرة "حد بيسمع عنها"، وهذه طريقتى فى العمل.
فى الفترة الماضية كان هناك تردد من رجال الأعمال للإقبال على إصدار الصحف.. ولكن حاليا الوضع اختلف وهناك تصارع لإصدار الصحف.. هل ترى أن ذلك من أجل حماية مصالحهم مع الدولة؟
بالتأكيد ...فالمزيد من الاستثمارات من قبل رجال الأعمال فى الصحف هى مرحلة انتقالية، للحصول على أكبر حصة من النفوذ، سواء بدخولهم مجلس الشعب، أوتملكهم لوسائل الإعلام كنوع من الدفاع عن المصالح والنفوذ.
ألا تتفق معى أن هذا يفقدها الثقة مع القارى؟
"والله .. اللى يشيل قربة مقطوعة بتنزل على دماغه، والصحف بتكتر والمنافسة بتكون أشد، واللى جعل صحف الحكومة تتراجع ويفقد القارى الثقة فيها، هو التطبيل لكل ما هو حكومى، فجعلها تتدهور فى التوزيع، فهذا الأمر يحسمه آليات السوق، فالصادق مع القارئ هو الذى يستمر ومن يتلاعب بالقارى سيكشفه ويبتعد عنه".
كيف تكتسب قارئا جديدا لجريدتك وخاصة أن عدد القراء محدود؟
عندما كانت تجربة المصرى اليوم، كان تركيزى فى التسويق على اجتذاب قراء الصحف المتواجدة وخاصة بعد انهيار توزيع الصحف القومية والحزبية، "واللى بيشتغل بشكل علمى"، نرى أن 60% من سكان البلد تحت 25 سنة وهذه الفئة لا تقبل على القراءة، فأنا أريد اجتذاب هذه الفئة، فنحن فى الماضى كنا نوزع 3 ملايين نسخة وحاليا تراجع العدد إلى مليون نسخة، ومن وجهة نظرى يمكن أن يتصاعد العدد مرة أخرى خلال العشر سنوات القادمة، ولا أقصد من ذلك الاعتماد على الصحافة الروشة التى يتطلبها السوق.
أيضاً جميع الإصدارات الخاصة الحديثة صحف صباحية.. هل ترى أن السوق لا يستوعب صحافة مسائية خاصة؟
"لسه بدرى على المسائى، الأول تكتمل منظومة الصحف الصباحية وبعد ذلك ينظر للمسائية لتخرج بعدها الصحف المجانية".
وهل ترى أن الصحف المجانية قادرة على المنافسة فى السوق المصرى؟
"لسه بدرى على السوق المصرى لهذا النوع من الصحف، وسمير رجب اتجه لذلك لظروف معينة، والدنمارك من أكثر الدول التى يوجد بها هذا النوع، 61% من الصحف، والسبب فى ذلك عندما يقفل سوق الصحافة الصباحية والمسائية، تخرج هذه النوعية من الصحف، والذين حاولوا إصدار صحف مجانية ذات وزن فشلوا، لأنها مجرد تسالى يتم التقاطها فى المترو، والقارئ لا ينظر إليها نظرة اهتمام".
هل أنت متخوف من تجربتك الحالية فى حالة عدم قدرتها على منافسة المصرى اليوم؟
أنا لا أنظر للمصرى اليوم أو الشروق، فأنا انظر لعملى ومجهودى المتواصل لمدة سنتين فى هذا الجورنال، ومدرك تماماً أننى سآخذ مكانا فى السوق، أما أن يأتى القارئ من المصرى اليوم أو الأهرام فهذا لا يعنينى، فعينى على شغلى فقط عندما أنقل على عمل آخر ولا أنظر خلفى، فأنا أصدر لأتفوق على السوق وليس على جورنال معين.
من وجهة نظرك من صانع نجاح الجريدة.. رأس المال.. الإدارة.. المحررون؟
لا يستطيع أحد أن ينسب بمفرده نجاح جورنال له، فلابد أن تتكامل العناصر مع بعضها، ويكون هناك تصور ومساحة تريد أن تحصل عليها.
خرجت من المصرى اليوم لتشغل مستشارا لرابطة الصحف العالمية(وان).. ما هى طبيعة عملك؟
هو مشروع يعطى للصحافة العربية دواعى الاحتراف، وأنا لم أخرج من المصرى اليوم فقط لهذا المنصب، ولكنى لأتفرغ لمشروعى الحالى، أيضاً من مهامى فى هذه الرابطة، الذهاب لصحف محترمة ولكنها متعثرة ماديا، لأقوم بإعادة هيكلتها، بحيث تستطيع أن تصرف على نفسها.
فى أحد حواراتك قلت إنك ستذهب إلى لندن لمقابلة خبير بريطانى متخصص فى التحليل المالى للصحف.. هل تمت هذه المقابلة؟
حتى الآن لم تحدث. ولكن مازالت على الأجندة وقابلت خبيرا آخر، ساعدونى فى إعداد الموازنة لمدة ثلاث سنوات، الأرباح والخسائر والتدفقات النقدية،فالاتحاد موفر لى اثنين من الخبراء فى أى مساعدة فنية، وفى المقابل أن أقوم بنشر كتاب عن كيفية تأسيس صحيفة يومية، يصدر بعد صدور الجريدة بعام، حتى لا تنتشر أفكار فى السوق قبل تنفيذها فى الجريدة الحالية، وهذا دليل لأى ناشر عربى يريد أن يصدر جريدة يومية مستقلة.
بعد أن تركت المصرى اليوم ... كيف تراها الآن؟
(ظل فترة للتفكير) أرى فيها مجموعة من جيل كتاب الرأى كان لا يجب أن يكونوا متواجدين على صفحاتها، وقاموا بغزو الجورنال، وأعتقد لو أن التسويق كان بشكل جراحى كان توزيعها تجاوز الأهرام.
وما العيوب التى تقع فيها المصرى اليوم من الناحية المهنية؟
أرى أنها لم تجدد من أدائها التحريرى.
أكد أنه لا يسعى لمنافسة المصرى اليوم أو الشروق..
هشام قاسم يتحدى السوق بجريدة جديدة
الجمعة، 06 مارس 2009 08:21 م
الناشر الصحفى هشام قاسم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة