عشرة أحكام بمائة ألف جنيه عوضا عن 17 عاما من الاعتقال، كل ما يمتلكه سيد الذى فقد والده وأمه حسرة على ابنهم الذى تغيب خلف القضبان وهو فى الرابعة عشرة وخرج فلم يجد أسرة له ولا ميراثا يغنيه عن سنوات الاعتقال المريرة، فقط هى بضع أوراق حصل عليها بعد سبع سنوات من اللف من محكمة لأخرى هى كل حياته، وترفض وزارة الداخلية صرفها بحجة عدم وجود ميزانية كافية.
من فترة لأخرى تعلن وزارة الداخلية عن دفعة جديدة للتعويضات ومنها ما أعلنته الأسبوع الماضى عن توفير مليونى جنيه لـ220 معتقلا، إلا أن الدولة اختارت أصحاب الأحكام الضئيلة فقط دون أن تتفاهم مع قيادات الجماعة أو تراعى أصحاب الحاجة الحقيقية والذين وصل بهم الأمر مثل «سيد» إلى طلبه من وزارة الداخلية أن تعيده إلى السجن مرة أخرى وجدد طلبه قبل أيام، بعد أن حيروه وأسمعوه كلاما معسولا لم يستطع معه أن يحصل على مليم واحد يوفر له وجبتين فقط فى اليوم وفرصة عمل.. سيد حاصل على أحكام ومخالصات نهائية من الضرائب وأنهى جميع الإجراءات لكنه لم يتحصل على فلوسه ولا يجد حتى بابا يغلق عليه ولا زوجة رغم تخطيه الثالثة والثلاثين.
قضية سيد واحدة من بين عشرة آلاف على الأقل من أعضاء الجماعة الإسلامية الذين خرجوا من السجون ولم يجدوا عائلا ولا عملا، إلا أمل الحصول على تعويضهم أيام التعذيب والحرمان خلف أسوار السجون، فالواقع الذى شاهدوه جعلهم يقولون «خرجنا من سجن المعتقل إلى سجن المجتمع الذى لا يرحم ولا يترك لنا فرصة للحياة الكريمة»، لكن وقع المأساة كان أشد على من دخلوا أطفالا ليس لهم ناقة ولا جمل فى العنف أو حتى أفكار الجماعات، فكانت معاناتهم مزدوجة فلا الجماعة وضعتهم فى الحسبان ولا الأجهزة الأمنية وفرت لهم التعويض، وكانت النتيجة أنهم يطلبون العودة إلى السجون مرة أخرى أو التهديد بالاعتصامات أمام مقار مديريات الأمن التابعين لها. «أشرف» فى الخامسة والثلاثين، قضى 12 عاما فى السجن، معه شيكات بأكثر من 40 ألفا لم يتحصل عليها، أما «محمد» خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسة رضى بالعمل ملاحظ فراشين بعد أن أعياه البحث عن فرصة عمل مناسبة وبعد أن رفضت الداخلية تعويضه عن خمسة أحكام حصل عليها بقيمة 50 ألف جنيه.
«عزام» حصل على درجة الماجستير فى التاريخ وقضى سبع سنوات خلف القضبان ولديه أحكام بأربعين ألف جنيه، وعلى مدار ثلاث سنوات يحاول أن يحصل ولو على عشرة آلاف تساعده فى حياته.
صالح، حجازى، كمال، تعدوا الأربعين وغيرهم دخلوا المعتقل بطريق الخطأ، قضوا نصف عمرهم ليخرجوا ووصمة «المعتقل السياسى» تجهض أحلامهم، ومع هذا لم يجدوا تعويضا حتى بعد أن حصلوا على أحكام فى صورة أوراق لم يجدوا من ينفذها لهم.
مجدى عبد الحافظ المحامى أكد أن لديه موكلين من الجماعة حصلوا على أحكام، إلا أن النظام الذى تأخذه دائرة أحكام التعويض معقد جدا، يجعل العشرات منهم ييأسوا ويتمنوا بالفعل العودة للسجن ناجح إبراهيم المتحدث باسم الجماعة علق على الأزمة قائلا: «أعضاء الجماعة لا يريدون إحسانا لكن يريدون حقوقهم» وتابع ناجح كلامه: لا نريد أكثر من أن تعاملنا الدولة على أننا أولادها، وتسدد ما لهؤلاء من أحكام.
مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين أول من أجرى حوارات حول المراجعات انتقد عرقلة التعويضات، معتبرا أنه لا يوجد بلد فى المنطقة تعامل مع مبادرات العودة عن العنف مثلما تعاملت معها أجهزة الدولة فى مصر، د. صفوت عبدالغنى القيادى بالجماعة يقول إن الدولة كانت تصرف ملايين الجنيهات على مكافحة الإرهاب سنويا، وترفض أن تنفق ثلث هذه الميزانية فى عام واحد لتعوضهم.
لمعلوماتك...
◄ 2 مليون جنيه وفرتها الدولة لتعويض 220 معتقلاً
7 شهادات تؤكد تدهور علاقتهم بالداخلية
10 آلاف من أعضاء الجماعة الإسلامية فشلوا فى صرف تعويضات الاعتقال ويعيشون بلا أمل
الجمعة، 06 مارس 2009 12:39 ص