إصدار مذكرة اعتقال الرئيس السودانى عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية الموجودة بلاهاى فى هولندا، ليصبح أول رئيس عربى يتعرض لهذا الموقف، وأول رئيس دولة على الإطلاق توجه له الاتهامات بارتكاب جرائم الحرب من قبل المحكمة وتصدر مذكرة توقيف واعتقال بشأنه أثناء فترة ولايته، أثار العديد من التساؤلات حول كيفية عمل المحكمة الجنائية الدولية، وكيف يتم توجيه الاتهام من قبل مكتب المدعى العام للمحكمة.
موقع المحكمة الجنائية الدولية الإلكترونى أوضح كيفية عمل مكتب المدعى العام فى بدء التحقيق فى أى قضية دولية لتنظر أمام المحكمة بعد ذلك، حيث يأتى بأحد الطرق الثلاث، أول تلك الطرق هى أن تقوم الدولة الطرف بالإشارة للمحكمة عن قضية أو أكثر من الجرائم التى تدخل فى اختصاص المحكمة والتى تم ارتكابها بصورة واضحة.
ويتكون مجلس قضاة المحكمة التمهيدية الذين وجهوا تلك الاتهامات السبعة للبشير برئاسة أكوا كوينيهيا رئيسة الدائرة الأولى فى المحكمة الجنائية الدولية وهى غانية الجنسية، وقد تم انتخابها لمدة ثلاثة أعوام كممثلة لمجموعة الدول الأفريقية، وبعضوية القاضية أنيتا أوساكا من لاتفيا، والبرازيلية سيلفيا شتاينر والتى انتخبت من قبل مجموعة دول أمريكا الجنوبية والكاريبي، وكانت سكرتيرة الجلسات هى الإيطالية سيلفانا أربيا.
يقوم مجلس الأمن بالأمم المتحدة بموجب البند السابع من ميثاق عمل الأمم المتحدة بالإشارة إلى المدعى العام للتحقيق فى أى جريمة أو قضية يرى أنها ملائمة للنظر فى المحكمة، وتلك الطريقة تمثل حالة اتهام البشير، عندما اتخذ مجلس الأمن القرار 1590 فى مساء 31 مارس 2005 بأغلبية 11 صوتا مقابل لا شيء وامتناع 4 أعضاء عن التصويت (البرازيل والجزائر والصين والولايات المتحدة)، وقرر فيه إحالة الحالة السائدة فى دارفور إلى المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية.
أما ثالث الطرق فهى أن يقوم المدعى العام للمحكمة – بموجب السلطة الممنوحة إليه- ببدء التحقيق من تلقاء نفسه على أساس توافر معلومات عن جرائم تدخل فى اختصاص المحكمة. بعد تحديد قضية لبدء التحقيق فيها من قبل المدعى العام، وقبل البدء فى التحقيقات الفعلية، يجب على المدعى العام تحديد إذا كان "هناك أساس معقول للشروع فى إجراء التحقيق"، ويتحدد ذلك الأساس من خلال العوامل المذكورة فى المادة 53 من نظام روما الأساسى الذى ينظم عمل المحكمة الجنائية الدولية، والتى تنص على أن تلك العوامل تحدد ما إذا كانت القضية تدخل فى اختصاص المحكمة، وذلك وفقاً لعاملى (خطورة الجريمة وتكامل أركانها) وأهميتها بالنسبة إلى تحقيق مصلحة العدالة.
ويوضح مكتب المدعى العام بالمحكمة الجنائية الدولية أيضاً كيفية عمل المكتب فى تطبيق شروط نظام روما الأساسى للبدء بعد ذلك فى نظر القضايا أمام المحكمة فعلياً، والذى يأتى من خلال إجراءين منفصلين.
الإجراء الأول يتعلق باختيار القضية أو الجريمة، حيث بعد موافقة القضية للشروط الزمنية والموضوعية لتمرير القضية لبدء التحقيق فيها، يبدأ مكتب المدعى العام فى تقييم خطورة الجريمة المرتكبة وفقاً لنصوص نظام روما الأساسى، وعلى الرغم من أن أى قضية تدخل ضمن اختصاص المحكمة تكون خطيرة، فإن النظام الأساسى للمحكمة يشترط أن تكون القضية على درجة كافية من الخطورة تبرر للمحكمة - وفقاً لرأى مكتب المدعى العام- اتخاذ قرارات قوية بشأن تلك الجرائم.
أما الإجراءات التى يتبعها مكتب المدعى العام بالمحكمة الجنائية الدولية لتحديد مدى خطورة الجرائم التى يحقق فيها، فهى، أولاً حجم الجرائم التى تم ارتكابها، ثانياً طبيعة تلك الجرائم ونوعيتها، ثالثاً طريقة ارتكاب تلك الجرائم، أما رابعاً فهو نتيجة وتأثير الجرائم التى ارتكبت.
وأشار موقع مكتب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية أن المكتب يحقق منذ عام 2004 وحتى وقتنا الحالى فى الجرائم التى ارتكبت فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، شمال أوغندا، جمهورية أفريقيا الوسطى، ودارفور، والذين وصلوا إلى مستويات الخطورة الكافية لنظر القضية أمام المحكمة الجنائية الدولية.
أما الإجراء الثانى فهو قيام مكتب المدعى العام بالتحقيق فى استقلالية تامة، حيث أوضح مكتب المدعى العام أنه أياً كانت الطريقة أو الآلية التى تم بها اختيار الدعوى أو القضية من الطرق الثلاث الأولى، أو كانت القضية التى سيتم التحقيق فيها تخص حالات عامة أو أشخاص بعينهم، حيث إن إجراء التحقيقات واستجواب الشهود والمتهمين يتم عن طريق قرارات مكتب المدعى العام بصورة مستقلة تماماً وبناء على قواعد نظام روما الأساسى المنظم لعمل المحكمة، والأدلة التى جمعت بشأن القضايا المنظورة.
يذكر أن مكتب المدعى العام يترأسه منذ تاريخ 16 يونيو 2003 الأرجنتينى لويس مورينو أوكامبو بصفته المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، ويتكون مكتب المدعى العام من ثلاثة أقسام، أولهم قسم الادعاء تترأسه فاتو بنسوندا من جامبيا وتشغل منصب نائب المدعى العام المسئول عن أقسام الادعاء، وقسم التعاون والتكامل المسئول عن متابعة الدول الأطراف بشكل يضمن سلامة التحقيق، والذى تديره الفرنسية بياتريس لو فرابيه، أما القسم الثالث فهو قسم التحقيقات الذى يرأسه البلجيكى ميشيل دو سميدت.
ونص موقع مكتب المدعى العام أن المحكمة يدخل فى اختصاصها جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبت بعد تاريخ 1 يوليو 2002 وهو تاريخ تفعيل نظام روما الأساسى كمنظم لعمل المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار الموقع أيضاً إلى أن مكتب المدعى العام يقوم حالياً بتحليل مبدئى عن الأوضاع فى تشاد، كينيا، أفغانستان، جورجيا، كولومبيا، وفلسطين.
من هم القضاة الذين سيحاكمون البشير ومصيره فى الساعات القادمة ؟
الأربعاء، 04 مارس 2009 05:50 م