بعد قرار الجنائية الدولية.. من طالب برأس البشير؟

الأربعاء، 04 مارس 2009 03:56 م
بعد قرار الجنائية الدولية.. من طالب برأس البشير؟ البشير أول رئيس عربى يصدر بحقه قرار دولى - AFP
كتب علاء فياض ومحمود محيى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العدل والمساواة وأهالى ضحايا دارفور ومنظمات حقوق الإنسان، والولايات المتحدة والغرب وأوروبا، هؤلاء طالبوا المحكمة الدولية بإصدار قرار باعتقال الرئيس السودانى عمر البشير. لا فرق الآن بين أهداف شخصية وسياسية واقتصادية، فالجميع توحدوا خلف راية المبادئ الإنسانية، وقدموا ما اعتبرته المحكمة الدولية الدائمة قرائن وأدلة لاعتقال رئيس ما يزال فى السلطة. التفاصل فى التقرير التالى..

أكرم حسام الخبير فى الشئون السودانية والأفريقية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، يقول إن المصلحة الأساسية للأمم المتحدة لإصدار قرار من المحكمة الدولية لتوقيف البشير أو اعتقاله، يقف خلفها اللوبى اليهودى الموجود فى الأمم المتحدة، فقد شكل هذا اللوبى فى عام 2006 تحالفا يسمى" إنقاذ دارفور" يضم منظمات غير حكومية أمريكية ممولة من عدة جهات يهودية أمريكية، وعمل هذا التحالف فى إثارة الرأى العام الدولى وتحريكه للضغط على المحكمة الدولية والمجتمع الدولى لإصدار هذا القرار، وذلك لاعتبارات سياسية واستراتيجية ضخمة تخدم مصالح هذا اللوبى ومصالح إسرائيل، بالإضافة إلى بعض الدول الكبرى التى تلعب دورا ضخما لتحقيق مصالح لها فى تلك المنطقة الهامة.

ويشير حسام إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هى أكبر مستفيد من زعزعة الاستقرار فى السودان، وتغيير نظام البشير الحاكم، وذلك لعدة اعتبارات أولها أن النظام الحاكم فى السودان رافض تماما لإقامة أى قواعد عسكرية أمريكية فى دارفور لمراقبة منطقة وسط أفريقيا، وذلك لأنهم يريدون أن يكون لهم تواجدا فى منطقة تشاد وأفريقيا الوسطى لمراقبة مشروع خطوط البترول المزمع إقامته فى دارفور مرورا بتشاد فالنيجر حتى السنغال للوصول إلى المحيط الأطلنطى، وذلك لنظرة الولايات المتحدة الأمريكية المستقبلية لثروات البترول فى تلك المنطقة فى حال وقوع أى توتر فى منطقة الخليج بسبب إيران.

وأضاف أن لإسرائيل مصالح أيضا لاعتقال البشير وعدم استقرار السودان، وذلك لأنها تريد أن تكون السودان ورقة ضغط فى أيديها، فالثابت على أرض الواقع أن أحد الفصائل الهامة فى دارفور وهو فصيل "تحرير السودان" جناح عبد الواحد نور، له مكتب للحركة حاليا فى إسرائيل ويقوم بزيارات مستمرة لإسرائيل من حين إلى آخر كان آخرها زيارة وفد من الحركة لإسرائيل فى مؤتمر هرتسيليا لأمن إسرائيل فى يناير السابق، قابل فيها مسئولين كبار فى وزارة الدفاع والموساد ووعدوه بتقوية موقفه فى النزاع.

ويشير حسام إلى أن عدد المهاجرين السودانيين فى إسرائيل يزيد على 3000 لاجئ سودانى، ثلثا هذا الرقم من دارفور فقط مما يثير علامة استفهام حول تلك النقطة. ومما يزيد الموقف غموضا هو تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت فى بداية عام 2008، أنه سيقوم بترحيل اللاجئين السودانيين إلى مصر ماعدا لاجئى دارفور، مما يؤكد مصلحة إسرائيل الأساسية فى فرض نفوذها على ذلك الإقليم بل المنطقة بأثرها، وأيضا لتطويق الدور المصرى وخلق فراغ استراتيجى فى مناطق الحدود الجنوبية فى مصر، وذلك كى تمتلك ورقة ضغط أخرى للتأثير على الأمن القومى المصرى تضاف إلى ورقة المياه وملف الجنوب الذى تتحرك فيه إسرائيل بفاعلية.

وعن المواقف الداخلية فى السودان والتى تريد رقبة البشير، يقول حسام إنه لاشك أن حركة العدل والمساوة بقيادة خليل إبراهيم مع حركة المؤتمر الشعبى بقيادة أحمد الترابى، والذى يعتبر معلما لخليل إبراهيم ولديهما مصالح من وراء اعتقال البشير، وذلك للسعى نحو السلطة وتقسيم الثروة وتقرير حق المصير، فهم يستغلون المواقف الدولية ضد الحكومة السودانية لتحقيق مصالحهم، وقد حدث ذلك من قبل فى مؤتمر نيفاشا عام 2005، عندما لمح فى المؤتمر إلى إعطاء دارفور حكما ذاتيا وتقسيما للثروة، ويضيف حسام أنه بالنسبة لموقف حكومة الجنوب فإنه غير متوقع إصدار موقف رسمى يؤيد لقرار المحكمة ضد البشير، لأنهم شركاء فى السلطة، ولكن يحدث من الحين للآخر تصريحات من بعض القادة المتشددين مثل "ادوارد لينو" تؤيد قرار اعتقال البشير.

لكن الدكتور هانى رسلان رئيس ملف السودان بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يؤكد أن الشهادات التى قدمت إلى المحكمة يقولون أنها سرية حرصا على حماية البيانات أو الشهود كما يدعون، ومسموح فقط للقضاة بالاطلاع على هذه الشهادات، والمحكمة تعلم أن هذه الشهادات غير نزيهة لأنها جاءت فى ظرف تفكك المجتمع السودانى، وبها مجموعات عسكرية لها أهداف معينة تستغل شهاداتها فيها، كذلك جاءت الشهادات فى ظل بيئة جغرافية وحدود مفتوحة مع دول لا تريد استقرار السودان، كل ذلك يجعل من الصعب التأكد من صحة هذه الشهادات وأن قرار المحكمة هو قرار سياسى لخدمة الأغراض السياسية.

وأشار إلى أن لجنة التحقيق التى أرسلها مجلس الأمن سنة 2004، رفضت القول بوجود إبادة جماعية، وإنما بعض خروق لحقوق الإنسان وجرائم حرب بين الطرفين، إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية اعتمدت مواقف إدانة بوجود إبادة جماعية بناء على تحقيق تم إجراءه بواسطة ضباط فى القوات الأمريكية قاموا بتزوير بعض الشهادات من معسكر اللاجئين الدر فوريين، الموجود فى تشاد، وقد رفضت لجنة التحقيق الدولية هذه النتائج حيث تبين تزوير شهادات أكثر من 85 شخصا فمن خلال أقوالهم تبين أن هذه الشهادة أمليت عليهم، وبقيت الخارجية الأمريكية تلعب لوحدها فى مضمار الإبادة الجماعية وهم الآن يحصلون على شهاداتهم من جمعيات حقوقية وهيئات إغاثية وهى جهات مخابراتية أمريكية.

إن أزمة المحكمة ليست فى فكرة الجرائم الموجهة من عدمها، ولكن فكرة تقديم رأس الدولة إلى المحكمة قد يشل الحركة السياسية والأمنية فى السودان، هكذا يعتقد رسلان، الذى يرى أن المحكمة قد تستغرق سنوات وقد يحصل على البراءة ولكن بعدها تكون ضاعت السودان فى بحر الحروب المتناحرة، موضحا أن الاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية رفضت قرار المحكمة، ولكنها غير قادرة على إيقاف القرار ومن المحتمل أن تنسحب بعض الدول الأفريقية من ميثاق المحكمة اعتراضا على قرار التوقيف، وأكد أن السودان ليست موقعة على المحكمة، لذلك فالمحكمة ليست لها الولاية عليها ولكن من الممكن أن يتخذ مجلس الأمن قرارات ضد السودان فى حال رفضها للمحاكمة أو قراراتها.

الدكتورة إجلال رأفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تؤكد أنه فى حال صدور قرار من المحكمة الجنائية بتوقيف البشير لابد أن يصدر قرار من مجلس الأمن لتفعيل المادة 16 من ميثاق روما بتجميد القرار لمدة سنة، وخلال هذه السنة يتم تنشيط لعملية المصالحة بين الحركات الدرفورية والحكومة السودانية ووجود تغييرات إيجابية على أرض الواقع، وهو ما تسعى إليه بعض الدول العربية فى حالة وجود قرار توقيف، ولا بد أن تلتزم السودان بقرار المحكمة لأنه خارج من مجلس الأمن باعتبارها عضوا فيه، ومن المعروف عنه أنه مجلس "مسيس" تسيطر عليه أمريكا أكثر من سيطرتها على المحكمة الدولية التى لم توقع عليها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة