أكدت دراسة أمريكية، أن القمة العربية التى سوف تعقد بالدوحة غداً، الاثنين، لن تأتى بجديد، سوى عدم تمثيل حماس، كما حدث فى قمة غزة المصغرة، وأشارت الدراسة التى أعدها ديفيد شينكر، مدير برنامج السياسة العربية بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أنه من المتوقع أن يستمر الخلاف المعتاد حول القضايا المتعلقة بالنفوذ الإيرانى وخلاف الفصائل الفلسطينية، والاستمرار فى إدانة إسرائيل، بينما شدد على أن المكسب الوحيد الذى قد تحوز به واشنطن من القمة، فى ظل دعوة البشير للحضور الذى قتل قرابة نصف مليون من شعبه على حد وصفه، هو عدم إضفاء الشرعية لحركة حماس.
ويعتقد الباحث، أن القمم العربية دائماً ما كانت تشهد خلافات حول القضايا الإقليمية، وأنه متوقع ألا تختلف قمة الدوحة عنهم، مدللاً بشدة الخلافات الأخيرة، التى تمثلت عندما دعت قطر لقمة طارئة إبان الهجوم الإسرائيلى على غزة ولم يحضره إلا 14 دولة فقط لكى لا يكتمل النصاب القانونى لتصبح قمة رسمية، وتصبح فقط اجتماعاً مصغراً، موضحا أنه على الرغم من لقاء عبد الله ملك السعودية مع قادة مصر وسوريا والأردن والبحرين وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى على هامش قمة الكويت الاقتصادية، التى عقدت يناير الماضى لمناقشة كيفية المصالحة بين الدول "الموالية للغرب والموالية لإيران"، وما تلاها من قمة مصغرة بالرياض حضرها قادة مصر وسوريا والكويت، والتى تم وصفها باتجاه جديد فى العلاقات ستحاول فيه الدول الأربع خدمة المصالح العربية عن طريق التعاون.
وتوضح الدراسة، أنه على الرغم من المظاهر التى تؤكد تخفيف حدة التوتر نتيجة تلك الاجتماعات، إلا أن الخلافات العربية، خصوصاً بشأن إيران وحماس، طغت على اجتماعات التمهيد للقمة، فقد رفضت سوريا تماماً اقتراحات تغيير طبيعة علاقتها الإستراتيجية مع إيران، بل وطالبت مصر والسعودية بتبنى موقف أكثر عطفاً وإيجابية مع جماعات المقاومة، ودلل على فشل محاولات الصلح العربية بتصريحات البشير لجريدة "السفير" اللبنانية التى قلل فيها من التقدم فى ملف المصالحة، مشبهاً إياها بالطائرة التى بدأت فى الإقلاع، ولكن إذا هدأت أحد محركاتها ستنهار الطائرة تماماً.
ثم تناول المفكر الأمريكى المعروف جميع القضايا العربية التى تؤكد الخلاف المتوقع استمراره، فبدأ بتناول القضية الفلسطينية، حيث أكد أن المصالحة الفلسطينية متوقفة، مشيراً إلى أنها تعد تمثيلاً للانقسام الكبير فى العالم العربى إلى معسكر للاعتدال وآخر للممانعة أو المقاومة، حيث وصلت محادثات الفصائل الفلسطينية فى القاهرة من أجل تشكيل حكومة توافق وطنى إلى طريق مسدود، وأنه من الواضح ألا تنجح قمة الدوحة فيما فشلت فيه محادثات القاهرة.
وذكر شينكر، أنه رغم المشكلات العديدة التى تملأ الملف الفلسطينى ووجود العديد من الملفات الأخرى، إلا أنه يظل محتلاً أولوية جدول أعمال قمة الدوحة، وأنه متوقع فى ذلك الملف أن تدعم مبادرة السلام العربية لعام 2002، والضغط على الأمم المتحدة لإجراء تحقيق فى ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب خلال حملتها على غزة، وإنهاء الحصار، ومنح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة بموجب القرار 194 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأنه رغم كل هذا لا يشير جدول الأعمال إلى مسألة الوحدة الوطنية الفلسطينية بسبب وجود العديد من الملفات الشائكة وعدم وجود إجماع فى ذلك الشأن، مما جعله متوقعاً أن تظل مبادرة السلام على الطاولة بينما لن يحركوا ساكناً فى اتجاه تفعيل هذه الخطة.
وأضاف أن القمة ستشهد صعود أكبر لسوريا، فبعد بدء محادثات واشنطن معها من جديد منذ شهر تقريباً، ستحاول دمشق أن تأخذ وضعها من جديد داخل العالم العربى بعد سنوات عديدة من العزلة، مشيراً إلى أن سوريا تواجه تحديين رئيسيين فى الوقت الحالى، هما محاكمة قتلة الحريرى، حيث يشتبه ضلوع مسئولين سوريين فيها والتى بدأت بلاهاى، وتحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى الاتهامات الموجهة لسوريا بامتلاكها مرافق ومنشآت نووية فى منطقة الكبر "التى قصفها الطيران الإسرائيلى فى سبتمبر الماضى"، وأنه رغم كل مشاكلها، فإن النظام السورى يأمل أن ازدياد القبول الدولى والعربى له فى الفترة الأخيرة سيساعد فى إبعاد سوريا عن تلك المشكلات.
وأكد أن القمة ستطالب بوقف تسييس العدالة الدولية فى إشارة واضحة إلى الرئيس السودانى البشير، الذى وجهت المحكمة الجنائية الدولية 7 اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى دارفور، بما فى ذلك القتل والاغتصاب والتعذيب، وأنه يعد من الواضح جداً أن البشير وجامعة الدول العربية لن يتعاونوا مع المحكمة الجنائية الدولية.
ودلل على ذلك أنه بعد صدور مذكرة اعتقال البشير يوم 4 مارس استقبله الرئيس مبارك فى القاهرة، والقائد الليبى معمر القذافى، وأن رئيس الوزراء القطرى الشيخ حمد بن جاسم الذى أرسل الدعوة الرسمية للبشير لحضور القمة العربية تعرضت بلاده لضغوط لتتراجع عن تلك الدعوة، لكنه علق قائلاً أن قطر لم توقع على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار إلى أن عمرو موسى قال، إن جامعة الدول العربية لها موقف واضح اتجاه طلب توقيف البشير، وهو رفضه تماماً، وأن التهم الموجهة من المحكمة الجنائية الدولية تعد خرقاً غير قانونى للسيادة السودانية.
يذكر أن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى هو مركز دراسات معروف بموالاته لإسرائيل، ويعد من أبرز أعضاء مجلس مستشاريه هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق.
