على مدار 30 عاماَ التزمت مصر التزاماً كاملاً بتنفيذ بنود معاهدة السلام الإسرائيلية، ولم تحاول إنهاء العمل بها من طرف واحد، رغم الضغوط الداخلية ورفض التيارات القومية والناصرية والإسلامية للمعاهدة، ومطالبة عدد من نواب البرلمان بإسقاطها، فى الوقت الذى يقوم فيه الجانب الإسرائيلى بالعديد من الاستفزازات، خاصة من قبل اليمين المتطرف، وهى الاستفزازات التى تهدد عملية السلام، ورغم ذلك لم تقم مصر بمجرد الدعوة لتغيير المعاهدة أو نقض بنودها، فكيف نجحت الإدارة المصرية فى ذلك؟
المعاهدة الاستقرار السياسى للمصريين
الدكتور سمير غطاس مدير مركز المقدس للدراسات الفلسطينية، يرى أن معاهدة السلام حققت الاستقرار السياسى للمصريين، والذى مكن الحكومة من إعادة تصحيح كثير من الأوضاع الاقتصادية والسياسية، لأنه لم يكن من الممكن أن يحدث تطور سياسى أو اقتصادى إذا كانت مصر فى حالة حرب، فالاتفاقية حققت للجانبين الحد الأدنى مما يطلبه كل طرف، وهو ما يؤكده السفير محمد بسيونى سفير مصر السابق بإسرائيل، حيث يرى أن المعاهدة حققت الكثير من المكاسب بالنسبة لمصر، أولها إنهاء الاحتلال الإسرائيلى واستعادة سيناء وحقول البترول، ويشدد على أن مصر لو كانت فى حالة الحرب حتى الآن لكان نسبة 35 و50% من إنتاج مصر مخصص للدفاع عنها، ولم تكن الاستثمارات ازدهرت فى مصر.
يرى الدكتور غطاس أنه ليست ضغوط داخلية، كل ما فى الأمر أن الضغوط الداخلية التى واجهتها الاتفاقية على فترات زمنية متقطعة لم تدفع إلى تحرك شعبى للمطالبة بمراجعة الاتفاقية، ويضيف أن تلك الاختلافات الداخلية حول الاتفاقية تتعلق بسيادة مصر على المناطق التى يمنع تواجد الجيش المصرى عليها، فهناك سيادة مقيدة، ولكن هناك الكثير من الاتفاقيات الدولية التى يوجد عليها قيود، ويمكن باستخدام الأسلحة المتطورة أن تحمى مصر حدودها.
ويشير غطاس إلى أن كل من انتقدوا كامب دايفيد يدعون الآن إلى إعادة إنتاج الاتفاقية، وسوريا تحديداً كانت قد تخلت عن المشاركة باتفاق كامب دايفيد، ولكن بعد 30 عاما تحاول سوريا الحصول على نفس الاتفاقية بنفس الشروط، وتطلب مشاركة مباشرة من الولايات المتحدة، وهؤلاء الذين رفضوا الاتفاقية لم يقدموا بديلاً عنها، ومن حق مصر أن تسعى إلى تحسين شروط الاتفاقية إذا رأت أن هذا مهم وضرورة لأمنها القومى.
سؤال بديل
الدكتور أيمن عبد الوهاب رئيس تحرير التقرير الاستراتيجى، يقول إن هناك سؤالاً بديلاً عن كيفية نجاح مصر فى الالتزام بالاتفاقية، حيث يقول إن السؤال الأساسى لماذا حافظت مصر على الاتفاقية، ويرد الدكتور عبد الوهاب قائلاً لأن القيادة السياسية ترى أنه ليس من مصلحتها الدخول فى معركة أو حرب مع إسرائيل، وأن التنمية الاقتصادية لا تتحقق فى ظل الحروب، هناك سلبيات بالاتفاقية ولكن العائد من توقيعها أكبر من سلبياتها، ويجب معرفة إذا ما كانت مصر تستطيع تحمل تكلفة إلغاء الاتفاقية، ولابد وقتها من توفير بديل لها، لأن التوازنات الدولية الآن لا تعطى قرارات الحرب لجهة وحدها بسبب تغير موازين القوى وطبيعة الدور الإقليمى والدولى الذى تلعبه مصر، والتشابكات بالمنطقة تقول إنه لا داعٍ لدخول المنطقة فى دوامة توتر جديدة.
"الجانب الإسرائيلى يرى أننا فى مرحلة سلام بارد معهم" هكذا يقول الدكتور غطاس، مضيفاً أن هذا أفضل من الحرب بالنسبة للجانبين، ولذلك الاتفاقية صامدة على الجانب المصرى والإسرائيلى، بينما يقول السفير محمد بسيونى إننا أوضحنا لإسرائيل أن تلك المعاهدة خطوة لتحقيق السلام الشامل، ومصر وإسرائيل ملتزمان بالمعاهدة، وإن كانت هناك بعض الممارسات لإسرائيل مثل احتلال الجولان، ومع ذلك نسعى لتحقيق السلام الشامل والعلاقات المصرية الإسرائيلية تتأثر بالسلب أو الإيجاب بمدى التقدم للمسيرة السلمية فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
ويؤكد أيمن عبد الوهاب أن أى اتفاقية يتم التوقيع عليها تعبر عن رؤية النظام وكيفية تحقيق مصالحها، ورؤية النظام المصرى لتلك المصالح لم تتغير حتى الآن، بالإضافة إلى أن حجم المعارضة لا يمثل قوة يمكنها إحداث أى تغيير، والبرلمان الذى يمثل الأغلبية به الحزب الوطنى الذى قام بتوقيع الاتفاقية هو الوحيد الذى يستطيع إحداث تغيير.
معاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل
كيف نجحت الإدارة المصرية فى الالتزام بمعاهدة السلام رغم ضغوط الداخل واستفزازات إسرائيل؟
السبت، 28 مارس 2009 06:58 م
على مدار 30 عاماً التزمت مصر التزاماً كاملاً بتنفيذ بنود معاهدة السلام الإسرائيلية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة