◄مكتب الإرشاد يعلم أن الحوار المباشر مع واشنطن خط أحمر مصرى..ومرفوض من اليمين الأمريكى
العلاقة بين أمريكا وجماعة الإخوان المسلمين وأمريكا مليئة بالغموض، والجانب المعلن فيها غير الخفى. الإخوان من جانبهم كثيرا ما انتقدوا أمريكا والخارجية الأمريكية بعد أحداث سبتمبر وضعت التنظيم الدولى للجماعة ضمن التنظيمات الإرهابية وجمدت أمواله فى البنوك السويسرية.
ولكن السياسة لا تعترف بالمسميات، ولهذا كثيرا ما تصدر إشارات عن مقدمات لحوار بين الجماعة والأمريكان. وهو ما تجدد مع وجود إدارة أمريكية جديدة على رأسها باراك أوباما الذى أعلن أنه يسعى لفتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامى، وهو ما فسره اليمين الأمريكى بأنه سينتهى إلى «احتضان» الشريعة الإسلامية، وتبنى أفكار جماعة الإخوان.
كما كتب فرانك جافنى، رئيس مركز السياسات الأمنية إحدى أهم مؤسسات تيار المحافظين الجدد..ومع اعتبار اتهامات الجمهوريين جزءا من الحرب مع إدارة أوباما الديمقراطية. فإن هناك خيوطا يبدو أنها لفتت نظر الأجهزة المصرية لأنها تمثل أطراف خيوط وسيناريوهات الحوار المحتملة بين إدارة أوباما وجماعة الإخوان، أولها أن أول زيارة سيقوم بها الرئيس الأمريكى للشرق الأوسط ستكون لتركيا تحت رئاسة حزب العدالة والتنمية الإسلامى.
كما أن تركيا كانت مقرا لاجتماع عقد فى فبراير الماضى للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان حضره ممثلون من كل دول العالم من بينهم اثنان من مكتب الإرشاد فى مصر وهما سعد الكتاتنى مسئول كتلة الإخوان فى البرلمان، والنائب البرلمانى سعد الحسينى مسئول الاتصال الخارجى بالجماعة.
ولم يكن اختيار تركيا مقرا للاجتماع مصادفة لكنه جاء فى سياق نشاط تركى ملحوظ على المستوى الإقليمى، وانفتاح على دول وأنظمة، فضلا عن تقارب أنقرة مع حركة حماس، المعروفة بأنها جناح الإخوان فى فلسطين. وبالتالى تدرك جماعة الإخوان أنها تستفيد من وجود حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان على رأس الحكم فى تركيا وعلى الرغم من أنه لا يمثل الإخوان الأقرب لحزب السعادة فإن خلفيته الإسلامية تخلق مساحة تقارب مع الجماعة. كل هذه الخيوط تطرح إمكانية أن تقوم تركيا بدور المقر السرى أو المعبر سواء لعمل التنظيم الدولى بحرية. أو لفتح الحوار مع الأمريكان.
وبجانب التنظيم الدولى للجماعة هناك اتحاد المنظمات الطلابية، ورابطة طلاب الجامعات العالمية التى تدار بشكل رئيسى فى أوروبا، ونشاطها الأهم فى أمريكا ودول جنوب شرق آسيا. ويدرك الإخوان أن تنمية التنظيم الدولى تساعد فى اتساع حركتها بعيدا عن الضغوط المحلية. ولهذا تسعى الجماعة لتدعيمه، خاصة فى المناطق التى فيها تلامس مع أمريكا مثل الصومال. وهناك أيضا تنظيم الجماعة الإسلامية التابع للإخوان فى أندونيسيا الذى سوف يخوض الانتخابات التى ستجرى فى أبريل المقبل من خلال حزب العدالة والرفاهية الذى يرأسه الدكتور محمد هدايت نور رئيس مجلس الشورى الشعبى الإندونيسى. ويدعم الإخوان تحالف حزب العدالة والرفاهية مع الأحزاب الإسلامية الثلاثة الأخرى «نهضة الشعب والتنمية المتحد والتفويض القومى» أملا فى الحصول على غالبية مقاعد البرلمان حتى يتمكنوا من السيطرة على الحكم فى البلد الذى عاش فيه باراك حسين أوباما جزءا من حياته مع زوج والدته، كما أنها تعد أكبر بلد إسلامى فى عدد السكان ومن هنا يصبح التحاور مع الإخوان أو التنظيم الدولى للجماعة أمرا واقعا لأى إدارة أمريكية إذا أرادت أن تتفاهم مع العالم الإسلامى كما يهدف الإخوان.
ومع وجود هذه الشواهد فإن الإخوان أنفسهم لا يبدون تفاؤلا بفكرة الحوار مع أمريكا على اعتبار ما، مرتبط بسياسات إدارة هو جزء منها وليس المتحكم فيها، ويدرك الإخوان ذلك كما يؤكد البرلمانى الإخوانى سعد الحسينى ومسئول ملف الاتصال الخارجى فى الجماعة أن أى حوار مع أى إدارة أمريكية، سيصطدم على حد قوله، بقضية محورية بالنسبة للإخوان وأمريكا وهى إسرائيل ويقول «أمريكا لن تتخلى عن دعمها المطلق لإسرائيل تحت أى إدارة وهى نقطة خلاف على طول الخط بيننا وبين أمريكا».. ولكن الحسينى يقول أيضا إن أقصى ما تتوقعه الجماعة من الأمريكان أن تصل ضغوطها على النظام المصرى لإعطاء الجماعة فرصة خوض الانتخابات بحرية كما حدث فى انتخابات 2005.. دون أن يعنى ذلك تخفيف الضغط الأمنى.
بينما استبعد د.جمال عبدالجواد مسئول وحدة الدراسات الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن يحدث تقارب إدارة أوباما مع الإخوان ويرى أن الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى لتهدئة الأوضاع مع العالم الإسلامى، ليس عن طريق التفاهم مع التنظيمات السياسية ولكن مع الأنظمة القائمة، ومن هنا فهى تريد أن تفتح صفحة جديدة مع النظام الإيرانى. ولكنها إذا فتحت حوارا مع تنظيمات مثل الإخوان فإن ذلك يؤدى إلى عدم الاستقرار، وهذا ما لا ترغب فيه الإدارة الأمريكية لأنها تدرك أن النظام المصرى يضع خطا أحمر عند التدخل فى شئونه الداخلية خاصة فيما يخص ملف الجماعات الإسلامية.
ولكن كلام عبدالجواد لا يمنع إمكانية التقارب بين الإخوان وأمريكا، خاصة أن هناك محاولات تمت فى السابق كان أبرزها الدور الذى لعبه الإخوان فى الحوار مع الثورة الإيرانية عن طريق عمر التلمسانى لحل أزمة الرهائن فى السفارة الأمريكية عقب ثورة الخمينى، كما أن عدة حوارات جمعت بين الأمريكان والإخوان فى التسعينيات. وفى عام 2002 سعى د. سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون أن ينظم حوارا بين دبلوماسيين أمريكان والإخوان، عقب اللقاء الذى تم بين عدد من قيادات الإخوان ودبلوماسيين أوربيين. ولكن الحوار لم يتم بسبب تسريب معلومات عن الحوار ليتم القبض على عدد من أساتذة الجامعة التابعين للإخوان وإحالتهم للمحاكمة.
ومن هنا أدرك الإخوان أن أى حوار من داخل مصر بين الإخوان وأمريكا ستكون عواقبه غير محمودة. خاصة إن كان الحوار يتم عبر وسطاء مثل سعد الدين إبراهيم لأن ذلك ممكن أن يؤدى إلى خسارة الإخوان التعاطف الداخلى فى مصر.
لمعلوماتك...
◄1923 تحول تركيا إلى العلمانية
◄2007 وصول أردوغان إلى السلطة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة