اعتبرت مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية أن قرار مهدى عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين بترك منصبه وعدم الترشح مرة أخرى لقيادة الجماعة فى غضون أشهر قليلة "أمر مهم للغاية ولحظة فارقة فى التاريخ"، معتبرة أن التغيير فى القيادة ينطوى على آثار واسعة النطاق للحركات الإسلامية المعتدلة فى جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ثم طرحت المجلة فى تقريرها الذى حمل عنوان (المرشد الأعلى القادم لجماعة الإخوان المسلمين)، مجموعة من التساؤلات التى اعتبرتها ذات صبغة ملحة نتيجة لهذا القرار المفاجئ الذى اتخذه عاكف، قالت فيه: هل سيتم استبداله بشخص إصلاحى ذو توجه سياسى أو بشخص معتدل ذو توجه دينى؟، وهل سيتم استبداله بشخص مصرى أم بشخصية غير مصرية من حركة الإخوان العالمية؟، وهل سيتمكن خليفته من استرداد حالة العداء الشديد التى كان يكنها عاكف للروح الجهادية الخاصة بتنظيم القاعدة، وكذلك التعهد بالمشاركة فى العملية السياسية؟ ثم عادت لمجلة لتؤكد أن عاكف، الذى تولى هذا المنصب فى عام 2004، كان دائما من نوعية الشخصيات الغامضة، التى كانت تميل خطاباته العامة للهوادة بنبرة من التشدد تجاه إسرائيل والولايات المتحدة ومعظم القضايا العامة. وقد سبق له أن أشعل مرارا وتكرارا موجات من الجدل بسبب انتقاداته اللاذعة، مانحا الضوء الأخضر لمن أطلقت المجلة عليهم "بلطجيو الإخوان المسلمين" الساعين لإظهار الوجه الراديكالى الحقيقى للحركة.
وقالت المجلة إن عاكف تولى فى الوقت ذاته مكتب المرشد الأعلى الذى يهيمن عليه "إصلاحيون براجماتيون" ذوو توجهات سياسية، وقد نجحوا فى رسم طريق صعب لكنه مؤثر إلى حد ما من خلال الاضطرابات السياسية فى مصر. وتحت رئاسة مهدى عاكف، شاركت جماعة الإخوان المسلمين فى الانتخابات البرلمانية التى شهدتها مصر عام 2005، ومنذ ذلك العام وهى ملتزمة بالعملية الديمقراطية على الرغم من القمع المكثف الذى يمارسه النظام، بالإضافة للاستفزازات المتكررة التى تشتمل على موجة من الاعتقالات واسعة النطاق لأعضائها، والحظر التام لمرشحيها من المشاركة فى انتخابات المحليات والانتخابات البرلمانية.
كما أضافت المجلة أن الفترة التى تولى فيها عاكف قيادة الجماعة، شهدت ظهور جيل جديد من المدونين وأعضاء الجماعة الإصلاحيين الشبان وتحت رئاسته، باتت تقوم الجماعة بإدانة هجمات القاعدة الإرهابية فى كل مكان بصورة سريعة وبشكل متواصل. كما أشارت إلى أنه وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، تعرضت الجماعة لضغوط شديدة بالفعل من جانب النظام المصرى – التى تم تفسير معظمها على أنها عقوبة على مشاركتها الناجحة للغاية فى الانتخابات الديمقراطية. كما تعرض عدد من كبار قادة الجماعة للاعتقال والمحاكمة فى محاكم أمن دولة، والذى من بينهم القيادى البارز خيرت الشاطر الذى لا يزال محتجزا حتى الآن.
فيما أكدت المجلة أن مراقبى جماعة الإخوان المسلمين يحاولون خلال هذه الأثناء الحكم على الاتجاهات الداخلية فى الجماعة فى ظل هذه الضغوطات: هل تضعف الحملات القمعية من عزيمة البراجماتيين، التى أدت مساندتهم للمشاركة الديمقراطية إلى عرض عدد قليل من المكافآت؟ - هل هناك اتجاه "سلفى" ناشئ بداخل الحركة، التى تفضل الابتعاد عن السياسة والتركيز على الدعوة والدين والخدمات الاجتماعية؟ - وهذا ما سيجعل انتخاب مرشد أعلى جديد للجماعة، أمرا ً غاية فى الأهمية. وقالت المجلة أن اختيار قائد إصلاحى مثل عبد المنعم أبو الفتوح أو عصام العريان، سوف يكون علامة قوية على الالتزام باللعبة الديمقراطية والنظام الديمقراطى. أما انتخاب قائد معتدل يميل للتركيز على الدعوة، فإنه سيكون علامة على الإحباط من السياسة، وستبدو الجماعة بصورة أكثر تقوقعية – وقد تدفع بصورة كبيرة بالاتجاهات الإصلاحية الموجودة بداخل الحركة للابتعاد عن الإحباط.
قالت إن القرار ينطوى على آثار واسعة النطاق ويثير تساؤلات مهمة..
"فورين بوليسى" الأمريكية: تنحى عاكف لحظة تاريخية
الجمعة، 27 مارس 2009 03:05 م
الصحافة الأمريكية تثنى على خطوة تنحى عاكف
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة