باسم صادق يكتب..

سهرة عائلية جدا بصحبة درية شرف الدين

الجمعة، 27 مارس 2009 10:59 ص
سهرة عائلية جدا بصحبة درية شرف الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما كنت صغيرا، عمرى لا يتجاوز عشرة أعوام، كانت تجتمع أسرتنا الصغيرة – المكونة من أب وأم وطفلين- مساء كل يوم سبت أمام القناة الأولى لمشاهدة برنامج يعرض أفلاما سينمائية يسبقها ويليها مناقشات جادة مع أناس بالكاد أعرفهم.. لم أكن أعرف اسم البرنامج فى البداية.. كل ما كان يجذبنى لمتابعته هو مشهد من فيلم أجنبى تنتهى به تيترات المقدمة لفتاة صغيرة فى غاية البراءة ترتدى رداءً أبيض وتقف أمام بيتها وقد ربطت إحدى يديها نتيجة جرح ما، وهى تنظر يمينا وشمالا وكأنها نظرة نحو المجهول.. لا أعرف بالضبط سر انجذابى لهذا المشهد تحديدا.. أداء الفتاة التمثيلى.. اقتراب سنها من سنى وقتها.. إضاءة المشهد.. ملابسها وتكوينها الملائكى.. لا أعرف.

ولكنى كنت أنتظر هذا المشهد أسبوعيا ظنا منى أن تلك الحلقة من البرنامج ستعرض هذا الفيلم كاملا، وبالتالى أعرف قصتها، وفى كل مرة كنت أنسى المشهد تماما بمجرد أن تطل علينا الإعلامية الكبيرة د. درية شرف الدين – بأدائها المتميز الجذاب وبساطة مظهرها الذى لا يخلو من أناقة عُرفت بها على مر السنين- وتبدأ فى سرد معلوماتها عن الفيلم المعروض وسبب اختيارها له ومناقشة ضيفها أو ضيفتها فيه، ثم تأخذنى أحداث الفيلم حتى يغلبنى النوم مع تيترات نهاية البرنامج وقد انتابتنى حالة من السعادة بهذه الوجبة السينمائية.. من خلال هذا البرنامج عرفت ماذا تعنى كلمة سينما.. إضاءة.. ديكورات.. أزياء.. حركة الممثلين داخل الكادر، والأهم من كل هذا ماذا تعنى كلمة "نقد" وكيف تنقد فيلما دون أن تسب صنَّاعه أو تكتب فيهم قصائد شعر.

استفدت كثيرا من معلومات يوسف شريف رزق الله.. د. رفيق الصبان.. طارق الشناوى، وغيرهم.. استمتعت بكادرات مصطفى العقاد فى كل من "الرسالة" و"عمر المختار". لغته السينمائية الراقية.. تذوقت مرارة الرعب الحقيقى وقت أن تخيلت نفسى مكان أبطال فيلم "الفك المفترس" لاستيفن سبيلبرج.. اكتشفت أن بالسينما الفرنسية ممثل عالمى لا يعرفه الكثيرون اسمه جان بول موندو.. اليوم وبعد كل هذه السنوات اكتشفت أن تخرجى فى معهد الفنون المسرحية بقسم الدراما والنقد، وعشقى لكتابة المقالات النقدية السينمائية أو حتى المسرحية بالطبعة العربية لجريدة الأهرام لم يكن سوى بذرة زرعها فى هذا البرنامج وجنيتها أنا فيما بعد.. تحية للدكتورة درية شرف الدين وباقة حب لا تذبل لبرنامج إذا كان قد توقف عرضه فإنه سيظل فى الوجدان، وعزاؤنا الوحيد أن صانعته مازالت قادرة على إمتاعنا بما هو أفضل منه.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة