لا يتعلم الفلسطينيون الدرس أبدا، دروس التاريخ والواقع.. والواقع السيئ هو ما انتهت إليه حوارات القاهرة فى الأسبوع الماضى والتى من المقرر أن تستأنف خلال ساعات قليلة على الأرجح. فالانقسام ولا شىء غيره هو ما خلفته اجتماعات الفصائل التى استغرقت ثمانية أيام اضطرت مصر لتمديدها إلى عشرة، لكن دون جدوى.. فالفلسطينيون هم الفلسطينيون.
وإذا كان الفلسطينيون عاجزين هكذا عن الاتفاق فيما بينهم، فما البال وهناك حكومة يمينية متطرفة على الأبواب الإسرائيلية؟
إسرائيل. ذرائعها لا تنتهى، للتنصل من الاستحقاقات الفلسطينية وتقول أنها لا تجد من تفاوضه كشريك فى عملية السلام. أو على نحو ما قال سابقا السياسى الإسرائيلى الداهية شيمون بيريز الرئيس الحالى: رقصة التانجو تحتاج إلى شخصين، فأين الشريك الفلسطينى؟
التشرذم أو الانقسام ليس بجديد على الفلسطينيين.. القضية الفلسطينية نفسها ما هى إلا تاريخ من الانقسامات والانكسارات والتشتت، بل الأنانية الفردية .
الدكتور مصطفى البرغوثى أمين عام المبادرة الوطنية وأحد المشاركين فى الاجتماعات اعترف بلا مواربة بالانقسامات الفلسطينية. وقال لـ«اليوم السابع»: لدينا انقسام عميق بالفعل، وليس من عامين فقط وآثاره السلبية كثيرة، وهناك اختلاف فى الآراء والرؤى بين الفصائل، وبقيت أربع قضايا بلا حل:
الأولى متعلقة بجملة واحدة فى البرنامج السياسى للحكومة الانتقالية هل احترام أو التزام للاتفاقيات التى أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل، بالإضافة إلى كلمة واحدة تتعلق بصياغة القيادة الانتقالية وهل ستكون هذه القيادة داخل أو خارج إطار المنظمة، أما الثالثة فتتعلق بتشكيلات الحكومة، والأخيرة تتعلق بكيفية معالجة انقسام الأجهزة الأمنية وما هى الآلية التى ستتبع فى ذلك.
حوارات الأيام العشرة بالقاهرة لم تكن استثناء، ولا ينتظر عند استئنافها أن تسفر عن الكثير. قد يتمكن الفلسطينيون من التوصل لحلول تلفيقية، بما يجعل إسرائيل تستهين بها وبهم.
البرغوثى، وضع يده على الجرح: الحكومة الإسرائيلية المقبلة ستكون عنصرية ومتطرفة وشرسة، تشكل خطرا على الشعب الفلسطينى والمنطقة بأسرها، لأنها حكومة تأتى ببرنامج «لا سلام», وترفض فكرة الدولة المستقلة والمفاوضات، ووزير خارجيتها المقبل أفيجدور ليبرمان، سيتولى حزبه الفاشى أهم ثلاث وزارات لها علاقة بالفلسطينيين، وزارة الاستيعاب لتهجير مزيد من الفلسطينيين، ووزراة البنية التحتية لتسريع التوسع الاستيطانى، الخارجية لإحباط أى جهد للسلام، والأمن الداخلى لتعميق القمع للفلسطينيين .
الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مركز الدراسات السياسية بالأهرام يشير من جانبه إلى أن هناك طرفين: الأول, فلسطينى لديه رغبة فى السلام. والثانى إسرائيلى من المفترض أن يلتزم به. لكن المشكلة كما يؤكد سعيد أنه لا توجد حكومة توافق وطنى فلسطينية، وهو ما يؤجل أى حديث عن الاستحقاقات الفلسطينية.
السبب الأساسى فى هذه المعضلة, كما يشير سعيد, حركة المقاومة الإسلامية حماس التى تتصلب فى مواقفها من الالتزام بالاتفاقات الموقعة، فيما هى تطالب بتنفيذها!.. من هنا نرى العالم كله يمارس ضغوطا عليها لتليين مواقفها.
فى مواجهة تلك الضغوط، تتحرك مصر دون جدوى تقريبا. فقد زار الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العاصمة الأمريكية واشنطن فى الأسبوع الماضى، بينما ذهب أحمد أبوالغيط وزير الخارجية إلى بروكسل فى وقت متزامن لإقناع الأمريكيين والأوروبيين بشكل الحكومة الفلسطينية الجديدة وتوجهاتها. غير أن أيا منهما لم يستطع إقناع أحد هنا أو هناك بوجهة نظر حماس.
حتى فى حال التوصل إلى حل توفيقى بين الفصائل فى القاهرة يرى الدكتور سمير غطاس مدير مركز مقدس للدراسات الفلسطينية فإن إسرائيل ستسعى إلى إفشاله وعدم الاعتراف بنتائجه.
على العكس من ذلك، يؤكد الدكتور محمد عبدالسلام الخبير فى مركز دراسات الأهرام أن الخلافات بين الفلسطينيين فى القاهرة ليست جوهرية، وأن المرحلة الماضية من الاجتماعات شهدت نجاحات، ومن المبكر الحديث عن انقسامات.