ياسر أيوب

أزمة الإعلام المصرى.. من الوزارة والوزير إلى الحروب المستعارة

الجمعة، 27 مارس 2009 12:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄ لم نجد أحدا يسأل.. أو حتى يحاول أن يفهم.. ما الذى يقصده أنس الفقى حين يتحدث بصوت خافت عن قرب قيامه بإعادة تنظيم الإعلام فى مصر.. وعن إيجاد جهاز منظم لعمل الإعلام.. وعن قرار قريب بإعادة الترخيص للقنوات التى أنشئت وفق نظام المنطقة الحرة.. بل لم يتوقف أحد حتى الآن ووزير الإعلام يعلن عن وجود مسودة نهائية لمشروع قانون تنظيم البث لعرضه على مجلس الوزراء قبل إحالته إلى مجلس الشعب

◄أزعم أن أحداً من مستشارى أنس الفقى ومعاونيه لم يسبق أن التفت إلى نموذج البى بى سى وقام بدراسته سواء من باب الواجب أو حتى من باب الفضول.. وإذا كان هؤلاء المعاونون بمرتباتهم الضخمة لا تروقهم تجربة الإعلام الإنجليزية.. فمن الممكن أن يلتفتوا ولو قليلا لدراسة رائعة أعدها الصحفى الأمريكى جوكوب ويسبرج عن صناعة الأخبار وتكاليفها وتسويقها وميزانياتها

أسوأ الحروب.. هى تلك التى لا يعرف أطرافها لماذا يخوضونها أصلا.. وما هى أهدافهم التى على أساسها سيجرى تقييم نتائح هذه الحرب وحساب مكاسبها أو خسائرها.. والإعلام المصرى بات مؤخرا ساحة وميدانا لكثير من تلك الحروب التى يخوضها كثيرون جدا دون أن يتوقف أحد منهم ليسأل نفسه: لماذا هذه الحرب؟ وما هى دوافعها ومقاصدها والذى يريده منها بالضبط كل طرف من الأطراف المتحاربة؟ وأغلب الظن أن معظم الذين خاضوا تلك الحروب فى ساحة الإعلام، سواء كانوا مع أو ضد الإعلام ومؤسسات الإعلام ووزير الإعلام لم يكونوا يقصدون أيا من الذين أطلقوا عليهم قذائفهم فى الظاهر أو بنوا من أجلهم حوائط الصد والحماية.. وإنما كان الإعلام فى تلك النزاعات والحروب هو الستار الذى توارت وراءه النوايا والمقاصد الحقيقية.. فالذين هاجموا الإعلام الرسمى وانتقدوه أثناء حرب إسرائيل فى غزة.. وأطالوا حديثا وكتابة وشرحا وتفصيلا عن القصور والإخفاق الإعلامى الذى لم يكن لائقا ولا مقبولا.. اتضح فيما بعد أنهم ليسوا مشغولين أساسا بالإعلام ومهامه وواجباته دفاعا عن هذا الوطن.. وإنما كان الإعلام.. وكانت غزة.. مجرد تبرير لشن حرب أخرى غير مباشرة على جهات وهيئات وإدارات أخرى.. وتأكد أن الذين تصدوا لهذا الهجوم.. هم أيضا لم يكن الإعلام أحد شواغلهم أو قضاياهم الحقيقية، وإنما كانوا فقط يدافعون عن الوزارة والوزير.. والذين تكلموا وكتبوا وتضامنوا مع الغاضبين المطرودين من نعيم ماسبيرو.. وأبدوا استعدادا هائلا لاقتسام مشاعر المعاناة ومرارة الاضطهاد على بوابات ماسبيرو.. تبين فيما بعد أنهم كانوا يستغلون هذا الغضب لمصالح خاصة وغير معلنة، وأنهم لم يروا فى هؤلاء البسطاء الغاضبين والمعتصمين أكثر من أسلحة وأدوات لتصفية حسابات الحاضر أو المستقبل.. والذين يحاربون الآن من أجل التطوير الإعلامى تأييداً للتطوير وتبريراً له أو رفضاً وسخرية منه معظمهم غير مهموم أصلاً بالتطوير وشاشاته وفلسفته وإنما تشغلهم بالمقام الأول قضايا وحكايات أخرى.. والذين سبق أن تصدوا لقضية ومقترح ميثاق العمل الإعلامى وضوابطه كانوا فقط يدافعون عن حرية قنواتهم وبرامجهم.. وهو حق مشروع.. ولكن لم يهتم أحد منهم بالميثاق نفسه، وهل نحن فى حاجة لأى اتفاق حقيقى أو معاهدة جديدة تناسب إعلام العصر والأوان؟ والذين حاربوا اتحاد الإذاعة والتليفزيون وملكيته المطلقة لشارة البث التليفزيونى حين انفجرت أزمة حقوق بث مباريات الكرة.. وكنت واحداً منهم.. كانوا فقط يدافعون عن حقوق أندية الكرة وليسوا يفتحون ملفات قضية حقيقية كانت ولا تزال تستدعى وتستحق المراجعة والاهتمام.

وهكذا.. بات من الطبيعى جداً.. ألا يلتفت أحد أو يحفل ويهتم بالإعلام اهتماما جادا وحقيقيا.. وبات من المنطقى أن نشهد كل هذا الكلام وهذه الكتابة.. وكل هذا الصراخ والجدل عن الإعلام وغزة وعن المضربين فى أروقة الإعلام وأرصفته.. ثم لا نجد صوتا واحدا أو كلمة واحدة للسؤال أو حتى لمحاولة فهم ما الذى كان يقصده أو يريده أنس الفقى بالضبط حين تحدث مؤخرا بصوت خافت.. وبسرعة.. وبدون أى تدقيق أو استطراد كاف ولائق.. عن قرب قيامه بإعادة تنظيم الإعلام فى مصر.. وعن إيجاد جهاز منظم لعمل الإعلام.. وقرار قريب بإعادة الترخيص للقنوات التى أنشئت وفق نظام المنطقة الحرة.. وعن ضرورة الفصل بين مقدم الخدمة الإعلامية وبين من يراقبها.. بل لم يتوقف أحد حتى الآن، ووزير الإعلام يعلن عن وجود مسودة نهائية لمشروع قانون تنظيم البث لعرضه على مجلس الوزراء قبل إحالته إلى مجلس الشعب.. وعلى الرغم من تأكيدات أنس الفقى أنه قانون لتنظيم صناعة الإعلام ولكنه لن يتضمن أى قيود على حرية التعبير.. فإن مجرد حديث وإشارة وزير الإعلام.. لقانون جديد لتنظيم الإعلام.. كان ولا يزال أمراً يستحق التوقف والقلق والانزعاج والتساؤل.. على الأقل من أولئك الذين كانوا حتى وقت قريب جدا.. يملأون الأفق صخبا وضجيجا عن الإعلام المصرى ودوره ورسالته ومكانته وإخفاقاته وتطويره وإنجازاته وشواغله وقضاياه.
وعلى الرغم من احترامى الشخصى لأنس الفقى وتقديرى لرغبة الرجل فى أن يدخل تاريخ وأرشيف الإعلام المصرى، ليس فقط باعتباره الوزير الأخير على الأرجح للإعلام فى مصر قبل تفكيك الوزارة لهيئات ومؤسسات وكيانات وقنوات.. وإنما لأنه يريد أن يكون المهندس الذى قام بالتغيير والتطوير وتغيير شكل وقواعد وقوانين الإعلام فى مصر.. إلا أننى لابد أن أشعر بالقلق حين يتحدث وزير الإعلام عن تنظيم الإعلام ويسكت.. فقد اعتدت من حكوماتنا ووزرائها مثل هذه العبارات التى تبدو على السطح طيبة ومقبولة ثم سرعان ما يتبين أنها تحوى فى أعماقها شرورا لا نهاية لها ولا حدود.. فكل خطيئة سابقة للحكومة الحالية أو الحكومات الكثيرة السابقة كانت تبدأ بنفس ما قاله أنس الفقى.. التنظيم.. أو التطوير.. أو التحريك.. ثم اتضح فيما بعد اختلاف معانى أى من تلك الكلمات ومدلولاتها.. فهل يريد أنس الفقى بالفعل تنظيم الإعلام فى مصر أم أنه يقود سياسة جديدة وغير معلنة لخنق الإعلام فى مصر؟ وما هو التنظيم الذى تريده الحكومة الآن وتفتش عنه وتحتاج إليه؟ بل ما هى تفاصيل ومواد هذا القانون الذى ستقره الحكومة؟ بحكم أنه قانونها ومن إعدادها ويوافق هواها ورؤيتها ومصالحها، وبالتأكيد سيقره مجلس الشعب، وتملك فيه الحكومة الأغلبية المطلقة التى تضمن الموافقة والتمرير والقبول والإقرار.

لا أحد يجيب عن مثل هذه التساؤلات.. ولكن من المؤكد أن تجربة غزة.. بكل قسوتها ومرارتها.. تبقى أحد الدوافع غير المعلنة للحكومة لتبدأ خطتها السرية لتنظيم الإعلام.. فانتقادات رئيس الحكومة للإعلام حتى إن أسىء تفسيرها أو تحليلها.. وإعلان وزير الإعلام عن تنظيم قريب وشامل للإعلام وقانون جديد سيجرى تمريره فى مجلس الشعب.. كل ذلك وثيق الصلة بالأداء الإعلامى أثناء الحرب فى غزة.. بل إن اتحاد الإذاعة والتليفزيون لم يتذكر إلا بعد أحداث غزة أنه يمتلك إدارة خاصة مهمتها متابعة القنوات الفضائية الخاصة والعامة، ومراقبة مدى التزام هذه القنوات بشروط التعاقد مع الهيئة العامة للاستثمار.. وبالفعل قرر اتحاد الإذاعة والتليفزيون تفعيل عمل هذه الإدارة لتقوم بواجبها.. وتتابع وتراقب.. وباتت هيئة الاستثمار مستعدة لأن تمارس سلطاتها مع القنوات المخالفة سواء بتوجيه إنذارات لها أو إيقاف بثها على القمر الصناعى المصرى.

وعلى قدر تفهمى لأزمة مسئولى الإعلام ووزيره بسبب ما جرى فى غزة.. واتهامات كثيرة طالت الجميع بالتقصير والعجز والإخفاق.. وما يثيره ذلك كله من توتر وانفعال واضطراب يطال الفكر والتصور والتخطيط والقرار.. إلا أننى كنت ولا أزال أتمنى أن يلتفت أنس الفقى لتجربة البى بى سى البريطانية.. ففى عام 2003.. رأت الحكومة البريطانية أن تشارك الولايات المتحدة الأمريكية فى الحرب على العراق.. وفوجئت الحكومة البريطانية بأن أهلها ليسوا مقتنعين بما قررته حكومته.. فوجئت أكثر بأن البريطانيين استسلموا.. وسايروا.. واستمتعوا.. واقتنعوا بما يردده الإعلام الأمريكى غير المكترث بإبداء التقدير الكافى لبريطانيا كشريك وليست كتابع للولايات المتحدة.. والإعلام الأوروبى الرافض والساخر من الموقف البريطانى.. وتخيلت الحكومة البريطانية أنها تملك الردود على أى اتهام أو شكوك تطال سياساتها وقراراتها.. والأهم من ذلك أنها تملك الوسيلة التى تصل بهذه الردود للعالم كله.. إلا أنها فوجئت بأن البى بى سى.. أو هيئة الإذاعة البريطانية.. لم تكن على قدر الرهان أو الأمل أو الثقة.. فلم تنجح فى أداء مهمتها ولم تكن حاضرة وقت أن احتاجت إليها الحكومة التى تنفق عليها الكثير جداً من المال، وتمنحها الكثير جدا من الحماية والخصوصية.. فكان قرار الحكومة إعادة هيكلة البى بى سى.. وتطويرها.. والبحث عن كل السبل المتاحة من أجل أن يبقى للحكومة البريطانية.. ولبريطانيا كلها.. صوت يصل للناس فى بيوتهم ويجوب أنحاء العالم وزواياه حاملا الرؤية والتفاسير والشروح لأى قرار أو فعل بريطانى.

وهذا بالضبط - من حيث الشكل- ما قامت به الحكومة المصرية مع ماسبيرو الذى هو البى بى سى ولكن على الطريقة المصرية.. فالحكومة المصرية.. تماما مثل البريطانية.. اكتشفت وقت الأزمة أنها أنفقت الكثير من المال والرعاية لترعى شاشة وميكروفونا تدخرهما لأوقات الحاجة والشدة.. فجاءت الحاجة والشدة ولكن لم تكن الشاشة حاضرة ولا كان الميكروفون مسموعا.. إلا أن الفارق يبقى هو رؤية الحكومة المصرية للتطوير ولعلاج هذا القصور، الذى اختصره وزير الإعلام بقانون جديد وبقواعد جديدة وصارمة قد تسفر عن إغلاق قنوات وطردها من حزمة القمر المصرى واتهامها بقلة الأدب السياسى أو بالخروج الفادح والفاضح على النص.. مع تطوير شكلى للشاشتين الرئيسيتين.. أولى وثانية.. وقد تعقبهما شاشة الفضائية.

وأنا لا أسبق الأحداث حين أؤكد أنه تطوير شكلى.. وإنما أستند إلى حديث لوزير الإعلام نفسه قال فيه إنه بنهاية العام الحالى ستتم إعادة إطلاق قناة النيل للأخبار.. وأكد الوزير أن تطوير قناة النيل للأخبار وإعادة إطلاقها بشكل ومضمون ومسمى جديد هو هدف أساسى يحظى بدعم سياسى من أجل أن تنجح فى مثل هذا التحدى.. وشرح أنس الفقى بعض خواطره وأفكاره وأن الشركات الوطنية الكبرى فى قطاعات البترول والتأمين يمكنها أن تسهم فى رعاية البرامج المتميزة بهذه القناة، على الرغم من أن هذه القناة قد لا تكون استثمارا رابحا فى النهاية لكل من يسهم فيها.. فإن الوزير أفصح أخيرا عن الرقم الذى يحتاجه لمثل هذه القناة.. وأشار إلى أن إطلاقها يحتاج لثلاثمائة وستين مليون دولار.. أى قرابة الألفى مليون جنيه مصرى.. وبحسبة بسيطة.. نجد أن القناة التى يريدها أنس الفقى.. تساوى كل دخل التليفزيون المصرى من الإعلانات لمدة خمس سنوات كاملة وفقا لحجم إعلانات العام الماضى والتى بلغت أربعمائة وخمسين مليون جنيه.. وهو بالتأكيد أمر يفوق الطاقة والاحتمال.. ويدفعنى ذلك للتأكيد على أننا بصدد تطوير شكلى.. وتغيير فى الأسماء واللوجوهات والمواعيد.. لكن دون أى تغيير جذرى وحقيقى.. سواء نتيجة نقص التمويل اللازم لتأسيس إعلام حقيقى جديد ومختلف.. أو لعدم اقتناع كثيرين حول الوزير بجدوى وضرورة هذا التغيير.. وإذا كانت هيئة البى بى سى قد نجحت فى التغلب على أزمة التمويل برسوم المشتركين فى خدماتها وعبر إنتاج متميز يسهل بيعه وبتخفيض مؤلم فى العمالة أسفر عن إنهاء تعاقدات آلاف الموظفين.. فإننى لا أجرؤ أن أطالب أنس الفقى بذلك.. وأغلب الظن أننى سأهاجمه مع كثيرين غيرى لو بدأ مجرد التفكير فى الاستغناء عن العمالة الزائدة وسط خمسة وأربعين ألف موظف فى ماسبيرو.. فأنا بالتأكيد ضد أن تدفع بيوت آمنة ومستقرة ثمن أى تغيير أو تطوير وثمن أخطاء كل المسئولين السابقين لا أستثنى منهم أحدا.. وسأرفض أيضا تشفير خدمات التليفزيون المصرى أو حتى تلك القناة الإخبارية الجديدة.. وسأرفض أيضا أن تتنازل الدولة فجأة عن مليارى جنيه مرة واحدة ليضيف التليفزيون المصرى إلى رصيده قناة إخبارية جديدة قد تنجح أو لا تنجح.. وأؤكد لأنس الفقى أنه لن يجد شركة واحدة ستشاركه طائعة فى مثل هذه الاستثمارات الضخمة والكل يرى الأداء التليفزيونى فى معظمه مرتبكا وحائرا وخائفا يفتقد السبق والمغامرة والابتكار والخيال.. ولكن بالتأكيد هناك حلول بديلة وحقيقية لكل ذلك.. وبنفس منهج البى بى سى الذى أزعم أن أحدا من مستشارى أنس الفقى ومعاونيه لم يسبق أن التفت إليه وقام بدراسته سواء من باب الواجب أو حتى من باب الفضول.. وإذا كان هؤلاء المعاونون بمرتباتهم الضخمة لا تروقهم تجربة الإعلام الإنجليزية.. فمن الممكن أن يلتفتوا ولو قليلا لدراسة رائعة أعدها الصحفى الأمريكى جوكوب ويسبرج عن صناعة الأخبار وتكاليفها وتسويقها وميزانياتها.. فلم يعد فى العالم مقبولا أن يصبح منطقك الوحيد أو دفاعك الوحيد عن كل ما يصيبك من جمود وتراخٍ وتراجع هو قلة الإمكانات.. فالصحافة الأمريكية فى أزمة مالية خانقة.. ومعظم محطات الأخبار فى الولايات المتحدة وأوروبا تشكو نقص الدعم والتمويل.. لكن أحدا منهم لا يستسلم ولا يقف فى مكانه عاجزا ومستسلما.. الكل يحاول.. الكل يجرى.. وحتى الإعلام الحكومى الأوروبى بات يعرف أنه أصبح مطالبا بالاعتماد على نفسه تماما ومطالبا أكثر بتطوير حقيقى يلاحق العصر ومتطلباته، ويقدر على تفهم احتياجات الناس، وضرورة جذب اهتمامهم فى عصر سماوات مفتوحة وبلا حدود أو فواصل أو حواجز.

وحتى لا أقع فى نفس الخطأ الذى وقع فيه كثيرون قبلى.. فلابد من تأكيد أن كلمة إعلام لا تعنى فقط ماسبيرو بقنواته ومسئوليه.. وإنما تعنى سائر القنوات المصرية الأخرى حتى إن لم تكن تملكها أو تديرها أو تتدخل فى شئونها الحكومة.. فإلى جانب ماسبيرو.. هناك دريم.. والمحور.. والحياة.. و أو تى فى.. وهناك قنوات السينما والدراما التليفزيونية والغناء مثل ميلودى وبانوراما دراما وغيرهما.. وهناك قنوات تحت التأسيس أو قيد الفكر والأحلام.. وإذا كنت قد كتبت من قبل منتقدا ظاهرة محيرة تعيشها الصحافة المصرية التى تشهد فى كل أسبوع أو كل شهر إصدارا صحفيا جديدا بينما العالم يشهد بنفس المعدل إغلاق صحف قائمة كل يوم أو كل سنة.. فأنا الآن بنفس المنطق أتضامن مع كل قناة تليفزيونية جديدة فى مصر.. لأن التليفزيون هو المستقبل.. وقناة المصرى اليوم هى التى ستبقى وتعيش وليست صحيفة «المصرى اليوم».. وقناة الشروق سيأتيها اليوم الذى تصبح فيه هى القاعدة والأساس وليست صحيفة «الشروق».. و«اليوم السابع» قد تكون ثورتها الحقيقية فى قيادة الصحافة الرقمية بمفاهيم جديدة ومغايرة لكل قواعد وحسابات صحافة الورق.. وأرجو أن تكون القناة التليفزيونية الجديدة التى تحدث عنها بشكل خاطف رئيس مجلس إدارة الأهرام.. مشروعاً جاداً وحقيقياً وليس رد فعل لقرارات متسرعة بقمع صحفيى الأهرام وحبسهم داخل مكاتب ودواليب مؤسسة لم يعد فيها مكان أو براح أو فرصة لمعظم من يعملون بها.

وكل تلك القنوات القائمة.. وكل هذه القنوات الجديدة قريبا جداً، سواء التى تفكر فيها الصحف القائمة.. أو يسعى وراءها رجال أعمال تأكدوا أن امتلاك المال وحده ليس كافيا فى زمن يحكمه الإعلام وتقوده الصورة وانطباعاتها، فى انتظار لحظة التحول التاريخية.. يجعلنى أعود من جديد لأنس الفقى ليتعامل مع هذه الحرب بمنطق رجل الأعمال وليس الوزير.. وألا يكون توسعه عرضيا بمعنى عدد القنوات وكثرتها من قنوات محلية إلى قنوات متخصصة إلى قنوات إخبارية إلى قنوات عامة لتصبح كلها فى النهاية حزمة كثيفة العدد لكن لا يحفل بها ولا يحتاجها أى أحد.. وإنما يحتاج أنس الفقى للتطوير الأفقى أو لتطوير المفهوم والرسالة.. فلم يعد العالم اليوم يحترم الذى يمتلك ألف قناة ليست ناجحة ولا يراها الناس.. بعكس الذى يمتلك قناة واحدة.. أو برنامجاً واحداً يشاهده ويتابعه معظم الناس.. وقد فوجئت بمسئولين فى ماسبيرو يسخرون من دريم والمحور باعتبارهما قنوات البرنامج الواحد.. فدريم تم تلخيصها فى العاشرة مساءً.. والمحور تقلصت لتصبح الـ تسعين دقيقة.. ومع أن ذلك ليس صحيحاً على الإطلاق.. فإنه بنفس المنطق ما كان ينبغى لمسئولى ماسبيرو أن يسخروا من ذلك وهم يملكون القناة الثانية التى لم تعد إلا البيت بيتك وقناة النيل للرياضة التى لم تعد إلا مجرد استاد النيل فقط.. وياليتهم حتى امتلكوا مثل هذه البرامج الواحدة الناجحة فى النيل لايف أو بقية الأسماء الغريبة التى حتى لم تحفظها ألسنة الناس فى الشوارع والبيوت.

لمعلوماتك...
38 ألف إعلامى وفنى وعامل داخل ماسبيرو
2005 تولى أنس الفقى وزارة الإعلام خلفا للبلتاجى






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة