الأخت الفاضلة نانسى عجرم أتحفتنا منذ فترة ليست بالبعيدة بأغنيتها العريقة والتى تستميل بها قلب المصريين كعادة المطربين والمطربات العرب الذين يسعون وراء شعبية هذا الشعب العاطفى جدا، وتطربنا المدام الدلوعة متسائلة "لو قالولك أنت مصرى ..قلت أيه؟" وقدمت لنا الإجابة داخل الأغنية ونصحت كل مصرى بأن يعلنها عالية مدوية أنه مصرى وابن مصرى وأوعى يهمه حاجة لأنه مثال للفخر والشجاعة وأنه أحسن واحد فى الدنيا.
وأنا أتساءل.. لماذا المصرى هو الشخص الوحيد على سطح الكرة الأرضية والذى بمجرد رؤيتك له تعرف أنه مصرى.. وكأن مصريتك مكتوبة على جبينك..فهل وضعت لنا الحكومات المتعاقبة على حكمنا وعقابنا أيضا بعض الجينات الوراثية فى أرغفة العيش ذات الوجه الشاحب العبوس التى نتعاطاها يوميا لتحافظ على التفوق النوعى لهذا الشعب العريق؟ أم أن مياه المجارى الطافحة فى شوارعنا والتى تغتال بضعة أنفاس نظيفة لم تزل زائراً غريباً على أنوفنا قد ميزتنا دون سائر الأمم؟ أم أن احتلالنا المرتبة العالمية الأولى وحصولنا على كأس الأمم المتحدة فى التلوث قد جعل من وجوهنا الحاملة لزبالة الأرض والفضاء ماركة مسجلة؟
كنا دائما نفتخر ونتباهى أمام العالم بأننا نحن معشر المصريين أهم ما يميزنا هو "سمار" بشرتنا لأن الشمس عندنا ربيع طول السنة على رأى فرقة رضا، ونخرج لساننا لأهالى الإسكيمو وسكان القطب الشمالى، إلا أن آخر الدراسات تؤكد أن "سمار" لوننا ليس بسبب الشمس وإنما سببه مواقفنا المخجلة والانهيار الاجتماعى والاقتصادى الذى سود وجوهنا أمام العالم.
واسمحوا لى أن أجاوب على سؤال الست نانسى عن جنسيتك أو مصريتك..فلو ذهبت إلى أى بلد فى العالم ولم يتعرفوا عليك منذ الوهلة الأولى – وهذا مستبعد – وسألوك أنت منين؟ جاوب وبكل ثقة أنك من بلد العبارة.. من بلد "السلامين".. السلام 79 فى كامب ديفيد والسلام 98 فى البحر الأحمر.. من بلد حمادة عزو وعرشه الحديدى اللى مش لاقى حد يهزه.. من البلد اللى شبكة القانون فيها لا تصطاد إلا السمك الصغير أما السمك الكبير فيمزق الشباك.. من بلد أنفلونزا الطيور.. من بلد الثانوية الغامة.. من بلد البطالة والعطالة.. من البلد اللى السكر فيها بقى غالى فى سعره وعلاجه.. من البلد اللى الفتوى فيها بقت فتة.. من بلد السكس كليب والقناة الأولى والبيت اللى عمره ما حيكون بيتك.. من بلد التكفين الصحى.. من البلد اللى الكبار فيها أكلين كافيار.. راكبين جاجوار.. متجوزين ميار.. والغلابة فى الباى باى دفعوا تمن راحة الكبار فى البحر على بعد مئات الأمتار.
وهنا سيرد عليك من سألوك عن جنسيتك بكل قوة وحماس.. يبقى أنت أكيد المصرى.
