جاء النظام الجديد للثانوية العامة، كاللغز الذى يحتاج إلى فك شفراته، هكذا أجمع كل من حضروا إعلان الدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم أمس الأربعاء، داخل نقابة الصحفيين عن ملامح النظام الجديد.
فبرغم أن الوزير قال إنه تعمد عرض "مشروع الثانوية الجديدة" أولا على محررى التعليم بالصحف، لأنهم الأقدر - على حد تعبيره – على إيضاحه للرأى العام، إلا أن الغموض ظل مستمرا، لدرجة دفعت نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد إلى توجيه تساؤله ليسرى الجمل، "وهل أنتم مستعدون لإدخال هذه التغييرات الجذرية على نظام اعتاد عليه المصريون لسنوات؟"، هنا أدرك الوزير أن كلامه لم يصل بعد للأذهان، فأخذ يستفيض فى شرح مشروعه الجديد.
أولى مفاجآت النظام الجديد التى أطلقها الجمل كانت عودة الثانوية العامة لنظام السنة الواحدة، بهدف القضاء على أمرين حددهما الوزير فى: الدروس الخصوصية، وتخفيف الضغط العصبى والنفسى على طلاب المرحلة الثانوية وأسرهم.
"ليست سنة واحدة فقط وإنما هى مقسمة أيضا على مرحلتين"، هكذا حاول الجمل إيضاح نظامه الجديد، فالمرحلة الأولى بها امتحان يسمى "إتمام المرحلة الثانوية"، وتتكون من 4 مواد أطلق الجمل عليها اسم "الجذع المشترك"، يدرسها كل الطلاب بجميع شعبهم، وهى مواد اللغة العربية واللغة الأجنبية والتربية القومية والتربية الدينية، وتمثل تلك المواد 50% من مجموع الطالب، وتضاف إلى 50% أخرى يحصل عليها الطالب فى نظام "التقويم الشامل"، وهو الذى عرفه الوزير بأنها درجات تحتسب على مشاركة الطالب فى الأنشطة المدرسية، تكفيان ليحصل الطالب على شهادة إتمام الثانوية العامة، يمكنه الاكتفاء بها فى حالة رغبته فى الانضمام لسوق العمل مباشرة، ثم العودة للتعليم الجامعى خلال مدة لا تزيد عن 5 سنوات، بمعنى أن شهادة الثانوية الجديدة صلاحيتها ممتدة، بعكس الشهادة الحالية التى تنتهى صلاحيتها بعد مرور 3 أشهر على ظهورها، هذا إلى جانب أن هناك عددا من المواد الأخرى التى يمتحن الطالب فيها على مستوى المدرسة، تدخل بنسبة ضئيلة ضمن الـ50% الخاصة بمواد " الجذع المشترك".
لكن ماذا عن الطالب الذى يرغب فى الالتحاق بالتعليم الجامعى؟ هنا تبدأ المرحلة الثانية، فمن يرغب فى الالتحاق بالتعليم الجامعى، عليه أن يخوض امتحانا فى نهاية العام يسمى "امتحان القبول بالجامعات"، تلك النقطة الشائكة استفاض الجمل فى شرحها، قائلا "إن وزارة التعليم العالى حددت 4 قطاعات متخصصة للراغبين فى الدراسة الجامعية"، وانقسمت هذه القطاعات إلى قطاع كليات الطب والعلوم، قطاع كليات الهندسة والحاسبات، قطاع كليات الآداب والفنون وقطاع كليات القانون والأعمال.
وهنا ابتكر الجمل وظيفة جديدة فى نظام التعليم وهى "المرشد التربوى"، الذى تتلخص مهمته فى مراقبة ميول الطالب منذ الصف الأول الثانوى، وحتى يصل إلى الثالث الثانوى، لتوجيهه إلى القطاع الذى يتناسب مع قدراته.
كما أن درجة الطالب فى مادتين إجباريتين فى كل قطاع من القطاعات الأربعة، هما اللتان تحددان قبوله بالجامعات، ليتعلق مصير راغب الطب بمادتى الأحياء والكيمياء، وراغب الهندسة والحاسبات والمعلومات بالفيزياء والرياضيات، فيما لم يحدد الجمل حتى الآن المادتين الخاصتين بطالب الحقوق والتجارة أو طالب الآداب والتربية، أما فى حالة رسوب الطالب فى امتحان المادتين، فإنه يخوض امتحانا فى نفس المواد بعد 3 أشهر، لو رسب فيه يخوض امتحانا آخر بعد نفس المدة.
تمويل المشروع، نقطة توقف الجمل عندها طويلا أثناء إعلانه للنظام الجديد، حيث اعترف الجمل بأن النظام الجديد يحتاج إلى بند خاص بالموازنة العامة للدولة بدءا من العام القادم، من أجل تطوير المناهج وتدريب المعلمين وإصلاح المدارس لتتناسب مع نظام الثانوية الجديد، وبخاصة تطبيق نظام "التقويم الشامل"، التى لم تستعد له 1700 مدرسة ثانوية فى مصر حتى الآن باعتراف الوزير، الذى أوضح أن "التقويم الشامل" يحتاج إلى إعادة بناء البنية المعلوماتية والتعليمية للمدارس، وهو ما سيكلف الوزارة أكثر من الـ32 مليارا التى تخصصها الموازنة العامة للدولة لها.
مبرران ساقهما الجمل لتمرير مشروعه أمام الرأى العام، الأول: أنه سيقلل من الدروس الخصوصية بنسبة 50%، نتيجة قصر الامتحان على سنة واحدة، وهو ما سيوفر 12 مليار جنيه من أصل 25 مليار يدخلها طلاب الثانوية فى جيوب المدرسين الخصوصيين. لكن هذا المبرر قلل الدكتور أيمن حبيب من أهميته، بل على العكس يرى حبيب أن النظام الجديد قد يزيد من الدروس الخصوصية، لأن المدرس سيتحكم فى 50% من مصير الطالب مع تطبيق "التقويم الشامل" الذى سيربط التلميذ بمدرسه بالفصل ارتباطا تاما، كما أن الدروس قد تزيد فى ظل امتحان الفرصة الواحدة الذى ستطبقه الوزارة بدءا من عام 2013/2014، ويضيف حبيب أن الثانوية القديمة كانت تمنح الطالب فرصة التعديل خلال العامين، لكن مع نظام العام الواحد سيزيد التوتر النفسى والعبء العصبى للطالب وولى الأمر، مما يبطل مبرر الوزير الثانى لتنفيذ مشروعه، وهو تخفيف الضغط النفسى على الأسر المصرية.
مشروع الجمل لقى ترحيبا كبيرا داخل لجان التعليم بمجلسى الشعب والشورى والحزب الوطنى الديمقراطى، ولم يبق على دخوله لقسم التشريع بالبرلمان سوى اعتماد من رئيس الوزراء، والذى قال الوزير إنه سيصدر خلال الأيام القادمة.
معلومة:
2011/2012 العام الدراسى الذى سيبدأ فيه تطبيق نظام الثانوية العامة بشكل تجريبى على طلاب الصف الأول الثانوى فى حالة موافقة البرلمان عليه.
"ثانوية الجمل الجديدة" تستعصى على الفهم.. والتربويون يستقبلونها بحذر
الخميس، 26 مارس 2009 02:19 م
ثانوية يسرى الجمل تحتاج إلى تفسير أعمق
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة