"يتيمة بين الأمواج" .. قصة وفاء نصر شهاب الدين

الثلاثاء، 24 مارس 2009 11:31 ص
"يتيمة بين الأمواج" .. قصة وفاء نصر شهاب الدين أمواج الحب تداعب قلب اليتيمة فى قصة وفاء نصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مدت يدها لتفتح باباً تدرى مسبقاً أنه المدخل الأنيق لجهنم، توقفت للحظة تلتقط أنفاساً مرتعشة، قمعت دمعة ثائرة تحاول التمرد، تمسكت بمقبض الباب فى قوة كأنها تستنجد به، طأطأت رأسها، وهى تستذكر فيض كلماته التى تترقرق فى مخيلتها كنهر هامس، وتلك اللمسات الخيالية والحياة الافتراضية التى تذوقت روعتها ككعكة محلاة أطفأت فوقها لهيب الانتظار.

فاض صدرها بدفقات دافئة مؤلمة تلمست زفراتها وكادت تصطحب معها روحها المنهكة فى جولة أخيرة، فرفعت رأسها بسرعة وهى تحبس زفرة أخيرة لتسقط دموعها تلهب قلباً لطالما توقفت نبضاته كأثر طبيعى لكلمة "أحبك".

دفعت الباب بقوة ودفعت معه خوف لقائه وقفت تتأمله، من بعيد، يراقص شبح امرأة شديدة الإغراء، أمعنت فى إذلال مشاعرها المستسلمة له، وهى تنظر إليه وقد ارتدى حلة سوداء أنيقة ورابطة عنق تشبه قيد الحب الذى طوق نبضاتها، يتحرك محتضنها فى رقة مفرطة وهى ترتدى ثوباً أبيض شفافاً كعروس النيل.

توقف التقويم، وتناثرت غيوم غيرتها حتى غلفت المكان فحولت الأضواء المبهرة للمكان إلى ضباب، تحركت حسرتها مع كل حركة يمنحها لمن يراقصها، مع كل همسة، بكل إيماءة بريئة كانت أم غير بريئة.

اقترب منها بغتة حاملاً كأساً من الشراب، ابتسم وبسط لها كفه لتلمسها للمرة الأولى منذ شهور، فقبضت كل مشاعرها ومنحته كفاً بلا روح، همس فى أذنها "تبدين فاتنة، لم أتصور أن هناك جمالاً يحمل تلك الهيبة وذلك الجلال".

قالت "هناك امرأة أخرى بداخلك أكاد أقسم"
أجاب وهو ينفث سيجارته فى بطء متقطع "نعم أعترف، امرأة لم أدرِ أنها تحتمل ذلك الرونق سوى الآن"
صرخت "يا الله ..ولكنك كنت تراقص أخرى منذ لحظات!!!"
جذبها من يدها وهمس فى أذنها "اعطنى شرف مراقصتك"

أغمضت عينيها رغماً عنها وسمحت لعطره الأخاذ، أن يغمر بساتينها التى هجرتها زنابق الثقة، وتحولت جداولها إلى دروب لوساوس القهر، أراحت رأسها على قلبه وحاولت استرجاع محبة طمست معالمها كلمات نطقها فى لحظات غامضة.

همست إليه: "لمن هذا القلب الذى ينبض باسمى؟"
ابتسم قائلاً: "لا مرأة تنهشها الغيرة من ملامحها الافتراضية"
قالت: "أتحبنى؟"
قال: "كما لم أحب من قبل"
ردت: "والأخرى؟"
قال: "لم تولد سوى بخيالك"
أراحت رأسها على وسادة ضلوعه، وما أن فعلت حتى جذبتها يد قوية أبعدتها عنه وحلت مكانها تراقصه.

شعرت بأنها يتيمة قهرتها الأمواج، تمتد يدها لينقذها من أوقعها بمحيط اليأس فلا يبالى، غادرته، صفقت خلفها باب الحب، شعرت بلفحات المطر تربت على كتفها، استسلمت لمصير كانت تتوقعه، فأعطت لقدميها الحرية كى تسبق تفكيرها، تجاهلت صوت السيارات وصوت الرعد وبريق البرق، سمحت لظلام القلب أن يغلف الكون، سمعته من بعيد يناديها فلم تلتفت، صرخ بها أن توقفى فاجتازت طريقها بين السيارات كى تزيد مساحة البعد بينهما، خفت صوته وتعالى صوت اصطدام شديد زلزل كل خلاياها، التفتت للخلف فوجدته قد احتضن الأرض فتمدد بطوله الفارع على مزيج بين التراب وماء المطر، لم تسعفها الصرخات ولا حقد تربعت منذ قليل على أقسى عروشه، صاحت باسمه فلم يرد، اقتربت منه متفحصة تلك الدماء التى عشقتها وقد أصبحت مباحة لرؤية الجميع، صرخت وهى تحتضنه منادية بكل اسم يحبه عله يستجيب، غمغم بكلمة وحيدة "أحبك" وما أن نطقها حتى زاحمتها الأخرى وأخذته من بين ذراعيها لترتقى به ظلمة السماء، أشار إليها من بعيد ولكنها ما عادت تفهم لغة الإشارات.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة