أحمد حسن خيرى

لعنة الله على حياتنا الثقافية المعاصرة

الثلاثاء، 24 مارس 2009 01:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ترزح حياتنا الثقافية المعاصرة بين أنياب الانقسامات، يطفح على سطحها الفرق والتيارات والشلل ممزقة الأهداف والمضمون، كل يتفنن فى تشييد الأسوار وإقامة الحواجز الشائكة، واهماً بأنه "الزعيم" الذى يقطن حياة منعزلة داخل جزر منفصلة، اغتالوا مبدأ "الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية"، وتبارى كل منهم يقسم "بأغلظ الأيمان" وبرأس والده بأنه الأصح، والفئات الأخرى ضالة وموصومة بالجهل ومختوم على جبينهم مصير الجحيم فى الحياة الدنيا والآخرة.

لعنة الله على حياتنا الثقافية المعاصرة، حول الانقسام حياتنا الثقافية إلى دراما عبثية لا معقولة، لا يدرك فيها أحد وجود الآخر، حولوا حياتنا إلى خشبة مسرح مزدحمة يملأ أرجاءها طنين المثقفين المرتفع غير المفهوم، لدرجة يتأذى منها الجمهور، الكل منهم يتقمص دور البطولة.

مجموعة منهم يستيقظون مبكراً قبل الجميع، ويسارعون بالتقاط خشبة المسرح، يدفعهم فكرهم السلفى إلى تقديم حلول تراثية لعلاج مشكلاتنا المعاصرة ترى فى نفسها الأصح وحزمة المثقفين الباقية من الجهلة.

وفى اليوم التالى، تستبق مجموعة أخرى الجميع، يدفعهم ترعرعهم على مصاطب الغرب، يرفعون راية العصرنة فى حل المشاكل المعاصرة، وهؤلاء يقذفون كل من يتكلم عن الثقافة الأصيلة أو من ينادون بالمحافظة على التراث بأنهم ماضيون ومتخلفون.

وبين تلك المجموعات تطحن كيانات ضعيفة تناضل بتقديم البدائل من الحلول لمشاكلنا المعاصرة بفكر معاصر، ولكن فى ظل احترام مورثنا الثقافى.

لعنة الله على حياتنا الثقافية المعاصرة، فرغم أن تلك المجموعات يعدون من المثقفين، وتظلهم خشبة مسرح واحدة، إلا أنهم لا يدركون بعضهم البعض، مما أدى إلى وجود حالة من التمزق والتشرد التى انعكست بدورها على المجتمع ككل، وأضحينا لا نتحمل الرأى الآخر، وفقدنا التواصل فى الشارع والمنزل والعمل، مما نجمت عنه أخلاقيات صعبة المراس.

لعنة الله على حياتنا الثقافية المعاصرة، الخاسر فى النهاية هو المجتمع والمواطن العادى، ممن ينتظر وضوح الرؤية لدى المثقفين وتقديم الفكر البناء فى حل مشكلاته.

صحفى بالاهرام





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة