أمى الصغيرة
إليك يا من رحلت صغيرة
عودى يا أمى
اشتقت إليك
أخشى أن تضمر تفاصيل ملامح وجهك
بفعل السنين
الذاكرة كلها ضمرت يا أمى
عدا المشهد الحزين
المشهد المحفور فى عظام الجمجمة
جسدك النحيل المسجى
على فراشنا الفقير
وأزرع النساء الطويلة كالمتاريس
تحول بينى وبين حضنك
والقبلات الدامعة على خدى الصغير
وأنا تائه فى موكب رحيلك
والصندوق الخشبى على أكتاف الرجال
اللذين خطفوك إلى الصحراء مسرعين
وارتجاف الخوف والبرد
فى باكورة ليالى اليتم
عودى يا أمي
أنا اليوم فى عمر جدك
وأشتاق إلى حضنك
السنين تراكمت يا أمى
والأحزان تراكمت
والجسد وهن
والجراح تمددت يا أمي
بفعل الزمن
فتاك المدلل يا أمى
غرق فى بحار المحن
عودى يا أمى
أذكر عندما بللت فراشى مرة
كان العقاب
نظرة عتاب
ما زلت أذكر هذه النظرة الحنونة
من عينيك الصغيرتين
نظرة صنعت منى رجلاً صغيراً
ولما سترتن
تعلمت لأجلك كيف أستر الناس
كيف أهزم الخوف والخجل
عودى يا أمى
أخشى أن تهزمنى السنين
أخشى أن أبلل فراشى مرة
ترى لو هزمتنى السنين الآن وبللت فراشى مرة
ترى من يسترنى هذه المرة؟
هل يسترنى الأبناء؟
هل تسترنى الألقاب؟
عودى يا أمى الصغيرة
حتى لو كنت فى عمر جدك
أريد أن أختبئ فى صدرك
لا أريد أبناء ولا ألقاب
عودى يا أمى الصغيرة
أريد أن أبتاع لك هدية
كما يفعل بقية الأبناء
لكن المشكلة يا أمى ماذا يشترى رجل عجوز
لأمه الصغيرة
أود لو أشترى لك عمراً جديداً
لكن للأسف يا أمى الصغيرة
المتاجر لا تبيع هذه الأيام
سوى التوافه والأشياء الصغيرة..
عيد إسطفانوس يكتب: إليكِ يا من لم ولن أستطيع أن أشترى لك هدية
الثلاثاء، 24 مارس 2009 11:03 ص