صفعة أمريكية جديدة لتلك الأنظمة العربية التى كانت تحاول جعل إيران عدواً جديداً لها بدلاً من إسرائيل، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكى أوباما والتى خرج فيها على غير العادة وفى هذه المناسبة عن سلوك الإدارات الأمريكية السابقة فى توجيه حديثة إلى قادة إيران ليعلن إحترامة لإيران ورغبته فى فتح صفحة جديدة معها، وأياً ما كان تقدير مصداقية الرئيس أوباما حول ما طرحه، غير أنه يبقى القول إن ما يطلق عليها دول معتدلة فى المنطقة (مصر – السعودية – الأردن – السلطة الفلسطينية) بالتأكيد فوجئت بتلك التصريحات التى أخذتها على حين غرة، فهى كانت تهيىء الأجواء لإقناع شعوبها بالخطر الإيرانى، وأن إسرائيل يمكن بالمفاوضات معها الحصول على جزء من القدس وجعله عاصمة لدولة فلسطين، ومن ثم فإن مشكلة الصراع العربى الصهيونى التى عطلت التنمية فى المنطقة قد انتهت، وأن العدو الحقيقى لهذه الأمة هى إيران الفارسية الشيعية، وبالتأكيد فإن ضمن السيناريو الذى كان معداً أو فى سبيله للإعداد إشاعة فتنة مذهبية على غرار ما حدث عشية قيام الثورة الإيرانية من الطعن فى الشيعة، وهذا الحلف لا تنقصه الأموال لمعركة من هذا النوع فأموال النفط يمكن لها أن تخدم وجيوش الفقهاء، يمكن لها أن تصدر العشرات من الفتاوى ضد إيران وعشرات الصحف والمطبوعات جاهزة لهذه المعركة التى سوف تتلحف بالتدين ويصبح رؤساء بعض الدول مشايخ فى معركة مثل هذه، بدون شك فإن تصريحات الرئيس أوباما خلطت أوراقهم، بل وفرضت عليهم تفكير من نوع جديد ماذا لو اتفقت إيران والولايات المتحدة الأمريكية على بعض الخطوط العريضة؟ ماذا لو تحولت إيران إلى دولة نووية فى المنطقة؟ ماذا لو تمدد نفوذها فى المحيط الخليجى بموافقة ورضاء أمريكى مقابل أن تغض إيران الطرف عن ممارسات إمريكية وتدعم الاستقرار فى العراق؟ بالتأكيد فإن هذا المحور الذى لا يملك من أوراق القوة إلا مجرد التبعية للولايات المتحدة الأمريكية وللمشروع الأمريكى فى المجمل، فى حين تمتلك إيران العديد من تلك الأوراق لدرجة أن أكثر المتفائلين بالمشروع الإيرانى لم يكن يتوقع أن يكون لإيران ولحزب الله دوراً مقلقاً للإدارة الأمريكية فى دول أمريكا اللاتينية، إضافة إلى طموح نووى تدعمه منظومة علمية وتقنية عالية وغيرها من الأوراق الأخرى ومنها النفوذ الإيرانى فى العراق، وفى بعض دول الخليج، كل ذلك يبدو فى طبعته الأولى صفعة إلى هذه الأنظمة التى تتصف بالاعتدال وهى صفعة بدت أكثر إهانة عندما تعاملت إيران مع تصريحات الرئيس الأمريكى بتعالٍ حتى أن الذى علق على الخطاب حتى الآن هو أحد المسؤلين الإيرانيين الذى لا يرقى منصبه إلى درجة الوزير وتجاهل المرشد والرئيس نجاد خطاب أوباما فى كلمتيهما بمناسبة رأس السنة الإيرانية، إن فى الأمر دروس وعبر وسواء كان الرئيس الأمريكى صادقاً أو مناوراً فإن رسالة مؤكدة قد تحققت أن إيران داخلة لا محال فى النادى النووى، وأن القوة مع إيران خيار تم إستبعادة ربما إلى الأبد، وأن المنطقة وعلى الأخص منطقة الخليج العربى مقدمة على تطورات ليست سياسية فحسب بل ربما جغرافية أيضاً، وأن الحماية الأمريكية لهذه الأنظمة قد لا تكون مبررة فى حالة توافق إيرانى أمريكى ليس من المستحيل حدوثه، إن الأنظمة التى تحترم شعوبها وتمتلك شرعية شعبية هى تلك الدول التى يمكن لها البقاء والاستمرار، فى حين أن الأنظمة التى لا تمتلك من الشرعية إلا الأمنية منها والعسكرية هى أنظمة ضعيفة، عليها أن تنتظر على مائدة مفاوضات غيرها.. هذه بعض الخواطر التى جالت من جراء آخر مستجدات الأحداث الإيرانية الأمريكية بامتياز.
أحمد قناوى يكتب: صفعة أوباما لدول الاعتدال العربية قراءة فى تصريحات الأمس
الثلاثاء، 24 مارس 2009 11:20 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة