أفردت مجلة إنترناشونال بولوتيك الألمانية مقالاً للمستشرقة الألمانية ريم شبيلهاوس، ألقت فيه الضوء على النقاش الدائر داخل المجتمع الألمانى عن وضع الجاليات الإسلامية ومدى قدرتها على الاندماج والتعايش مع المجتمع، فى ظل النظام الديمقراطى والقانون الأساسى الألمانى بعد ظهور مشروع قانون الجنسية الجديد، والذى يتم من خلال "اختبار الولاء" الذى نادى به الكثير من السياسيين والبرلمانيين والقانونيين وعلماء الاجتماع السياسى الألمان، بعد أن بدأت مشكلة اندماج الجاليات الإسلامية فى داخل المجتمع الألمانى فى الظهور.
كانت الإحصائيات قد رصدت تزايداً ملحوظاً فى أعداد أبناء هذه الجاليات الإسلامية بصورة كبيرة، خاصة من الجيل الثانى والثالث، وهذا ما يراها القانونيون والقائمون على حماية النظام الديمقراطى الألمانى خطراً كبيراً على الخريطة الديموجرافية للمجتمع الألمانى، لأنه حسب وجهة نظرهم لو استمرت هذه الزيادة فى عدد أفراد الجالية الإسلامية فسوف يشكل المسلمين كتلة بشرية لا يستهان بها تنعكس على الممارسات الاجتماعية المختلفة، وهذا ما يشكل خطراً كبيراً على القيم الديمقراطية والقانونية الألمانية.
وقد أرجعت شبيلهاوس هذا الخطر إلى أن البناء الثقافى والقيمى للجاليات الإسلامية الذى يتعارض بشكل كبير ليس فقط مع النظام الديمقراطى والدستور، بل يتعداه إلى القيم الليبرالية الغربية، وكل ما أفرزته الحداثة من قيم ومعطيات تعتبر بمثابة الأسس والمسلمات التى قام عليها النظام والدستور الألمانى، وكافة أشكال الممارسات السياسية والاجتماعية والثقافية داخل المجتمع.
كما أكدت شبيلهاوس على أن المسلمين قد يكذبون عند القسم على الدستور الألمانى من أجل الحصول على الجنسية، الأمر الذى قد يفقد مشروع القانون جدواه، لذلك دعت إلى حتمية أن يقوم المسلمون بعمل تنقيح فى النسق الثقافى والفكرى الخاص بهم، بهدف خلق تعايش حقيقى واندماج ملموس، لأن غير ذلك سوف يؤدى بهم إلى العزلة والإقصاء من المجتمع بأسره.
وترى شبيلهاوس أنه لا يجب إرجاع الأسباب وراء عدم قدرة الجاليات الإسلامية على الاندماج فى مجتمع ديمقراطى إلى الإسلام نفسه، لأن ذلك يسد الباب أمام إيجاد الحلول، كما أن الصورة التى يقدمها المجتمع لجماعات المسلمين على أنها كتلة واحدة متمسكة بثقافتها ونسقها القيمى وغير قابله للتغير أو التوافق مع المجتمع يعمق من حدة الهوة بين الطرفين .
وتوصى شبيلهاوس بإتباع استراتجيات خلاقة ومتنوعة من شأنها تفعيل وخلق اندماج حقيقى بين جماعات المسلمين والنظام الديمقراطى والدستور الأساسى فى ألمانيا.