ما مستقبل السياحة فى مصر فى ظل الأزمة الاقتصادية؟، وهل نحن قادرون على المنافسة فى ظل مزاحمة أسواق أوروبا على السياح؟، وإلى أى مدى نجحت الوزارة فى الترويج للسياحة فى مصر؟، وكيف تتعامل الوزارة مع مكونات صناعة السياحة ومن بينها قطاع الفنادق؟.. عن هذه الأسئلة وغيرها يجيبنا فتحى نور، رئيس شركة مصر للفنادق فى الحوار التالى:
هل أثرت الأزمة الاقتصادية على قطاع الفنادق؟
الأزمة ظهرت بوادرها على قطاع الفنادق من شهر ديسمبر الماضى، حيث انخفضت الحجوزات بنسبة 15%، وفى شهر يناير بلغت نسبة الانخفاض 40%.
لكن هناك تصريحات رسمية تفيد قطاع الفنادق تأثر نسبة 5% فقط؟
هذا الكلام غير صحيح، ومضحك، مثلاً أغلقت أربع فنادق بمرسى علم، وتم تسريح عمالها، والادعاء بأننا لا نواجه مشاكل ولا يوجد تسريح عمالة ليس حقيقياً، ويجب مواجهة الأمور بشجاعة لإيجاد الحلول المناسبة.
وما هى الحلول المناسبة فى رأيك؟
اتخذت الحكومة قرارات لمساعدة قطاع الصناعة فى مواجهة الأزمة، ونحن أولى من الصناعة، لأننا أكثر تأثراً، وهذه الأزمة مختلفة عن أى أزمة مرت بنا من قبل، فحوادث الإرهاب أو حرب الخليج كانت تجعل السائح يرفض زيارة مصر لخوفه من عدم الاسقرار الأمنى بمنطقة الشرق الأوسط، لكننا كنا نستطيع إقناعه بأن مصر تتمتع باستقرار أمنى، أما الآن فالسائحون يرفضون زيارة مصر بسبب "الفلوس"، وبالتالى يجب أن تتغير الرسالة الموجهة إليهم، يجب إقناعهم بأن زيارة مصر "أوفر" من بقائهم فى المنزل.
هل الإعلانات الترويجية عن مصر فى الخارج تفتقر لهذا النوع من الرسائل فى رأيك؟
من المفترض أولاً معرفة متوسط الإنفاق الأسرى فى مختلف الأسواق العالمية فى الأسبوع، ونبنى عليها، فليس من المعقول أن يذاع إعلان ترويجى عن مصر بالتليفزيون الفرنساوى قبل نشرة الأخبار التى تتناول الاستغناء عن العمالة وإغلاق المصانع، والتى تستمر لمدة ربع ساعة تتحدث عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية. لأن هذا يلغى تأثير الإعلان، لأنه لا يتوجه لهذا الجانب، ودول مثل تركيا وإسبانيا وماليزيا توقفوا عن الإعلانات الترويجية الخاصة بهم، ومصر هى الدولة الوحيدة المستمرة فى الاعتماد على الإعلان.
تريد إلغاء الإعلانات الترويجية أم تغيير مضمونها؟
ما أعنيه هو لو أن السائح ينفق 800 يورو أقول له تعالى إلى مصر لمدة أسبوع وانفق 750 يورو فقط، وتوفر 50 يورو، منطقة بإسبانيا كانت تستحوذ على مليون سائح إنجليزى كل عام ونتيجة ارتفاع سعر اليورو انخفض الجنيه الإسترلينى 22% وبدأت إنجلترا فى حملة دعاية للحفاظ على الإنجليز، وقالت أقضى إجازتك فى إنجلترا لتوفير فرق العملة وإسبانيا تداركت الأمر وأعلنت تخفيضات بلغت 50% لكل من يأتى من إنجلترا للمحافظة على السائح الإنجليزى، وفى استفتاء إسبانى عن وسيلة السفر التى يفضلها السائح الإنجليزى لقضاء رحلته، كشف عن أن 44% من الإنجليز يرفضون السفر بالطائرة بسبب التكلفة، وهو ما يعنى أن مصر ستفقد 44% من السوق الإنجليزى بسبب تكلفة الطائرات، وبالتالى علينا الإسراع بدراسة الموقف مع شركات الطيران المختلفة لدعم الشارتر لخفض التكلفة.
هل مثل هذه الإجراءات تضمن نجاح مصر فى المنافسة؟
وزير السياحة يطالب الفنادق بعدم تسريح العمالة وعدم تخفيض الأسعار والالتزام بالجودة، فكيف ستحدث المنافسة إذن، فالسائح يرفض الزيارة بسبب السعر وبالتالى يجب تخفيض أسعار الفنادق، لكن دون تخفيض الجودة، وبالتالى هناك حاجة لدعمنا عن طريق رفع عنصر من عناصر التكلفة، والدولة خفضت ضريبة المبيعات والجمارك عن الصناعة، ونحن نطلب المعاملة بالمثل، ونطالب بتأجيل الضريبة العقارية حتى يستطيع القطاع الفندقى الالتزام بالجودة والحفاظ على العمالة.
هل ما تطالب به من دعم حكومى للقطاع الفندقى سيحمى العمالة من التسريح؟
بالتأكيد، وإلا فإن المنافسة وتخفيض السعر ستجبرنا على تسريح العمال، ففى شرم الشيخ والغردقة تم طرد العمالة الدائمة والمؤقتة نتيجة إن "محدش عاوز يرفع عنا أى عنصر تكلفة" وأنا لو لم أدفع الضرائب أتعرض للحبس، ولو لم أسدد فاتورة الكهرباء والمياه سيتم قطعها، وبالتالى فإن أول حل سيطرأ على ذهنى هو طرد العمالة لتخفيض التكاليف، "واحد أتخرب بيته هيعمل إيه غير طرد العمال".
لكن الوزير حذر من انخفض أسعار الفنادق والبحث عن القيمة المضافة؟
الفندق العائم الذى يملكه وزير السياحة "النايل كروز" يبيع 7 ليالى بسعر 399 يورو بالطائرة والزيارات، بعد أن كان السعر 599 يورو اعتباراً من مايو المقبل، وكل الدول السياحية تخفض الأسعار، وهذا أمر مثير للقلق، لأن انخفاض الأسعار فى إسبانيا وجزر الكنارى واليونان سيسحب السياحة القادمة إلى مصر، ونحن غير منتبهين للمنافسة القادمة، لأن المنافسة لن تكون مع تركيا وتونس ولبنان، وهناك وحوش مثل إسبانيا ستجور على نصيبنا من السياح، وما يحدث هو أن المسئولين "بينيمونا" بكلام مثل أننا نقدم الأسعار الأفضل، وهذا غير حقيقى، وهو يعنى أننا "مش داريين باللى بيحصل حوالينا"
تعنى ان وزارة السياحة تعيق قطاع الفنادق عن المنافسة بقوة؟
الرسالة الرسمية للوزارة هى "عدم خفض الاسعار" وبالتالى أنا لا يمكننى ان اقول للفنادق "اعملوا كده او متعملوش كده" لأن هذا دور وزارة السياحة، والوزير قال فى المؤتمر الذى عقد بالإسكندرية انه قابل رئيس الوزارء ووعده بالخير، ولم يخبرنا حتى الآن ما هو هذا "الخير" الذى اتفقوا عليه. وكل ما استطيع قوله أن الحكومة عليها دعم قطاع الفنادق كما تدعم قطاع الصناعة.
لكن وزير السياحة يرفض خفض الضرائب والتأمينات بحجة أنها حق الدولة؟
ويعنى عندما يخفض وزير المالية الجمارك وضريبة المبيعات، أليس هذا حق الدولة، والتخفيضات التى تحدث لصالح قطاع الصناعة، أليس هذا حق الدولة.
ما رأيك فى الاقتراح المطروح بغرفة الفنادق بإنشاء صندوق لدعم السياحة؟
هذه الفكرة تشبه شخص احترق منزله لدرجة أن النيران تخرج من النوافذ والأبواب، بينما هو يفكر فى إنشاء ماسورة لإطفاء الحرائق القادمة مستقبلاً "طيب ما الحريقة مولعة أصلاً" عن أى صندوق يتحدثون، ثم كيف ستساهم الفنادق فى هذا الصندوق بينما تطالب أصلاً بتخفيض التكلفة.
ما حجم الخسائر المتوقعة لقطاع الفنادق؟
بمجرد أن تنخفض نسب الإشغال عن 55% يبدأ الفندق فى الخسارة، ومتوسط الإشغال بشرم الشيخ 42% والغردقة 41% والأقصر ارتفعت نسب الإشغال هناك بسبب إجازات نصف العام، لكنها ستعاود الانخفاض فى الفترة القادمة، وستصل إلى 30%. معنى ذلك أن جميع الفنادق فى مصر خلال الشهرين القادمين ستبدأ فى الخسارة، وستتعثر فى دفع أقساط البنوك، وخاصة الفنادق المدينة للبنوك.
لكن الوزير أكد على جدولة المديونيات للمستثمرين الجادين؟
وأنا أسأل الوزير "ما معنى مستثمر جاد؟"، هذا الكلام أشبه ليس بالمسكنات بل بالمخدرات حتى ننسى مؤقتاً الكارثة التى نحن بصددها، بينما لا تقدم أى حلول جذرية، ولو فقط خفضوا ضريبة المبيعات ستوفر للقطاع فى حدود 15% فى التكلفة.
وما توقعاتك لموسم السياحة؟
أتوقع انخفاض 35% فى عدد السياح.
شركة مصر للفنادق التى تتولى رئاستها وعدت عندما تولت "ريتزكارلتون" إدارة فندق النيل هيلتون سابقاً بعدم المساس بالعمالة وما حدث هو العكس؟
توجد اتفاقية مع وزارة القوى العاملة تعطينى الحق فى الاستغناء عن 260 عاملاً بالفندق "من غير ما حد يحاسبنى"، لكننا احتفظنا بكل العمال، وإدارة النيل هيلتون اتبعت سياسة انتقامية قبل أن تترك الإدارة بثلاثة شهور، فأشاعت أن الفندق سيتم إغلاقه ابتداءً من يناير، وبالتالى انخفضت الإشغالات فى شهر يناير بنسبة 35% بسبب الدعاية الكاذبة التى روجت لها النيل هيلتون، وانخفض معها قيمة "البونط" للعاملين واعترضوا على ذلك، واضطرت الشركة المالكة لدفع الفرق، وتم تعويض العمال رغم أن ذلك لم يكن من حقهم، وحالياً وصلنا إلى نسبة إشغال 68%، وهى نسبة تفوق إشغال "الفور سيزون" فى وجود أزمة عالمية، وحالياً ندرس مع النقابة ونخبة من المحامين وضع راتب أساسى، بالإضافة لنسبة 12% وإلغاء نظام "البونط".
وكيف سيتم تقدير الراتب الأساسى للعمال؟
وسيتم أخذ متوسط الدخل للعامل خلال العامين الماضين ويبقى هذا الأجر هو الأساسى له وسيتم عمل عقود للعمالة الدائمة, أما العقود المؤقتة فهى محددة الأجر ولم يتخذ بهم قرار حتى الآن
نعود إلى علاقتك بوزارة السياحة، لماذا استقلت من منصبك كمستشار لوزير السياحة؟
بسبب انشغالى، وفى السابق كنت أتابع العمل فى الوزارة والغرفة، لكن حالياً انشغلت بعملية تطوير النيل هيلتون، وفى مشاكل العمالة التى ورثها الفندق من الإدارة السابقة، ولدينا أيضاً عقود جديدة مع الموردين والمقاولين تتعدى 500 مليون جنيه، ونحن نخضع لإشراف الجهاز المركزى والرقابة الإدارية ولا مجال للخطأ.
إذن أنت اخترت التضحية بالعمل الوزارى من أجل إدارة الفندق؟
أحب أن يذكر أنه تم تطوير الفندق على يدى، كما أحب أن أذكر بالتطوير الذى قمت به فى غرفة الفنادق، فقد وضعت نظام التصنيف الجديد للفنادق، والذى أشادت به منظمة السياحة العالمية وقررت تطبيقه، وبالتالى فإننى "دخلت التاريخ من بابه".
وما الذى أضافته تلك التطورات على الوزارة؟
أنا عملت مع أحمد المغربى وزير السياحة سابقاً قبل انتقاله لوزارة الإسكان، وكنا نعمل 16 ساعة فى اليوم حتى بدأت الأمور تستقر، ثم حدث جاء جرانة وواصلت عملى لاستكمال ما بدأناه، وبالفعل خلال العامين الماضين غيرنا مفاهيم كثيرة بقطاع السياحة مثل التفتيش الفندقى، فتحول من تصيد للأخطاء إلى مساعدة الفنادق لتجنب الأخطاء، لكن جاء موضوع مصر للفنادق وقلت لجرانة إننى مرشح من رئاسة الوزراء والمغربى لاستكمال عملى بشركة مصر للفنادق، وأننى لا أستطيع الرفض، فوافق الوزير على عملى هناك على أن أتابع الوزارة مرتين فى الأسبوع، لكننى شعرت أننى سأقصر فى عملى بالوزارة، وقدمت استقالتى.
هل أنت راضٍ على سياسة وزير السياحة؟
الوزير له إيجابياته وسلبياته, لكن أسلوبه فى التشاور مع القطاع ليس عادلاً، لأنه يميل إلى "ناس معينة" وأنشطة محددة.
ما الذى تعنيه بهذا الكلام؟
أنا أشعر أن الوزير ميال لشركات السياحة وموسم الحج والعمرة أكثر من اهتمامه بقطاع الفنادق، برغم أن دور الفنادق أهم من شركات السياحة، وأنا دائماً أقول إننا نعمل لحساب السعودية، بمعنى أن كل الأموال التى تدخل عن طريق التنشيط ندفعها للسعودية، وأنا لست ضد الحج والعمرة، ولكن ضد من يسافر للحج 20 مرة، لأن فلوس البلد "بتروح للسعودية".
لكن الشركات السياحية المصرية تربح من موسم الحج والعمرة؟
شركات السياحة المصرية تحولت إلى هيئة تنشيط سياحى للسعودية.
ولماذا يميل الوزير لقطاع الشركات فى رأيك؟
لا أعرف، ولكنه يأخذ قرارات غير مقبولة من القطاع كله، وفيها نوع من التشدد وبالأخص مع قطاع الفنادق، وأصبح هناك فجوة بين الوزير والقطاع, وفوجئنا بإلغاء جلسات الاستماع التى يحضرها الوزير بنفسه مع مديرى الفنادق لسماع مشاكلهم واتخاذ القرارات التى تصب فى صالح القطاع ومنذ عامين انقطعت تلك الجلسات ولم نعرف السبب, فأنا أرى أنه من الأولى الجلوس مع مديرى الفنادق لبحث تداعيات الأزمة بدلاً من تجاهلهم والاكتفاء برئيس الغرفة أو نائبه.
هل أنت راضٍ عن تشكيل غرفة الفنادق بالاتحاد؟
تشكيل الغرفة تم فى بيتى قبل إعلانه بساعتين، وكان الاتفاق أن وسيم محيى الدين يرأس الغرفة خلفاً لى، وكان الاتفاق على أنى سأرشح نفسى لرئاسة الاتحاد لو أحمد النحاس لم يرشح نفسه، والنحاس يعلم أنى دفعته وساعدته للوصول لرئاسة الاتحاد سابقاً، إلا أننى فوجئت بترشيح النحاس بعد ذلك.
هل كان الوزير على علم بما يحدث؟
بالطبع فهو اختار النحاس لرئاسة الاتحاد, ولا يمكن أن أطلب من الوزير أن يفرضنى على أحد.
لماذا تتهم حسين بدران رئيس إدارة التدريب بإهدار المال العام؟
هناك خلاف دائم بين بدران وغرفة الفنادق حول أسلوب إدارة التدريب، فهو يتصرف بدون الرجوع إلينا لمعرفة الاحتياجات الحقيقة للفنادق، وهو شخص لا يحب المناقشات أو الاعتراض على أسلوب التدريب, فهو يقوم بتدريب العاملين بدون الحاجة إليهم، وذلك إهدار للمال العام، وكل ما نريد معرفته هو "أين تذهب الأعداد الغفيرة التى يتم تدريبها؟".
لكن أحمد النحاس يشيد بإنجازات الاتحاد خلال الدورة الماضية؟
90% من وقت الاتحاد خلال الدورة الماضية ذهب فى خلافات شخصية بين الأعضاء على بدل السفر والمكافآت، وكلها أشياء لا علاقة لها بالصناعة، وتغلبت الأمور الشخصية على المهنية، ورغم ذلك يشيد أحمد النحاس بإنجازات الدورة الماضية وما حققته إدارة التدريب.
فتحى نور - تصوير: ماهر اسكندر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة