الأيكونوميست: على إيران الاختيار بين العزلة أو الحوار

الجمعة، 20 مارس 2009 04:48 م
الأيكونوميست: على إيران الاختيار بين العزلة أو الحوار الأيكونوميست اعتبرت أن النظام الإيرانى أمام فرصة حقيقية للانفتاح على الغرب
إعداد ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقترب الجمهورية الإيرانية الإسلامية من لحظة الحقيقة. فخلال الشهور القليلة القادمة سيتعين على القادة الإيرانيين، مع إجراء الانتخابات الرئاسية فى يونيو المقبل، اتخاذ قرار بشأن العودة إلى المجتمع الدولى، أو إستمرارها فى إغضاب هذا المجتمع أو العزل الذاتى للخطاب الثورى. فالولايات المتحدة، أو الشيطان الأكبر كما تسميها إيران، تسعى إلى فتح الحوار من جديد مع الجمهورية الإسلامية، بعد ثلاثة عقود من "حوار الطرشان".

وفى بحثه عن طرق لإنهاء حالة الجمود، اتجه الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى إعادة النظر فى السياسة التى تتبعها واشنطن إزاء طهران. وفى بادرة مبكرة على حسن النية، عرضت وزيرة الخارجية الأمريكية على إيران المشاركة فى مؤتمر حول أفغانستان من المقرر إجراءه نهاية الشهر الجارى. وإذا شاركت الولايات المتحدة ومعها آخرون فى الجهود الدبلوماسية المبذولة من أجل إقناع ملالى إيران بإمكانية إيجاد وسيلة للتغلب على رفض الدولة الشيعية المستمر للتوقف عن تخصيب اليورانيوم، فإن كل الدلائل تشير إلى أنه سيتم الترحيب بها باعتبارها قوة معترف بها إقليمياً، مع ضمان دور لها فى أى تنسيق أمنى جديد فى منطقة الخليج. وربما يسفر هذا الأمر عن مشكلات أخرى ستكون أسهل فى معالجتها.

لكن هل يمكن أن يحدث هذا؟ لقد ثبت أن فهم نوايا الرجال المعممين الذين يحكمون إيران، كان يمثل دوماً واحدة من أصعب المهام الدبلوماسية. فهى دولة شائكة تفتخر بتاريخها وتلتزم الحذر تجاه الشعوب العظيمة الأخرى مثل العرب والأتراك والروس فيمن حولها. كما أن أمريكا تحيط بالجميع هى الأخرى: فى تركيا، التى تعد عضواً فعالاً فى حلف شمال الأطلسى، وفى العراق، حيث لا يزال يوجد أكثر من 130 ألف جندى أمريكى على الرغم من الانسحاب التدريجى، وفى أفغانستان التى وعد الرئيس أوباما بإرسال 17 ألف جندى آخر إليها إضافة إلى 38 ألف جندى موجودين بالفعل هناك، وعبر الخليج فى البحرين حيث يرسو الأسطول الأمريكى الخامس. ويعتقد أغلب الإيرانيين أن الأجانب وخاصة الأمريكيين والبريطانيين والعرب، لا زالوا مصرين على تقويض دولتهم.

وهكذا فإن الفخر الفارسى يرى أنه إذا كانت الدول الإقليمية مثل باكستان وإسرائيل، بإمكانها امتلاك طاقة نووية ثم قنبلة، فإن إيران ينبغى عليها بالتأكيد أن تكون مثلهم، على الرغم من أن إيران تنفى أى نية لديها لتصنيع سلاح نووى. وأغلب دول العالم الآخرى، تقودها الولايات المتحدة ومعها الدول الأربعة الأخرى دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى بما فيهم روسيا والصين، لا توافق، بدرجات مختلفة من الحزم، على الطموح النووى لإيران. وقد صدرت ثلاثة قرارات من مجلس الأمن خلال السنوات الأخيرة تفرض عقوبات على طهران لرفضها التوقف عن تخصيب اليورانيوم الذى قد يمهد لتصنيع قنبلة. إسرائيل بصفة خاصة، لا تتحمل احتمال امتلاك إيران لقنبلة نووية.

والمرشحون للانتخابات الإيرانية المقبلة يمثلون اتجاهات متنوعة. الرئيس الإيرانى السابق محمد خاتمى الأكثر اقتناعاً بالحوار، انسحب من السباق. وربما يدعم خاتمى الآن بديلاً إصلاحياً مثل شخصية حسين موسوى الذى كان رئيساً للوزراء خلال الحرب الإيرانية العراقية فى الثمانينيات. من جانبه، يعتزم الرئيس الحالى محمود أحمدى نجاد، المحارب، والذى ينكر الهولوكوست، ترشيح نفسه مرة أخرى، مع دعم الحرس الثورى الإيرانى له. وحتى الآن، يبدو أن نجاد يحظى بدعم المرشد الأعلى آية الله على خامنئى.

ويبقى خامنئى وليس الرئيس، هو لب المشكلة التى تواجه أوباما وإيران نفسها. فخامنئى هو الذى يحدد السياسة الخارجية الإيرانية، بما فى ذلك البرنامج النووى الإيرانى. فهناك نظام صارم قد يمنع ترشيح أى شخص فى الانتخابات قد يكون محسوبا على التيارات الليبرالية أو العلمانية. وفى ظل التراجع الاقتصادى الذى شهدته ولاية نجاد، فإن هناك فرصة تتيح هزيمته فى الانتخابات، وفوز أحد الشخصيات الأكثر براجماتية. لكن كل المرشحين فى النهاية يدعمون استمرار البرنامج النووى. وحتى إذا فاز إصلاحى فى هذه الانتخابات، فليس من المؤكد أن يؤدى هذا إلى تحقيق الانسجام فى علاقات أمريكا مع إيران والعالم الخارجى.

لكن الوقت بدأ ينفذ، وقد تقرر الحكومة الإسرائيلية الجديدة توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية حتى دون أن تمنحها الولايات المتحدة الضوء الأخضر. وسيسعى أوباما إلى إقناع آخرين وتحديداً روسيا لتشديد العقوبات، وبالتالى تعزيز قبضة يدها. وهناك حاجة إلى أفكار لوضع شروط لإجراء محادثات، بما فى ذلك تعليق تخصيب اليورانيوم لفترة محدودة زمنياً مقابل تجميد العقوبات والتخلص من مخزونات اليورانيوم مخفض التخصيب الذى يمكن تطويره فيما بعد لتصنيع قنبلة نووية. يمكن أن تحصل إيران على الكثير من المكاسب، إذا أبدت استعدادها للحد من طموحها النووى. وحتى الآن لم تبد طهران سوى إشارات قليلة على المرونة مع أوباما، لكن ينبغى عليها أن تقوم بمحاولة أخرى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة