الفلسطينيون لا يكرهون بعضهم البعض إلى هذه الدرجة التى قد تتبادر إلى ذهن الكثيرين.. هذا على الأقل ما كشفت عنه جلسات المصالحة الفلسطينية فى القاهرة الأيام الماضية.
أكثر من 200 فلسطينى ينتمون إلى جميع الفصائل، من بينهم مستقلون, استضافتهم مصر للمشاركة فى الاجتماعات, وتم تسكينهم فى فندق الانتركونتننتال داخل مجمع سيتى ستارز فى مدينة نصر, وكان وجودهم معا فى مكان واحد أشبه بوضع البنزين بجوار النار, لكن شيئا من هذا لم يحدث, والمسئولون المصريون كانوا مطمئنين للغاية بقيادة الوزير عمر سليمان إلى عدم حدوث احتكاكات.
الفلسطينيون كانوا يمضون نهارهم فى اجتماعات اللجان بمقر المخابرات ويعودون ليلا إلى الفندق ليبدأوا المزاح والسمر وحتى الساعات الأولى من الصباح مع بعضهم البعض، بل يخرجون للفسحة خارج الفندق لتناول طعام العشاء.
مطاعم الحسين والسيدة زينب كانت الأماكن المفضلة لتناول العشاء لمعظم أعضاء الوفود، التى تضم الحمساوى إلى جانب الفتحاوى مع الجهادى، وكان معظمهم يبقى ليصلى الفجر فى الحسين قبل العودة إلى الفندق، وثنائيات أخرى من الوفود كانت تفضل الذهاب إلى رحلات نيلية مساء.
ليس هذا فقط, بل على هامش الاجتماعات أقام قطبا الخلاف فتح وحماس جبهة تفاوض سرية موازية, حيث التقيا أربع مرات على الأقل بعيدا عن العيون لإتمام صفقات خاصة بينهما.
اختار الفصيلان أماكن مختلفة منها مطعم الإنتركونتننتال فى غير أوقات الطعام حيث دارت مناقشات خاصة حول شكل الحكومة ومحاولة مقايضة حماس للتنازل والقبول بشروط اللجنة الرباعية وعلى رأسها الاعتراف بالاتفاقات مع إسرائيل مقابل الموافقة بشروط حماس فى ملف المعتقلين. فترة الانتقال ما بين الفندق وجهاز المخابرات فى الأتويس كانت فرصة لم يفلتها الفصيلان لاستكمال المشاورات، وفى المساء كان تقارب غرف النوم فى الطابقين الرابع والخامس يساعد على أن يتجمعوا مثنى وثلاث فى ردهات الفندق الجانبية, تحديدا كبار شخصيات الفصيلين موسى أبومرزوق وأحمد قريع.
وحسب ما قالته مصادر فلسطينية شاركت فى الحوار لـ«اليوم السابع»: دارت حرب خفية بين فتح وحماس حاول فيها كل فريق استقطاب المؤيدين له من الفصائل الأخرى، أعضاء حماس التقوا كثيرا بعضوين من الجهاد الإسلامى «خالد البطش» و«زياد النخالة».
فى حين التقى مسئولو فتح بمسئولى أحزاب الشعب وجبهة تحرير فلسطين لتنسيق المواقف عشية كل جلسة.
مع كل هذا لم تثمر الجلسات عن كثير، مما أصاب المسئولين المصريين بالإحباط أحيانا، لما تحملته مصر من عبء نفسى ومادى.