أثار قرار مجلس الشيوخ الأمريكى بالتصديق على خفض المعونة الاقتصادية لمصر لعام 2009 من 415 إلى 200 مليون دولار، كثيراً من الانتقادات داخل مصر، كما تمخض عن تصريحات رسمية حول قيام الإدارة الأمريكية بهذا الإجراء بصورة فردية دون الرجوع للقاهرة، وأن القرار ارتبط بشروط ترفضها مصر.. تلك الواقعة الأخيرة أثارت العديد من التساؤلات حول الإجراءات الأحادية التى تتخذها الولايات المتحدة فى الفترة الأخيرة والتى تعد مضادة للمصالح المصرية، مثل رعاية مؤتمر حول تهريب الأسلحة لغزة بمشاركة العديد من الدول الأوروبية دون مشاركة مصرية، ومحاولات من جانب بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى لربط المعونة المقدمة لمصر بمنع تهريب الأسلحة على غزة، فهل يؤثر ذلك التلاسن المصرى الأمريكى على زيارة مبارك القادمة لواشنطن؟
السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية سابقاً، أشار إلى أن الجانب المصرى يبذل كثيراً من الجهد تحضيراً لزيارة مبارك للولايات المتحدة فى مايو القادم، وإعادة العلاقات المصرية الأمريكية إلى طبيعتها بعد فترة جمود دامت أكثر من خمس سنوات طوال الفترة الثانية لولاية الرئيس السابق جورج بوش.
وقال الأشعل "فى رأيى تلك الزيارة لن تتم، وإن تمت فسيتم إحباطها وستخرج دون النتائج المرجوة، ولن يزورها الرئيس مبارك ثانية"، وذلك لأن اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة يمارس ضغوطاً كبيرة على أوباما وإدارته والكونجرس لمنع التقارب المصرى الأمريكى، مضيفاً أن الولايات المتحدة تقود المجتمع الدولى فى الوقت الحالى لممارسة ضغوطها على العالم العربى بالكامل بطريقتين، هما مكافحة القرصنة ومنع تهريب الأسلحة إلى غزة، والطريقة الثانية تخص مصر بالأساس.
لم يتفق مع تلك الرؤية الدكتور جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية الذى أكد أن تلك الأحداث الأخيرة لن تؤثر على زيارة مبارك القادمة لواشنطن أو حتى على العلاقات المصرية الأمريكية بشكل عام، لأن الإدارتين المصرية والأمريكية راغبتان فى تطوير العلاقات.
الخلافات لن تصل أبداً إلى الدرجة التى كانت مع الإدارة السابقة، وقد اختفت تلك الخلافات بدرجة كبيرة مع الإدارة الجديدة، بالطبع هناك البعض منها لا يزال باقياً، ولكن هناك حرصا من الجانبين على ألا تعود الخلافات إلى ما كانت عليه طوال فترة الإدارة الأمريكية السابقة.
أما تخفيض المعونات، فكما شرحت وسائل الإعلام هو قرار قديم اتخذ فى العام الماضى، وكل ما حدث أن مجلس الشيوخ وافق على تصديقه، وبالنسبة لمسألة منع تهريب الأسلحة إلى غزة، فإن مصر مع السيطرة على الوضع الأمنى داخل غزة، ولكن نقطة الخلاف هى أن مصر تريد وضع تلك النقطة ضمن التسوية الشاملة للقضية الفلسطينية.
"اللوبى اليهودى موجود طوال الوقت، ولا أعتقد أنه سيكون له تأثير حاسم فى توتر العلاقات المصرية الأمريكية فى الفترة القادمة"، هكذا ختم عبد الجواد حديثه، مشيراً إلى أن إدارة أوباما بدأت فى تحرير نفسها تدريجياً من تأثير جماعات الضغط، بالتأكيد ليس بصورة كاملة، ولكنها أدركت تماماً أنه يجب التحرر من تلك الضغوط إذا أرادوا الوصول إلى حلول لصراعات منطقة الشرق الأوسط.
وفى السياق نفسه، رأى الدكتور وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن الخلافات الأخيرة بين الإدارتين المصرية والأمريكية هو مجرد تباين فى وجهات النظر فى بعض الموضوعات المشتركة، وأنه لن يؤثر على زيارة مبارك القادمة لواشنطن.
"ما يؤثر على العلاقات المصرية الأمريكية هى الأجواء السياسية وليست الاقتصادية"، هكذا شرح عبد المجيد، مضيفاً أن ما سيؤثر على العلاقات المصرية الأمريكية أشياء مثل الطريقة التى سيتعامل بها بعض أعضاء الكونجرس، طريقة استقبال المصريين هناك مثل أقباط المهجر.
أما المعونة فتلك قضية تقليدية لا تؤدى إلى معضلة أو توتر العلاقات الثنائية بشكل مباشر، ولكن تأثيراته تكون ثانوية فقط، وقضية تهريب الأسلحة إلى غزة ملف ضخم يخرج عن نطاق تأثير اللوبى اليهودى.
ولكن الخطر الأكبر بالنسبة للإدارة المصرية هو محاولة التأثير على الأوضاع الداخلية فى مصر، وأضاف عبد المجيد فى نهاية حديثه "أن ما يزعج الإدارة المصرية بالتحديد هو اللعب على الوضع الداخلى، حيث يلعب اللوبى اليهودى لتحريك أعضاء الكونجرس أو وسائل الإعلام لديهم لإثارة الأوضاع الداخلية المصرية مثل القضايا المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان".
"التلاسن" المصرى ـ الأمريكى.. هل يؤثر على زيارة مبارك لواشنطن؟
الخميس، 19 مارس 2009 12:41 م