واشنطن بوست: الفقر يدفع المصريين لبيع أعضائهم

الأربعاء، 18 مارس 2009 04:39 م
واشنطن بوست: الفقر يدفع المصريين لبيع أعضائهم بيع الأعضاء أقصر الطرق أمام المصريين للخروج من الأزمات المالية
إعداد رباب فتحى عن واشنطن بوست

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تجارة الأعضاء.. تلك التجارة التى أصبحت من أكثر الأمور رواجاً داخل القطر المصرى، وسط جدل حول تحريمها من عدمه، أثارت اهتمام صحيفة الواشنطن بوست، حيث قالت الصحيفة إن مصر من أكثر دول العالم شهرة فى هذا المجال، مشيرة إلى قصة زوجين شابين دفعتهما الظروف الاقتصادية إلى بيع كليتيهما.. فإلى نص التقرير:

أجبرتهما حالة الفقر المدقع داخل أحياء القاهرة الفقيرة على بيع كل ما يمتلكانه تقريباً، و"لكنه لم يكن كافياً لتأمين حياة كريمة لهما، فقاما ببيع كليتيهما".

انتهت العملية الجراحية السرية التى أجريت لهما قبل الفجر فى مستشفى خاص، بترك عبد الرحمن عبد العزيز وزوجته أسماء، فى سيارة أجرة فاقدى الوعى، وقد وضعت الأموال نظير كليتيهما فى ملابسهما.

الآن، وبعد مرور عام على هذه العملية، أصبح الزوجان مفلسين مرة أخرى، وأصابتهما حالة ضعف ووهن شديد بدرجة أصبحا معها غير قادرين حتى على التنقل داخل شقتهما المحدودة. وتدهورت صحتهما بشكل كبير ولم يعودا قادرين على العمل، حيث يقضيان معظم يومهما فى السرير فى غرفة مظلمة، كما فشلا فى عمل المتابعة الصحية اللازمة، لضعف مواردهما المالية.

يقول عبد العزيز الذى يبلغ من العمر أكثر من 24 عاما، وهو طريح الفراش: "لم يوضح لى أحد خطورة هذه العملية، لو كنت أعلم خطورتها الحقيقية ما كنت أقدمت على فعلها"، ويرفع قميصه ليكشف عن آثار الجرح الناتج عن العملية.

وأصبح بيع الكلى بين المصريين خلال الأعوام الماضية، مقابل ما يقرب من ألفى دولار، أسرع وسيلة للتخلص من طائلة الدين، أو الحول دون السقوط إلى هاوية الفقر.

ويتم اصطياد هؤلاء الشباب الذين يقضون معظم أوقاتهم على المقاهى المنتشرة فى شوارع القاهرة، عن طريق وسطاء يعملون لدى المعامل التى تقوم بمطابقة المانحين والمتلقين، معظمهم من الأجانب الذين جاءوا إلى مصر أملاً فى الحصول على متبرعين، أو شراء كلى عبر تجارة الأعضاء المنتشرة فى البلاد.

ولقد وصفت منظمة الصحة العالمية مصر باعتبارها واحدة من أكثر الدول المعروفة حول العالم بتجارة الأعضاء. وتحت الضغط الدولى تمكنت دول مثل الصين وباكستان والفلبين من محاربة هذه التجارة ومنعت الأجانب من إجراء عمليات الزرع، وتغلبت بصورة كبيرة على "سياحة زرع الأعضاء".

أما عن مصر، فيقول عنها الخبراء إنها تجاهلت هذه المشكلة برمتها منذ تفاقمها، ولم تتصدى لها بأى طريقة. ويتوقع الجراحون الذين يقومون بعمليات النقل، ويبذلون جهوداً حثيثة لمنع تجارة الأعضاء العالمية، أن المرضى الأجانب الذين يجدون صعوبة فى الحصول على أعضاء من آسيا، قد يجدون فى مصر مأوى لهم.

وأظهر المسئولون المصريون مؤخراً علامات الاهتمام بهذه القضية، ولكن هذا لا يغير من حقيقة أن مصر لا يوجد بها قانون ينسق عمليات النقل والزرع، وإنما اتحاد للأطباء يحرم بيع الأعضاء، ولكنه اتحاد ذاتى الضبط، ويتم تجاهله.

ومن المرتقب أن تتم مناقشة مشروع قانون لهذه القضية أمام البرلمان خلال الأشهر القليلة القادمة. بموجب هذا القانون يتم منع بيع الأعضاء، ويحرم عمليات النقل للأجانب، وتقتصر هذه العمليات على المستشفيات العامة، وفرض عقوبات قضائية تصل مدتها إلى 15 عاما وأكثر فى السجن، ودفع غرامة 180 ألف دولار فى حال انتهك هذا القانون.

وفى الوقت نفسه، وفقاً للمتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، عبد الرحمن شاهين، بدأت الوزارة فى إدراك خطورة الموقف، حيث قامت السلطات بإغلاق مركزين طبيين خاصين فى القاهرة خلال الأشهر المنصرمة، وألقت القبض على الأطباء، والوسطاء، وعمال المعمل بتهمة خرق قوانين اتحاد الأطباء، أو بتهم أخرى.

يقول شاهين: "إنهم يعملون بعد منتصف الليل، ويجرون هذه العمليات فى مستشفيات لا تملك صلاحية أو إمكانية إجراء مثل هذه العمليات الكبيرة. ولكن تم إغلاقها جميعا، وإلقاء القبض على المسئولين عنها. ويجب علينا الاعتراف أننا نواجه مشكلة عصيبة متمثلة فى زراعة الأعضاء".

وسيجيز مشروع القانون كذلك التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وهو الأمر الذى سيساهم بالضرورة فى الحد من تبرع الأحياء. ولقد فشلت المحاولات فى تشريع مثل هذه القوانين، جزئياً، بسبب الاعتراض من قبل الجهات الدينية والثقافية، على أخد الأعضاء بعد الوفاة، على الرغم من أن العديد من الدول الإسلامية تسمح بذلك.

وعلى ما يبدو الآن، يوجد توافق فى الآراء على السماح بأخذ الأعضاء البشرية من المتوفى، ولكن لا يزال الجدل قائم حول إذا كان هذا القانون سيسمح للأطباء باستخدام الموت الدماغى لتحديد إمكانية أخذ الأعضاء من المريض.

ويقول الخبراء، إن السعوديين هم أكثر المحتاجين إلى الكلى، ويدفعون مقابل عملية زرع فى السوق السوداء، ما يقرب من 16 ألف دولار. ويتم التقاط المتبرعين من فقراء المصر، الذين أغلب الظن لا يعرفون شيئا عن مخاطر مثل هذه العمليات، ويتم الاستغناء عنهم وتركهم بعد الجراحة دون متابعة صحية.

وبدأت قصة عبد الرحمن عبد العزيز وزوجته المأساوية، داخل منطقة المقطم فى القاهرة، والتى تتشابه فى جوانبها مع العديد من القصص، بمشاكل مادية، حيث فقد وظيفته كسائق حافلة، ولم يتمكن من سداد إيجار شقته لمدة تزيد عن ثلاثة شهور. ثم جاءتهما سيدة من الحى، تعمل كوسيط للبحث عن متبرعين بالأعضاء، يقول عبد العزيز، "قالت لى إن ابنها فعل بالمثل، وباع كليته، وأكدت لى أنها آمنة ومجزية مادياً". وعلى ما يبدو تتمتع هذه السيدة بقوة إقناع كبيرة حيث وافقت أسماء، زوجته، على بيع كلية هى الأخرى. ووعدتهم السيدة بدفع 5,400 دولار لكل منهما، ولكن بعد الجراحة، وجد الزوجين مبلغ 2،300 دولار لكل منهما، فى ملابسهما بعد العملية مباشرة.

ويقول الزوجان إنهما صرفا الأموال سريعاً، بعضها سددوا به الدين، والآخر تم صرفه على العلاج، حيث تدهورت صحتهما لعدم المتابعة الطبية.

ولم تنته قصتهما المأساوية عند هذا الحد، حيث لم يجد عبد العزيز مفرا سوى العودة إلى منزل والده، الذى يبلغ من العمر 70 عاما، ويناضل من أجل كسب الأموال فى وظيفته كسائق حتى يعتنى بهما بعد أن تركا منزلهما.

ويقول الأب: "أدفع ثمن خطأ ابنى".

ومن الصعب تحديد أعداد عمليات زراعة الأعضاء التى تم إجراؤها فى مصر، ولا توجد سجلات رسمية، ولكن على الأقل يقوم 500 طبيب بإجراء عمليات نقل كلى كل عام. ولا تعرف منظمة الصحة العالمية، تحديداً حجم عمليات النقل التى يتم إجراؤها سواء فى مصر أو فى العالم.

وقد يرجع سبب رواج تجارة الأعضاء وصعوبة الحد منها إلى أنها تدر بالكثير من الأموال لصالح المعوزين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة