لو استطعت أن أملأ برج القاهرة أجراسا وأضواء على شكل شجرة الكريسماس لفعلت، حتى يراها القاصى والدانى، ومن لا يستطيع أن يرى الأضواء فليسمع رنين الأجراس.
فالأمور أصبحت أكثر وضوحا الآن والضغوط أصبحت أكثر قوة حاليا، والاستعداد للخطر والاستيقاظ من الغفلة أكثر إلحاحا الآن من أى وقت مضى. لابد أن نغير مفهوم معنى مشكلة ولا ننتظر عندما يغرق البيت لنسميها مشكلة، لماذا لا نراها مشكلة عند بداية التسرب وفقد التحكم فى مجريات الأمور؟
مصر الآن تتعرض لكثير من المشكلات بالداخل والخارج.. الخارج الذى دوما اعتبرنها امتدادا للأمن القوى المصرى وهى حدود مصر الجنوبية والشرقية وهى فلسطين والسودان، ما نوع هذا الصبر على تفتت اللحمة الخارجية للأمن القومى المصرى بهذا الشكل المتهالك والسريع فى الذوبان، بحيث أصبحت أو ستصبح مصر فى نهار يوم آتى أشبه بجزيرة فى وسط محيط ملىء بالأخطار، ألم تدهشك هذه السرعة فى ذوبان تلك الكيانات التى حولنا والضجيج الآتى من دقات الخطر على أبوابها؟ ألم تدهشك هذه الحكمة العالية والثقافة السياسية السودانية فى التعاطى مع المشكلة وكيفية التعاطى مع مشكلة بهذا الحجم؟ ألم تشعر بالأنين يعتصر صدرك وأنت ترى أن السودان أخوك الصغير وهو ينتزع من يدك وهو يحتاج لحكمة مصر وخبرتها؟ ولكنك تراه لأول مرة مضطر للوقوف وحيدا ومن الواضح أنه يحتاج لحكمة أخاه الكبير الذى يدعو الله وهو يشاهده يتصرف وحده ألا يمد أصبعه أكثر من هذا حتى لا يفقده فى لحظة...... ندعو الله أن يوفق السودان ويحميه مما يحاك له، وألا نراه مهما كانت التضحيات عراقا آخر.
وبجانب هذا كله نرى أنه لم يترك طوفان الاعتصامات فى مصر طائفة أو طبقة أو كيان فى مصر ولم يجتاحه، ألم يكن هذا دليلا على شىء آخر غير ارتفاع سقف الحريات المرفوع بأيادى المعتصمين وحدهم؟ ألم تدهشك رؤيتك لطبقات مكانها ليست على سلالم الاحتجاجات بل تخيلت يوما ما بل كل يوم أنها خلف منابر العلم لأن الدولة تعلم أهمية ما تعوله عليها تلك الفئات؟
ألم تشكر بينك وبين نفسك الظروف وأحيانا الحظ أنه لم يجتمع طائفتان أو أكثر فى يوم واحد وأشهروا اعتصامهم؟ ولماذا لا يقلقنا هذا التكرار؟ هل أراحنا بعض الشىء ما قلناه لأنفسنا وصدقناه أن ما يحدث مؤشر للحريات؛ ألا يعتبر مؤشرا لشىء آخر؟
بلدنا محتاجة لصحوة ضمير فى كل شىء فالجليد فى أقطاب الأرض بدأ فى الذوبان بفعل التلوث والجليد الثابت فى الأرض منذ أزمان بدأ يذوب من تحت السفينة وبدأنا نشعر بالتحرك وهذا طبيعى، فالتغيرات المناخية لا تذر أحدا، ولكن قبل أن يذوب الجليد أتمنى أن تروى معى، هل هناك من ذهب لمقدمة السفينة من أهلنا ليقودنا بحكمة لأن الجليد سيصبح يوما ما أمواجا متلاطمة، ونحتاج نسير غدا بهدوء وحكمة.
يارب مصر وشعبها جديرة برحمتك..
أحمد جابر محمد أحمد يكتب:
برج القاهرة وشجرة الكريسماس
الثلاثاء، 17 مارس 2009 04:23 م