"كل كتلة من الحجر يوجد بداخلها تمثال.. ومهمة النحات أن يكتشف هذا التمثال" جملة قالها الشاعر مايكل أنجلو اتخذها سمبوزيوم أسوان الدولى الرابع عشر للنحت شعاراً له، المعرض الذى أقيم فى أسوان بمشاركة أكثر من 11 فناناً من 6 جنسيات مختلفة مصر وألمانيا والمجر وبلغاريا وفرنسا وكوريا، استمر لمدة 20 يوماً، يقضى فيها الفنانون يومهم بين الطبيعة والنحت ولا شىء غير ذلك.
هانى فنان فيصل نحات مصرى، قضى أكثر من 10 سنوات من عمره فى المشاركة فى معارض النحت الدولية على مستوى العالم، بالإضافة إلى مشاركته فى سمبوزيوم أسوان هذا العام ويقول هانى عن السمبوزيوم الذى ترعاه مصر، إنه لا يختلف عن معارض النحت الدولية، وإن كان يزيد عنها جمالاً وكفاءة، وعن الاختلافات بين المعرض هذا العام والأعوام السابقة يرى هانى أن السمبوزيوم هذا العام أفضل من كل الأعوام السابقة، بسبب دقة التنظيم وتوفير جميع الإمكانيات المادية للنحات التى تساعده على إتقان عمله بأعلى مستوى، بالإضافة إلى التناغم بين الفنانين المشاركين على اختلاف جنسياتهم.
خام الجرانيت فى أسوان من أفضل الخامات على مستوى العالم، مما يساعد النحات على الإبداع فى عمله، كما يؤكد هانى فى حديثه قائلاً "مفيش دولة فى العالم تقدر تلاقى فيها الجرانيت الموجود عندنا فى مصر، من حيث الخامة والألوان". العمل الذى قدمه هانى هذا العام هو عبارة عن نحت لـ "ساعة شمسية" يقدمها من منظور جديد يحمل الطابع المصرى والرومانى معاً، ويتكون العمل من قطعتين إحداهما القطعة المجوفة التى تحمل جسم الساعة نفسها، والثانية مثل الصارى الذى يوضع فى منتصف الساعة ومع طول الظل وميله يتم تحديد الوقت، ويرى هانى أن الساعة الشمسية التى يقدمها فى هذه الدور يعطى حركة للعمل النحتى، خاصة عند تغير الضوء عليه يعطى شكلاً مختلفاً فى كل توقيت من النهار.
لا تزال نظرة الكثير إلى فن النحت قاصرة على كونه مجرد حجر، لكن هذا الحجر حتى يتحول إلى فكرة مبدعة يحتاج إلى عمل قد يستمر لشهور طويلة، بالإضافة إلى تكلفة عالية تتراوح بين 60 و70 ألف جنيه للعمل الواحد.
"السرير دائماً ينظر إليه باعتباره شيئاً بلا قيمة، ومع ذلك دائما ما يبحث الإنسان عنه للراحة والاسترخاء" هكذا عبر نيكولا فليسيج من فرنسا عن سبب تقديمه لمنحوت على شكل سرير وآخر على شكل مقعد فى دورة السمبوزيوم هذا العام، استخدم فليسيج الجرانيت الأحمر، كما استخدم أكسيد الحديد الأحمر مع الصمغ العربى لتلوين العمل، يقوم بكسر بعض المربعات الصغيرة من الجرانيت ويخلطها بالألوان، جاءت له فكرة استخدام الألوان من النحت المصرى القديم واليونانى والرومانى.
المعمارية أمانى كامل الفتاة المصرية الوحيدة المشاركة فى دورة السمبوزيوم هذا العام، ورغم خبرتها فى مجال العمارة وحصولها على العديد من الجوائز، منها الجائزة الأولى فى المسابقة الدولية للعمارة والآثار فى روما عام 2006، إلا إنها المشاركة الأولى لها فى سمبوزيوم أسوان هذا العام، أمانى عبرت عن سعادتها بهذه المشاركة وتتمنى أن تكون على قدر مسئولية هذا الحدث العالمى.
الطبيعة المختلفة لفن النحت عن سائر الفنون باعتباره فن الأرض وفن إعطاء حياة للجماد، جعلت أيضا متحفه مختلفاً، أقرب للمحمية الطبيعية، "المتحف المفتوح" الذى تعرض فيه أعمال الفنانين عبارة عن مكان واسع وسط الصحراء يطل على النيل، لتستمع بأفضل المشاهد الطبيعية على الإطلاق، شمس صافية ساطعة، نيل يجرى، وحجر يكاد ينطق من فرط الإبداع، ليأتى حفل ختام السمبوزيوم هذا العام كتتويج لنجاحات الفنانين المشاركين، حيث أبهر صلاح مرعى مهندس الإضاءة العالمى الجميع فى إضاءته للقطع الفنية، مع مشاركة محافظ أسوان مصطفى السيد فى تكريم المشاركين وإعطائهم شهادات تقدير، وينتهى الحفل بوصلة من الموشحات الصوفية الأندلسية.
أجمل ما فى المشاركة فى سمبوزيم أسوان هو اكتشاف عوالم أخرى جديدة ورحبة لفن لا يهتم به الكثيرون، لكنه قادر على جعلك فى حالة من الصفاء النفسى يصعب تحقيقها فى ساعات اليوم العادى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة