منطقة بطن البقرة بمصر القديمة، منطقة تاريخية قديمة، حيث يتواجد التقليدية اليدوية بامتياز، من الخزف والفواخير وصناعة التماثيل الجبسية والحجر الصناعى والحصى والشقف والقلل، سلكنا طريقنا من أمام جامع عمرو بن العاص حتى منطقة الجيارة حتى وصلنا إلى هناك فى الطريق المؤدى للسيدة عيشة صور بديعة لتماثيل فرعونية من الجبس بأشكالها المختلفة وتماثيل لأسود وفنيات رائعة على الطريق.
عم حسين بملامحه التى حفر فيها الزمن يمسك غربالاً ويهزه يميناً ويساراً ليغربل الجبس ويعبئه فى شكائر، الغبار يعفر وجهه وملابسه المعدة خصيصاًَ للغبار، لا يختلف الحال من ورشة إلى أخرى، عالم المهنة الآن حافل بالكسل والركود.
عم سيد محمد يبلغ من العمر (60 عاماً رغم ذلك يمارس عمله بمهارة شديدة وجهد يفوق جهد الشباب، عمل الورشة الآن، كما يقول راكد، يعمل ولا تعمل الورشة إلا بالطلب، ولكن عندما لا يوجد عمل يذهب إلى بيته راضياً بنصيبه فيقول "لو فيه شغل بيبعتولى لو مفيش هقعد فى البيت.. يعنى هعمل إيه تانى لو مفيش شغل.. دى مهنتى الوحيدة مينفعش أبهدل نفسى على كبر.. أحياناً شهر كامل مفيش شغل" بهذه الجملة يلخص عم سيد حياته تلك التى تعتمد على الركود والطلب.
عم سيد يعمل فى المهنة منذ 45 عاماً ولديه 5 أولاد "3 أولاد وبنتين".. سألته هل فيهم أحد تعليم جامعى فأجابنى.."فيهم اتنين فى الإعدادى مشى عارفين نصرف عليهم.. مين هيصرف على الكليات الزمن ده".
بينما أشرف على ذو العشرين ربيعا وهو "صبى بورشة جبس " ويدرس بمعهد الكمبيوتر بسوهاج ويأتى إلى القاهرة للعمل يقول "لو الشغل مريح فى الورشة ..بشتغل فى ورشة أخرى كل أصحاب الورش يحبوننى"
المنطقة بها أكثر من 500 ورشة فخار وديكورات جبسية،أكثر من 1000 منزل والمنطقة بأكملها صدر لها قرار إزالة، كما يقولون لاستكمال حديقة الفسطاط ومشروع مساكن الفسطاط.. وسألتهم هل جهزت لهم الحكومة بعض الورش فى مكان آخر، فكانت الصدمة فى إجابتهم.. "مش لاقيين مكان يودونا فيه فدائما ما يقولون لنا سنطور المكان وترجعون فى ورش مجهزة مرة أخرى"، ولكن كما نعرف فى تجارب سابقة يقف الروتين الحكومة عقبة فى كل تطوير وسيستغرق المشروع سنوات ليبحث أصحاب الورش والعاملون عن مهن أخرى وبعد التطوير لن تجد المهنة أحداً، والكهرباء تنقطع دائما من المكان والبعض يؤكد أن الحكومة تتعمد ذلك لتهجيرهم من المكان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة