محمود جاد

"نور" وشعب فى مفترق الطرق

الخميس، 12 مارس 2009 07:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما تندهش من صمت النظام وصبره على أيمن نور، زعيم حزب الغد، الذى يتجول منذ الإفراج عنه فى مواكب شبه رسمية تكاد تشابه مواكب الرئيس والوزراء، محاطاً بجموع غفيرة من المصريين.

وربما تظن للوهلة الأولى، أننا نحيا أزهى عصور الديمقراطية، ولا يدفعك المشهد برمته منذ الإفراج عن نور، وحتى كتابة هذه السطور، سوى إلى التساؤل: هل النظام يضيق ذرعاً من جولات نور، والاهتمام الإعلامى الذى حظى به؟ أم أنه المستفيد من ذلك؟ وهل أيمن نور، كسياسى معارض يستحق هذا الاهتمام سواء الإعلامى أو الجماهيرى؟.

وفى النهاية يظل التساؤل الأكثر إلحاحاً, هو ماذا يريد المصريون حقاً، هل هم مع الإخوان مثلما انجرفوا وراءهم فى انتخابات مجلس الشعب 2005، أم هم مع نور الذى لمع فى انتخابات الرئاسة، وانطفأ بريقه بعد شهور من دخوله السجن بتهمة تزوير توكيلات حزب الغد، ثم عاد لصدارة المشهد بعد الإفراج عنه.. أم أن قطاعاً من الشارع بات غير ممانع للتوريث، وتولى جمال مبارك للحكم؟

ولا تجد فى تصريحات نور، وتحركاته، وكذلك تحركات النظام، سوى الهدوء غير المعهود، فزعيم الغد، لم يتردد فى الهجوم على حركة حماس، والقول بأنه غير مقبول أن يكون شخص يعيش فى فنادق دمشق (خالد مشعل) يؤثر فى القضية الفلسطينية أكثر من مصر، ليصل نور بذلك إلى ما عجز وزير الخارجية أحمد أبو الغيط عن بلوغه، ويجامل النظام بشكل بدا لافتاً ربما أكثر من المقبول لدى مؤيديه.

كذلك فإن نور بادر فور خروجه بالتأكيد على أن قرار الإفراج عنه، الذى جاء قبل شهور من انتهاء مدة عقوبته، جاء سيادياً من الحكومة المصرية، ولا يشوبه أى تدخل من الإدارة الأمريكية الجديدة.

كما أن موقف نور حتى الآن من حزب الغد، لا يزال غير واضح، فهل سينازع موسى مصطفى موسى على رئاسة الحزب، أم سيفكر فى حزب جديد أم سيخوض انتخابات الرئاسة المقبلة ـ إن دخلها ـ كمرشح مستقل؟ ذلك فضلاً عن تخبطه اللافت بشأن التوازنات مع القوى السياسية الأخرى، فخلال استقباله وفداً من جماعة الإخوان أكد أنه لا يمانع من التعاون معهم، إلا أنه عاد ودخل فى تحالف مع حزب الجبهة معلناً رفضاً تاماً لكل من الحزب الوطنى والإخوان!!

النظام من جهته، كان أكثر المنتفعين من وراء خروج نور، فخروجه كان بمثابة العصا السحرية، التى ألهت الإعلام والمصريين عن أزمات الحكومة وإضرابات الصيادلة وسائقى المقطورات، والمحامين المعترضين على قرارات وزارة المالية بزيادة الرسوم القضائية.. كما أن خروج نور، أضفى فتوراً على استجوابات نواب الإخوان فى مجلس الشعب، وربما يكون له تأثيراً بعيد المدى على صناديق الاقتراع فى انتخابات مجلس الشعب 2010.

كما أن النظام يعرف وكذلك نور، أن الأخير خرج وهو محكوم عليه فى قضية مخلة بالشرف، الأمر الذى سيمنعه من ممارسة أى عمل سياسى لمدة خمس سنوات تبدأ منذ الإفراج عنه بموجب القانون.

أياً ما كانت دوافع النظام، ومآربه، وأيا ما تكن مخططات نور، وحتى فى حال وجود صفقة ما بينهما من عدمها، فإن الثابت وسط كل تلك المتغيرات، هو أن المصريين لا يزالون كما وصفهم رئيس الوزراء أحمد نظيف منذ سنوات غير ناضجين لممارسة الديمقراطية، فالشعب الذى أدمن استفتاءات الـ99%، والذى انجرف وراء الإخوان، مسلمون وأقباط، نكاية فى الوطنى، والذى أيضاً سار خلف نور ثم انفض من حوله خلف أسوار السجن، ليكمل مسيرته خلف الإخوان.. وعاد ليترك الإخوان ويهتف مجدداً بحياة نور هو بالفعل شعب رومانسى، لا يؤمن بأجندات حزبية أو برامج سياسية، وإنما فقط يرغب فى التغيير حتى لو جاء مشوهاً بلا جدوى، كما أنه شعب يختزل آماله فى الشخص قبل الفكرة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة