لم يكن للشعر ملتقى يرعاه، إلا حينما أوصى نجيب محفوظ فى إحدى دورات مؤتمر الرواية بعمل مؤتمر مواز للشعر، لأنه كما ذكر "ضرورة" ومنذ أن تم الإعلان عن عزم وزارة الثقافة إقامة ملتقى للشعر والمعارك حوله لا تنفض، فى العام قبل الماضى أثناء انعقاد الدورة الأولى من المؤتمر قامت الدنيا ولم تقعد، وهذا العام أيضا هبت رياح المعارك مبكرا، وفور إعلان المجلس الأعلى للثقافة عن أسماء الشعراء المدعوين بدأت الاعتراضات، فقرر بعض شعراء قصيدة النثر إقامة مؤتمر مواز لما سموه بـ"مؤتمر حجازى" بحجة أن الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى يضطهدهم، لكن الغريب أن هذا المؤتمر الموازى مارس نفس أخطاء الملتقى الرسمى، وقام هو الآخر باستبعاد الشعراء الذين يكتبون قصائد التفعيلة والعمودية، وكأن شعار الشعراء هو تبادل النفى والاستعباد.
الشاعر "رفعت سلام" أعلن أنه لن يشارك فى مؤتمر الشعر العربى لا الرسمى ولا البديل رغم أنه أعلن المجلس نشر فى الصحف أنه ضمن المدعوين، ممثلا لقصيدة النثر، لكنه يقول "لم توجه لى دعوة رسمية وخلوا السكرتيرة تتصل بى، وهذه طريقة مبتذلة لا تليق فى التعامل مع الشعراء"، وأضاف: حتى لو وجهوا لى دعوة كنت رفضت، وهذا لسببين أولهما أننى ضد ممارسات لجنة الشعر التى تقصى فريقا من الشعراء، فتقسم المشهد إلى مشهدين، بالإضافة إلى أن اللجنة لا تريد أن تعترف بقصيدة النثر الموجودة فى الشعر العربى منذ نصف قرن، ويصفه هذا الفعل بأنه أداء بيروقراطى مبتذل.
لجنة الشعر قدمت الدعوة إلى أكثر من 5 شعراء يكتبون قصيدة النثر، هم فاطمة قنديل ومحمود قرنى وإبراهيم داوود وعلى منصور وعماد غزالى ورفعت سلام، بالإضافة إلى سيف الرحبى العمانى ممثلا لقصيدة النثر العربية، ولكن المفارقة أن جميع الشعراء المدعوين من مصر قرروا الانسحاب من مؤتمر الشعر العربى وسموه "مؤتمر حجازى" وهذا تصر ف غير مبرر، هذا ما قاله الشاعر حسن طلب نائب رئيس تحرير مجلة إبداع التى يرأسها "حجازى"، ويعتبر "طلب" هؤلاء الشعراء المعتذرين خاسرين بسبب انسحابهم، مؤكدا أن الحجة التى تتردد بأن لجنة الشعر لا تعترف بهم باطلة لأنه بمجرد أن تدعوه للمؤتمر فأنت تعترف به، حتى إن كنت تختلف معه.
الشاعر محمود قرنى برر اعتذاره بسبب انعقاد ملتقى قصيدة النثر فى نفس التوقيت مفضلا إياه على مؤتمر الدولة الرسمى، بالإضافة إلى أنه وجدها فرصة للإعلان عن غضبه لأن لجنة الشعر وجهت له دعوة العام الماضى وقبل المؤتمر بيومين اتصلت به السكرتيرة واعتذرت له، وقال قرار إقامة ملتقى قصيدة النثر فى نفس توقيت مؤتمر المجلس الأعلى للثقافة ليس أكثر من رد فعل رمزى على إقصاء مستمر ودائم.
هجوم شديد لاقاه المؤتمرين من الشعراء الشباب والجماعات الأدبية، لأن مؤتمر المجلس استبعد الشباب تماما وعندما اختار أحدهم اختار محمود عبد الرازق، وهو الاختيار الذى لاقى اعتراضات من الكثيرين داخل اللجنة نفسها، أما الشاعر محمد منصور فوجد اسمه فجأة يتردد فى الجرائد عن دعوته للمؤتمر، وفجأة أيضا تم استبعاده ولم يوجه له الدعوة أحد، "منصور" يهاجم المؤتمرين معتبرا مهرجان الشعر العربى قائما على الإقصاء ضد قصيدة النثر، وفى نفس الوقت يعتبر ملتقى قصيدة النثر رد فعل لا يرقى إلى منزلة الفعل الحقيقى، كما أنهم يؤكدون على القطيعة والإقصاء تجاه الأجناس الشعرية الأخرى، وكأنهم تلاميذ تعلموا الدرس بجدارة من حجازى.
هجوم آخر تلقاه المؤتمرون من شعراء قصيدة العامية لعدم مشاركتهم، وهو الأمر الذى ينفيه الدكتور حسن طلب، حين قال نحن دعونا شعراء العامية للمشاركة، ومنهم أحمد فؤاد نجم وسيد حجاب وسمير عبد الباقى، ورجب الصاوى وأحمد فؤاد حداد، لكن الشاعر محمود قرنى يقول "قصيدة النثر قضية كبرى محتاجة أصحابها يحلوها، وإمكاناتنا لا تسمح لنا بتبنى قصيدة النثر الفصحى والعامية، لو شعراء العامية عايزين يعملوا مؤتمر يشيلوا شيلتهم ويتبنوا قضيتهم وإحنا معاهم" تبقى قضية الأسماء المكررة التى تعاد فى كل مؤتمرات المجلس الأعلى للثقافة أمثال عبد المنعم عواد يوسف ومحمد أبو سنة وفاروق شوشة وغيرها من الأسماء التى يعتبرها تيار قصيدة النثر عفى عليها الزمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة