أذكر أنه فى عام 86، استدعانى السفير «على ماهر»، ومعه المستشار التجارى «على برادة» فى باريس لأشرح للوفد المصرى الذى وصل لتقصى الحقائق فى مشكلة منع فرنسا دخول «البطاطس» المصرية بعد اكتشافهم أنها مصابة بالعفن البنى.. مما تسبب فى خسائر فادحة للمصدرين المصريين، وتشويه لسمعة المنتجات الزراعية المصرية!.
وباعتبارى كنت «شاهداً» شاف كل حاجة فى ميناء مرسيليا.. شرحت لـ «الوفد» الموقر كل الأخطاء التى وقع فيها بعض المصدرين المصريين، وعلى رأسها «عدم المصداقية» لدى السلطات الجمركية الفرنسية لوجود شهادات من الحجر الزراعى المصرى «مضروبة».. تقول إن الشحنة خالية من العفن البنى رغم أن «العفن» ظاهر للعين المجردة، ورائحته تزكم الأنوف!.
والمدهش أن رد فعل بعض أعضاء «الوفد» هو التصميم على أن هذه «مؤامرة» من اللوبى الصهيونى المنافس لنا. بالمناسبة إسرائيل ليست منافسا لمصر فى المنتجات الزراعية.. فمصدِّر مصرى واحد اسمه سمير النجار يصدِّر «بطاطس» لأوروبا بما يعادل حجم صادرات إسرائيل كلها من البطاطس!!.
تعجبت يومها من «ثقافة» تعليق أخطائنا على شماعة الغير.. وعدم الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه!!.
تذكرت هذه الواقعة فى الأسبوع الماضى عندما قرأت فى جريدة محلية فرنسية أن سلطات الجمارك الفرنسية قد «منعت»، و«جَرَّمتْ» شحنة خضروات مصرية.. وصلت إلى مطار «أورلى» لأنهم اكتشفوا أن بداخل الشحنة «ألفين خرطوشة سجاير» مخبأة فى كراتين الخضروات.. للاستفادة من فارق الثمن.علبة السجاير فى أوروبا بأكثر من 5يوروهات * 7 جنيهات = 35 جنيها.. وثمنها فى مصر 8 أو 10 جنيهات!!.
وقبلها قرأت عن «رفض» سلطات الجمارك الأسترالية، و«منع» شحنة «زيتون أسود» بعد أن اكتشفوا أن «البيه المصرى» قد قام بدهنها بـ «ورنيش» الأحذية لزيادة لمعانها!!.
فضائح بجلاجل.. صحيح أنها «قَلَّت» كثيرا عن زمان.. فزمان كنا شهرياً وأحياناً أسبوعياً نسمع عن قصص وحكايات وروايات، ومفارقات لا يصدقها عقل.. خد مثلاً:
«مصدِّر» مصرى اسمه «الحاج سلطح» أرسل إلى سوق Rungis بباريس «أكبر سوق منتجات غذائية.. فى العالم بعد سوق شيكاغو».. أرسل برتقال بصُرَّة معبأ فى كراتين حمراء.. مكتوب عليها بالعربية «الحاج حمدون سلطح».. صاحب شركة زيزى.. وبالإنجليزية كتب بالبنط العريض كلمة «zizi».. وفوجئت بالتجار الفرنسيين ينادوننى باعتبارى «المصرى الوحيد» لأشهد عليهم وهم واقعين من الضحك.. «وبيتريقوا».. «ويهزروا».. وهم يشيرون لى على كلمة «zizi».. قائلين: ياه.. أول مرة نشوف بلد «بتصدَّر» zizi.. وكلمة zizi بالفرنسية معناها: اسم العضو الذكرى للرجل!!.
وبعيداً عن سلطح، وزيزى والذى اكتشفت فيما بعد أن الحاج سلطح يتبارك باسم زوجته الجديدة واسمها زينب، ويدلعها باسم زيزى.. بعيداً عنهم لم نسمع مرة واحدة أنه تم القبض على أحد المصدرين الغشاشين أو المهربين الذين يتسببون فى «الإساءة» والتشويه، والتلطيخ لسمعة منتجاتنا.. والسؤال: أين الأجهزة الرقابية الـ 17؟ وأين قانون الطوارئ لأمثال هؤلاء اللصوص والخونة؟
ومن هو أسوأ من المواطن الذى يبيع سمعة وطنه بحفنة يوروهات أو دولارات؟ يجب ألا نتسامح أو نتساهل مع أى «مصدِّر» مصرى «يغش» متعمداً.. أما «المهرب» فيجب وضعه خلف القضبان، خاصة أن «الفضيحة» عالمية وليست محلية اعتدنا عليها!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة