فتح السائق باب السيارة.. وهو ينحنى لسيده الذى تأبط العصى المصنوعة من العاج المحفور عليها نقوش فرعونية ذهبية.. أصابعه تتحسس شاربه الدقيق.. مغتصباً ابتسامة صفراء..لم يقدر على شراء تلك الأرض التى طلب من سائقه التوقف أمامها.. لأن صاحبها صلب الرأى.. رفض أن يفرط فى شبر واحد من أرضه..
- سأل الغلام الذى يتقاطر عرقا وهو يشق مجرى للمياه فى الأرض.. الذى عرف منه أنه ورث الأرض بعد وفاة والده وقد ترك مدرسته للتفرغ - سأله: عن أحوال الأرض والثمر؟
- قال الفلاح الذى انتقى ثمرة خوخ قدمها للباشا بعد أن نظفها فى ثوبه: الحمد لله.
- تناول الباشا ثمرة الخوخ ودفعها فى فمه قائلاً: إنها طيبة المذاق وحدثته نفسه أن هذه الأرض التى تنبت الثمر الطيب لابد من اغتصابها إما بالمال أو القوة..
- طلب من الغلام ثمرة أخرى ما لبث أن بصقها من فمه قائلا: إنها ثمرة فاسدة.
- قال الغلام: لقد فسدت الثمرة.. حين ساءت النوايا. انطلقت السيارة بالباشا واختفت عن الأنظار بعد أن صفعته فصاحة الغلام.
محمد محمود غدية - المحلة الكبرى