الاسم: أطفال المقابر.
الوصف: لا يمت للطفولة سوى بملامح لا يد لهم فيها, مع خليط من الشر الذى لابد منه لمواصلة حياتهم.
العنوان: ليس لهم عنوان مقبرة بعينها، فهم موجودون فى معظم مقابر السيدة نفيسة, والسلام فى مدينة نصر, وباب النصر, والإمام, و6 أكتوبر، كما أنهم موجودون فى الإسكندرية ومعظم المحافظات.
هم أطفال، ولكن شبوا وترعرعوا وسط الأموات، لا يلعبون ولا يخافون لا من أموات ولا أحياء، فى إحدى مقابر القاهرة التقيناه, قال: اسمى يحيى وبس، وعندى «14 سنة»، يحيى الذى رفض ذكر اسمه كاملا, حكى قصته: من يوم ماوعيت على الدنيا وأنا عايش هنا, أكلنا هو اللى بيوزعه أهالى الميتين, وزى ما يرزق ربنا بقى، فطير, برتقان, يوسف أفندى, قرص، أى حاجة, ساعات بناكلها وساعات بنلمها ونبيعها لو محتاجين فلوس ومش جعانين, وأول ما بنشم ريحة جنازة, أو حتى زيارة بنلبد لهم, وعودناهم ميدوناش أقل من جنيه, علشان نطلع لنا آخر اليوم بمبلغ محترم يعنى مرة خمساية ومرة عشرة ومرة خمستاشر, هوه الجنيه بقى بيجيب حاجة؟! فى المواسم بقى بتتبشبش, يعنى فى رجب وشعبان الواحد مننا، ممكن يطلع له بـ30 , 40 جنيه فى اليوم ده غير الأكل.
يحيى الذى يحيا فى المقابر, لا يكتفى هو وأصحابه وجيرانه من «الأطفال» بهذا القدر وإنما يبحثون عن أى شىء يمكن أن يزيد دخلهم, وفى «أعمال السحر» وجدوا ضالتهم، يقول يحيى: بييجى هنا دجالين كتير, وكمان الناس اللى بيتعاملوا معاهم, ساعات بتيجى لى ست مطلوب منها إحضار ضرس ميت أو ضافره لاستخدامه فى العمل, أو أى أعضاء تانية, أو حتى ملابس الميت وأحيانا «تراب» من تحت الميت, وأنا طبعا اللى بقوم بالمهمة, من أول فتح القبر وحتى نبشه, وبسلّم المطلوب وباستلم المعلوم، ولكل مطلوب سعر, وساعات الدجال بيطلب من الراجل أو الست دفن عمل فى مقبرة, يعنى مثلا مرة جاتنى ست سحرت لراجل علشان يتجوزها, وطلب منها الساحر تدفن طوبتين محفور عليهم كتابة فى المقبرة, والعملية دى بقى قام بيها واحد من أصحابى هنا.
سألنا يحيى عن آخر عمل قام بدفنه, ففاجأنا بجرأته وهو نازل المقبرةا وعندما سألته ألا يخاف الموتى أو الأشباح أجاب أنه لا يؤمن بتلك الأشياء وأن الميت ميت فلماذا الخوف منه , ولكن صديقه الصغير رد :أنا بخاف بس من الفئران اللى بتجرى فوقى وجنبى وأنا نايم فى الأوضة وسط أخواتى الستة وأمى وأبويا على الأرض.
ويؤكد يحيى أن أغلب من يلجأون إلى تلك الأعمال والدجل من المثقفين والأثرياء ،ذوى المراكز الاجتماعية المرموقة، وخاصة أن تلك الأعمال مكلفة جدا.
وأن الدجال قد يطلب من سيدة أن تقفز فى مقبرة لفك سحر أو خروج جن منها، كما شاهدنا فى فيلم الإنس والجن, وأنه يقوم بتسهيل مهمتها ومساعدتها.
نبش القبور لا يحدث فقط بغرض السحر والدجل كما يقول يحيى , وإنما أيضا لبيع الجثث لطلبة كليات الطب، ولكن ذلك لا يقوم به الأطفال، فوالد يحيى كما يحكى هو عن أبيه, يحصل على مبالغ طائلة من خلال ذلك، وأنه يرغب فى أن تأتيه الفرصة ليفعل ذلك أيضاً عندما يكبر، خاصة أن ذلك لا يتكرر كثيرا، الحفلات التى تقام فى تلك المقابر أيضا هى من أكثر الوسائل التى تزيد دخل يحيى ورفاقه, حيث يدفع صاحب الحفلة مبلغا للغفير مقابل ذلك، والأطفال يخدّمون عليهم، غير أن الغفير أحيانا يقوم بتأجير حجرة من المقبرة ليوم أو أكثر وربما لشهور إذا تأكد أن أصحاب المقبرة لن يمروا.