تداعيات قرار المحكمة الدولية بتوقيف الرئيس عمر البشير

الخميس، 12 مارس 2009 10:32 م
تداعيات قرار المحكمة الدولية بتوقيف الرئيس عمر البشير ندوة المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط - تصوير عمرو دياب
كتب محمود محيى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تبدو خريطة المواقف الدولية من السودان، خاصة منذ تدويل أزمة دارفور وصولا إلى ملف المحكمة الجنائية الدولية، أقرب إلى منحنى الثبات، حيث لا يزال الموقف الدولى منقسما على نفسه فى هذه القضية.

جاء ذلك فى ندوة عقدت بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط.
قال الدكتور محمد شفيق زكى، رئيس المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، إنه من الصعب أن نتوقع عدالة من تلك المحكمة التى انعقدت لمحاكمة الرئيس السودانى، فى حين أنه لم توجه أية اتهامات للمسئولين عن الجرائم التى ارتكبت فى العراق، والممارسات الإجرامية فى غزة وكافة الأراضى الفلسطينية، كما أنه من الضرورى أن ندرك أن فقدان الثقة فى هذه المحكمة وفى عدالة المنظمات الدولية المعنية، إنما هو نتيجة طبيعية لسيطرة القوى الدولية التى تحرص على تسخير بعض قواعد القانون الدولى لتصير أكثر استجابة لمصالحها السياسية، وبحيث يؤدى تطبيق تلك القواعد إلى تكريس هيمنة تلك القوى فى النظام الدولى.

وأضاف زكى أنه بالرغم من اقتناعنا بازدواجية المعايير الدولية، إلا أن الدفع بذلك فى مواجهة قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يكون مفيدا بدرجة كبيرة، ولن تجدى الذرائع فى مواجهة الأزمة القانونية التى يواجهها السودان، كما أن المظاهرات وزيارات التأييد والمساندة وإن كانت مطلوبة، إلا أن الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات قانونية تتفهم أبعاد ودوافع قرار المحكمة وتسعى لتدراك سلبياته.

وأشار زكى إلى أن هناك أطرافا خارجية وداخلية وراء تفاقم مأساة دارفور، وهناك الكثير من علامات الاستفهام حول ممارسات العديد من المنظمات الدولية العاملة هناك ، إلا تلك الأزمة والمأساة يجب أن تواجه بسياسات أكثر جدية. قال الدكتور أحمد الرشيدى، أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، إنه بالرغم من وجود بعض الملاحظات على المحكمة الجنائية الدولية وعلى أدائها، إلا أنها مكسب وإضافة لحقوق الإنسان وللشعوب التى عانت كثيرا من الظلم والاستبداد، وكلنا أمل أن هؤلاء الحكام الذين لم تطلهم يد العدالة إلى الآن عندما تتغير الأوضاع الدولية ستطولهم وسيأخذون عقابهم.

دافع الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى والعلاقات الدولية بكلية الإعلام جامعة القاهرة، عن قرار المحكمة الجنائية الدولية لقرار توقيف البشير، قائلا إن كل القانونيين الدوليين كانوا يتأكدون من تلك النتيجة وصدور ذلك القرار هو النتيجة الطبيعية للقادة الذين يرتكبون جرائم إبادة جماعية ضد شعوبهم، لا تقل فظاعة عن جرائم الحرب، فالعطش والجوع والجفاف والاغتصاب الجماعى الذى أسفر عن مقتل أكثر من 300 ألف دارفورى أى بمعدل موت 300 شخص كل شهر لا فرق بينها وبين جرائم الحرب، وأضاف أنه عندما يتحدث الرأى العام عن أن السودان دولة ليست طرفا فى المحكمة وبالتالى لا يجوز إصدار قرار ضد رئيسها، فعلى هذا الرأى العام أن يعلم الهدف الرئيسى للقرار 1593 الخاص بمجلس الأمن هو تحقيق السلم والأمن الدولى، كما حدث من قبل فى يوجوسلافيا عام 1993 ورواندا وغيرها، وبالتالى هذا القرار هو سليم وتأكيد على ذلك عندما سلمت لجنة التحقيق وتقصى الحقائق برئاسة "انطونيو كاسيس" تقريرها للمحكمة، قالت إنه لا توجد جرائم حرب ولكنها جرائم ضد الإنسانية ترقى إلى أن تكون جرائم حرب وجرائم إبادة، وأيضا تقرير لجنة جامعة الدول العربية برئاسة السفير سمير حسنى عندما قدمت تقريرها للجامعة حذره الأمين العام لجامعة الدول العربية أن تقديم ذلك التقرير للأمم المتحدة سيهدد السلم والأمن والاستقرار فى السودان لما يحتويه من كوارث ضد الإنسانية.

من جهة أخرى، قال هانى رسلان، رئيس برنامج دراسات السودان بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تلك الأزمة عقدت عن عمد وما يحدث هو مؤامرة وتخطيط سياسى تم مسبقا وبتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإنه لم تحدث إدانة واحدة لعمليات القتل الجماعى الذى تم من الهواء عبر الطائرات ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، وأضاف أن الأرقام التى أعطيت عن عدد الضحايا والقتلى فى دارفور والتى تزيد عن 300 ألف هى أرقام غير صحيحة، وحتى ولو كانت ناتجة من تقارير تابعة للجان تتبع الأمم المتحدة نفسها، وذلك لعدم دقتها، فكيف يتم ذلك فى منطقة مثل دارفور تبلغ مساحتها نصف مليون كيلو متر مربع أى نصف مساحة مصر وبها طبيعة جغرافيا شديدة الصعوبة ويسكن بها أكثر من 26 قبيلة والحكومة نفسها لا تعرف أعدادهم حتى الآن ومن هو السودانى من التشادى .

أشارت الدكتورة آمال الطويل، الخبيرة بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إلى أن خريطة التفاعلات المترتبة على قرار توقيف البشير غير ناضجة حتى اللحظة الراهنة، وتثير عددا من الإشكاليات على الصعيدين المحلى والدولى فيما يتعلق بسبل الخروج من نفق الأزمة.. فعلى الصعيد المحلى بلورت الحكومة السودانية موقفها فى رفض الاعتراف أو التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وقد أدى ذلك إلى تصعيد التوتر ضد السودان على الصعيدين السياسى والإعلامى العالمى، أما عن الصعيد العالمى فعدم الاعتراف باختلال موازين العدالة العالمية بين الحالتين السودانية والعراقية، فمع أن كليهما قد عانى من انتهاكات لحقوق الإنسان بما فيها جرائم الحرب، إلا أن تفعيل المسئولية الجنائية يتم فى اتجاه السودان وحده ويتجاهل الانتهاكات الأمريكية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة