عنوان براق، و11 جلسة و80 بحثا، وأكثر من 100 شخصية دينية من بلدان العالم.. وحده المؤتمر السنوى الـ21 للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، استطاع أن يجمع هذه المعادلة الصعبة، فالمؤتمر الذى حمل عنوان «تجديد الفكر الإسلامى» اعتبره البعض، وعلى رأسهم مقرره الدكتور محمد شحات الجندى، محفلا دينيا هاما، يأتى فى لحظة فارقة بعدما ازدادت الإساءات والشبهات حول الإسلام، فيما استغله آخرون للتنديد بقرار اعتقال البشير، إلا أن العنصر الوحيد الذى غاب عنه هو كيف يمكن أن نخلق «آلية»حقيقية لهذا التجديد الدينى.
المنصة التى شهدت المناقشات والأبحاث، لم تكن تبشر بإجابة لهذا التساؤل، فالشخصيات التى تحدثت لم تتغير عن المؤتمرات السابقة وفى نفس الموضوع، فمنذ أحداث 11 سبتمبر والعالم الإسلامى ينعقد به ما يقرب من ثلاثة مؤتمرات سنويا، تطالب بتجديد الفكر الإسلامى، إلا أن النهاية لا تخرج سوى بنفس المطالب بوضع «آليات» لم يشرح أحدهم من الذى يفعلها، أو حتى يحاسب عليها بتوصيات تواكب الأحداث السياسية، مع إشارة خفيفة لبعض الدينية الإصلاحية، وهو ما خرجت به التوصيات النهائية فى البيان الختامى للمؤتمر الأخير، الذى لم يدع إليه أى من رجال الدين أو الدعاة من خارج المؤسسات الرسمية، رغم أنهم يدخلون أيضا فى دائرة المتعاطين مع الفكر الدينى، ولهم شعبية لا تنكرها عين، وهو الأمر الذى برره أحد القائمين على المؤتمر بأن المؤتمر مناسبة رسمية، ويدعو كل من له هذه الصفة دون تفرقة، مؤكدا على عدم وجود موقف مضاد من هؤلاء، فمساحة الحوار دائما تشمل أى تيار.
ليست الشخصيات وحدها هى المؤشر لغياب الفكرة ومضمونها عن كل ماقيل داخل المؤتمر، ولكن بعض آراء المشاركين حملت هذا المفهوم، فكان التصريح الأبرز للدكتور نصر فريد واصل، مفتى مصر السابق رافضا فصل الدين عن السياسة، لأنه مفهوم خاطئ، فى رأيه، بدعوى أنه السبب فى الأزمة المالية العالمية، كما لم يفوت الدكتور محمد عمارة فرصة تقديم ورقة بحثية فى المؤتمر، ليعيد هجومه على العلمانية الغربية التى تنزع القدسية عن التراث الدينى، وكلاهما بذلك، واصل وعمارة، لم يضف جديدا فهى آراء قديمة خلا منها التجديد.
وعلى الرغم من أن قضية المذاهب وباعتراف الكثير من رجال الدين هى إحدى النقاط الخلافية الكبرى فى العالم الإسلامى، وتكاد تكون سببا فى انقسامه، إلا أنها لم تحظ خلال المؤتمر سوى بنقطة واحدة يتيمة فى أحد محاور المؤتمر الستة، ولا يزيد نصيبها فى الأبحاث عن ثلاثة، بل وكاد المؤتمر نفسه أن يأخذ طابع المذهبية بعد غياب إيران، لولا أن حضور ممثلين عن شيعة لبنان والعراق أنقذ هذا الموقف، وهكذا بدت قضية المؤتمر الرئيسية وهى «التجديد» فريضة غائبة، بسبب عدم وجود رؤية جديدة لقضايا مثل العلمانية وعلاقة الدين بالسياسة والخلاف المذهبى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة